هو مجرد بلطجى وقاطع طريق محترف، وكان زعيم عصابة متخصصة فى سرقة المواشى، وابتزاز الأغنياء، وروع المنطقة لعدة سنوات، حتى قتله البوليس المصرى، إنه أدهم الشرقاوى، الذى قدمت السينما المصرية سيرته بشكل مغلوط فى فيلم قام ببطولة عبدالله غيث، وقدم التليفزيون العربى عنه مسلسلاً بطولة النجم عزت العلايلى عام 1986، وأنشد المطرب الشعبى محمد رشدى حكايته فى شكل فلكلور شعبى ليتغنى بقصته كل طبقات الشعب، وهو فى الحقيقة كان على غير ذلك تمامًا. ولد أدهم الشرقاوى فى عام 1896، وتقول مصادر أخرى إنه ولد عام 1899، بقرية زبيدة مركز إيتاى البارود بمحافظة البحيرة، وترك دراسته بعدما حصل على الشهادة الابتدائية، وكان فاره الطول مفتول العضلات، ذو جسد رياضى، فاستغل طاقات جسده فى عمليات السرقة، وكون مع عدد من زملائه عصابة لسرقة المواشى، وقطع الطرق. شكل أدهم مع عصابته مصدر ترويع لسكان المنطقة خلال تلك الفترة، وكان يقوم بابتزاز الأغنياء من سكان المنطقة، فيأخذ منهم مبالغ نقدية ومحاصيل ومواشى مقابل توفير الحماية لهم!! فكان الضحايا يدفعون له ما يريد صاغرين اتقاء لشره، وتم القبض عليه متلبسًا وهو يقوم بسرقة مواشى (أبقار وجاموس)، وقدم للمحكمة التى قضت بسجنه ثلاث سنوات، وتم ترحيله للقاهرة لقضاء عقوبة السجن فى ليمان طره. وهو فى السجن زاره والده، وأخبره بأن عمه قتل، وأن من قتله حكم عليه بالسجن، وموجود معه فى نفس الليمان، واسمه عبدالرءوف، وحرضه والده على قتله والثأر لعمه، لأن قاتله لم يعدم شنقاً، وفى أثناء خروج المساجين لمباشرة الأشغال الشاقة فى جبل طره، استطاع أدهم أن يتعرف على عبدالرءوف هذا، وقام بقتله بالأداة التى يستخدمها فى تكسير الحجارة. تم تقديم أدهم للمحاكمة التى حكمت عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة، وكان ذلك عام 1918، وما هى إلا شهور حتى اندلعت ثورة 1919 الشعبية بمصر، حيث سادت الفوضى فى كل مكان، وتم اقتحام عدة سجون وتسريح نزلائها، وكان من بين من تمكنوا من الفرار خلال هذه الظروف أدهم الشرقاوى، الذى اتجه للإقامة فى الخلاء، وأعاد تشكيل عصابته بعدما أصبح مجرمًا من أصحاب السوابق، وتمادى فى إجرامه وسرقاته التى نشرت الرعب بين سكان المنطقة. الحدث الذى قام به أدهم وبسببه جعله (أهله وأصحابه) بطلاً، هو تعطيله لقطار إنجليزى قادم من الإسكندرية متجهًا إلى القاهرة، فقد كان القطار محملاً ببضائع وذخائر وأسلحة من التى تنزلها السفن البريطانية فى ميناء الإسكندرية، ورتب أدهم للسطو عليه والاستيلاء على جزء من حمولته، ونجح هو وأصدقاؤه فى فك أحد قضبان السكة الحديد، مما أدى لتوقف القطار وتعطله، فقام أدهم وعصابته باقتحام القطار والاستيلاء على كل ما يمكن أن ينتفع به من حمولته، واستولى على كمية ضخمة من الأسلحة والذخائر بشكل يزيد كثيرًا عن حاجته، فقام بإلقائها على مشارف القرية، وأشاع أنه استولى على هذه الأسلحة لتوزيعها على الفلاحين لمقاومة المحتل الإنجليزى. بعد ذلك زادت سطوة أدهم بشكل مخيف، حيث كان يقتحم قصور الأغنياء نهارًا ويطلب منهم مالاً ومتاعًا تحت تهديد السلاح، وقام بالسطو على محلج إيتاى البارود واستولى على ما فى خزانته من أموال كانت معدة لصرف مرتبات العاملين، ومارس شتى أنواع البلطجة على المواطنين الأبرياء. إزاء خطورته المتناهية، اهتمت وزارة الداخلية بضرورة القبض عليه وتصفيته جسديًا، ولما كان يعيش فى الخلاء ويسكن الزراعات والخرائب، ومن الصعب تحديد مكانه بسهولة فى ضوء الإمكانيات المتاحة خلال هذا الزمن، استعانت الداخلية بأحد قطاع الطرق السابقين، الذى قام باستدراجه لمنطقة آهلة بالسكان، حيث انقضت قوات البوليس المصرى من كل ناحية وتمكنت من قتله، وكان ذلك فى مثل هذا اليوم عام 1921، وكان عمره وقتها 22 سنة، وقيل 25 سنة. من الذى جعل من هذا المجرم بطلاً، وبطلاً شعبيًا تتناقل الأجيال بطولاته التى لا أساس لها؟ ومن الذى ابتدع هذه القصص البطولية الرائعة المحبوكة عنه؟ خاصة شخصية بدران التى اقترن أدهم بها، وهو ذاك الصديق الخائن الذى باعه للإنجليز فقتلوه، رغم أن الذى قتله هو البوليس المصرى، وقصته من أولها لآخرها لا يوجد بها شخص اسمه بدران؟؟ وراء هذا التزييف أحد رجال أسرة الشرقاوى، وهو المستشار فتحى الشرقاوى، الذى تولى وزارة العدل فى 8 أكتوبر عام 1961 حتى 25 مارس عام 1964، وهو الذى استغل نفوذه فى ترويج قصة اللص وقاطع الطريق ليكون بطلاً، واستند على واقعة القطار الإنجليزى الذى تسبب فى تعطيله، رغم أن أدهم عطله لسرقته كلص وقاطع طريق وليس كعمل بطولى فى مجال مقاومة المحتل. قالت عنه مجلة اللطائف المصورة بعد مقتله: "المجرم الأكبر الشقى الطاغية أدهم الشرقاوى بعد أن طارده رجال الضبط والبوليس واصطادوه فأراحوا البلد من شره وجرائمه".