لا يخلوا أمر المرشح الرئاسي السابق والزعيم الناصري حمدين صباحي من أحد أمرين : إما انه مصاب بداء "الزهايمر السياسي " أو أنه يراهن على أن الشعب المصري مصاب بهذا الداء ، فينسى بسرعة البرق أقواله ومواقفه السياسية فما قاله بالأمس يأتي بنقيضه اليوم والمبادئ يؤمن بها في الصباح يكفر بها في المساء .... ! عندما خرج حمدين صباحي من مكتب الرئيس مرسي قبل شهر من الآن ضمن سلسلة لقاءات الرئيس بالقوى الوطنية اتجه مباشرة لبرنامج 90 دقيقة على شاشة المحور مع عمرو الليثي ومما قاله في ذلك البرنامج أنه قدم للرئيس مجموعة من المطالب وعلى رأسها تحقيق العدالة الاجتماعية وعقّب صباحي على ذلك : " انه يعتقد اعتقادا جازما - والكلام لحمدين صباحي - بأن الرئيس لن يقدر على ذلك لأنه عاجز ، ومنبع العجز أن لإخوان غير قادرين على إقرار مطالب العدالة الاجتماعية لأنهم ينطلقون من خلفية سياسية عاجزة وسياسيتهم الاقتصادية مبنية على تقديس رأس المال وتحصين رجال الأعمال ولا تختلف أيدلوجيتهم عن أيدلوجية الحزب الوطني .." !!؟ وصرح حمدين صباحي لقناة او ن تي في أيضا : " لقاء الرئيس مع القوى الوطنية غير مجد " - طيب يا عمّ حمدين... أنت قلت ما قلته ثم تطالب الرئيس الآن بأن يشاورك في قضية الإعلان الدستوري ؟؟ كيف يستقيم الأمر ؟؟ الآن يأتي حمدين صباحي ليلوم الرئيس مرسي لأنه لم يشاور القوى الوطنية في قضية الإعلان الدستوري ؟؟ كيف يقوم بذلك وأنت قد أعطيت حكما مسبقا على أي مسعى يبذله الرئيس في أي قضية ولم تظهر تجاوبا ولو من باب اللباقة ؟! يا صباحي كيف يشاورك الرئيس في ظل هذا الجو الملبد بسوء الظن وفي ظل صدور الأحكام الجاهزة والمسبقة ؟؟ هل ما قلته عند عمرو الليثي على شاشة المحور ومن على منابر أخرى يشجع الرئيس على استشارتك وأنت تحمل معول الهدم لردم كل ما يقترحه الرئيس ابتداءً ؟؟ كيف يمكنك الحكم على الرئيس ونسف أي مبادرة من اجل الوصول إلى نتيجة في القضايا المتشاور حولها ؟؟ ثم تلوم الرئيس على أنه لم يشاورك في قضية الإعلان الدستوري ؟؟ - من جانب آخر، إذا كانت جماعة الإخوان فيها جينات وراثية تحمل بصمات رأسمالية متوحشة ، فلما تحالفت معها في انتخابات مجلس الشعب ؟! فقد تحالفت معهم سياسيا وحتى انتخابيا في إطار ما يسمى بالتحالف الديمقراطي ، ألم تعلم حينها أن جماعة الإخوان ذات مشروع رأس مالي متوحش وخصوصا أنك قلت بأن أيدلوجيتهم الفكرية لا تحمل أي تصورات لتحقيق مطالب العدالة الاجتماعية ...!؟ - صباحي يطالب ويلح الآن على التوافق في الدستور و يصّر على أن الطريقة التي قُدم بها الدستور تعبر عن أحادية الفكر والسياسة .. ربما نسى السيد حمدين البيان الذي أصدره مباشرة بعد خروجه من لقاء الرئيس ومما جاء فيه : ضرورة أن يتضمن الدستور مادة نصها :"مصر جزء من الأمة العربية وتسعى لوحدتها ... " وهنا يُطرح السؤال على صباحي : من يبحث عن التوافق هل يفرض رأيه بهذه الطريقة من منطلق انه قومي أو ناصري ؟؟ فهل من أبجديات التوافق أن يفرض المرء مادة في الدستور تعبر عن انتمائه ؟؟ ماذا لو طالب الإسلاميون بمادة تنص على أن مصر جزء من الأمة الإسلامية وتسعى لوحدتها .. فهل ستقبل بذلك..؟؟ أم انك ستتهم الداعين إلى ذلك بالدعوة إلى عودة دولة الخلافة ؟! على الأقل من تتهمهم اليوم بسلق الدستور و بالاستحواذ وبأنهم اخرجوا دستورا لا يعبر عن جميع طوائف المجتمع ويعبر عن طائفة واحدة ...هم لم يضمّنوا الدستور مادة كالمادة التي اقترحتها ، وهنا يمكننا أن نتساءل من هو الذي يفصل الدستور على مقاسه ؟؟ الواقع ان حمدين صباحي مواقفه متضاربة ومضطربة ومتناقضة ، كان إلى وقت قريب يطالب بالقصاص لدماء الشهداء وبتطهير القضاء وكان مع المطالبين بإقالة النائب العام في بداية الثورة ويطالب بعزل فلول النظام السابق ولكنه اليوم يقيم مناحة لأجل النائب العام ، بل ويذهب للقائه في زيارة مشبوهة ، ويزيد على ذلك ويعانق الفلول في ميدان التحرير ... !! حمدين صباحي مباشرة بعد نهاية الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة صرح قائلا: انه لن يتحالف مع الاستبداد الديني ( يقصد مرسي ) والاستبداد السياسي ( يقصد شفيق ) ونسى انه قبل أشهر كان متحالفا مع الاستبداد الديني وسمح له هذا التحالف بنجاح 7 نواب من حزب الكرامة ..؟؟ ما لا يعرفه الكثيرون هو أن سر هذا التحول المفاجئ في سلوك حمدين صباحي مردّه إلى حالة الذهول التي أصابته بعد نتيجة الانتخابات الرئاسية ، فلم يصدق نفسه و تملكته مسحة من الغرور والإعجاب بالنفس ، وزينت له جماعة خالد يوسف و من لف لفه أن عدائه للتيارات الإسلامية هو من سيجلب الأصوات المتبقية لكي يصبح رئيس مصر القادم ... !؟ ولأن صباحي مصاب بالزهايمر فقد نسي أن وسطيته واعتداله و انتهاجه لسياسة قبول الآخر وابتعاده عن خطاب الاستئصال والتخوين والمكايدة السياسية هي من سمحت له بأن يكون الحصان الأسود لانتخابات الرئاسة الماضية ، وأن علاقته مع الإسلاميين الطيبة عندما تقاسم معهم مسيرة النضال ودفع معهم ضريبة النضال في السجون و حالة التضامن المتبادل التي كانت سائدة بينهم وتحالفه معهم في بداية المسيرة الديمقراطية هي من جعلته مرشحا وسطا معتدلا بالنسبة لعموم الشعب المصري في ظل حالة الاستقطاب الحاد بين الفلول ممثلين في شفيق والإسلاميين ممثلين في مرسي . لقد أثبت الواقع أن تحالفه مع جماعة الإخوان وذراعها السياسي كان من اجل التموقع السياسي فحسب ، و قد استفاد حمدين صباحي كثيرا من هذا التحالف خاصة أنه سمح له بأن يكوّن صورة ايجابية مثالية في مخيال الناخب المصري : رجل يتعايش مع جميع التيارات رجل ثوري يتبنى خطابا تصالحيا توافقيا مع الإسلاميين في الوقت ذاته كان محسوبا على التيار المدنى ، على خلاف باقي التيارات المدنية الأخرى التي بالغت في عدائها للتيار الإسلامي و غرقت في محاولة شيطنته ، وسطية الرجل -أو هكذا كان يبدو -سمحت له أن يسجل نتائج مذهلة وباهرة في الانتخابات الرئاسة الماضية والتي انتفخ كثيرا بسببها ومع تلميع الإعلام له حدث له ما حدث للبرادعي فنشأت لديه حالة من طفوح الأنا الداخلي ونرجسية فصار يرى معها نفسه زعيما وطنيا قوميا و يتصور أنه لو أجريت انتخابات رئاسية الآن فلن يفوز بها غيره ... !!؟ اصحى يا حمدين .. أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]