أكد الدكتور محمد محيى الدين - مقرر لجنة الدفاع والأمن القومى بالتأسيسية، ووكيل حزب غد الثورة - أن الاستفتاء على الدستور هو الحل الوحيد لإنهاء أزمة الإعلان الدستورى، مضيفًا أن القضاة لا يستطيعون رفض الإشراف على الاستفتاء وإلا سيتعرضون للمساءلة أمام لجان الصلاحية القضائية فى حالة الرفض . وقال محيى فى حواره مع "المصريون" إنه لديه العديد من توقيعات الكنيسة بالموافقة على مادة مبادئ الشريعة، رغم أن الأنبا بولا فضل الانسحاب فى آخر جلسة توافق سياسى، خوفًا من هذه المادة، موضحًا أن انسحاب التيار المدنى من التأسيسية "دلع" سياسى علينا أن نتخطاه، خاصة أن نسبة محددة فى مجلس الشورى ستكون ترضية مناسبة للقوى السياسية تحقن الدماء. وإلى نص الحوار ** فى البداية.. لماذا تم طرح الدستور للتصويت بهذه السرعة؟ لإنقاذ الرئيس من ورطة الإعلان الدستورى، والرعب الذى تملك حزبى الحرية والعدالة، والنور من أحكام المحكمة الدستورية، كل هذا دفع اللجنة التأسيسية بالرغبة فى إنهاء الدستور بأسرع ما يمكن قبل يوم الأحد، والذى كان المخصص لجلسة المحكمة الدستورية، فسرعة الانتهاء من الاستفتاء كانت الحل الوحيد لإنهاء أزمة الإعلان الدستورى، وتناسى الجميع أنه كان يجب أن يتم التصويت فى وجود كافة الشخصيات التى أعلنت انسحابها، أوتجميد عضويتها، والتى كان لها دور حقيقي فى إنجاز الدستور، وهذا أضاف مزيدًا من الانشقاق إلى الانشقاق الذى حدث، بسبب الإعلان الدستورى. ** وهذا ترتب عليه أزمة سياسية؟ بالطبع.. فبالرغم من أنه أصبح لدينا منتج دستورى يستحق أن يكون دستورًا لمصر، لكنه تم إنهاء الدستور بطريقة غير مرضية لطائفة كبيرة من الشعب المصرى. ** البعض يقول إننا على أعتاب حرب أهلية بسبب سيطرة الفصيل الواحد وخاصة بعد انسحاب الكنيسة والتيار المدنى...؟ مقاطعًا بغضب.. هذا كلام خطير، ولا يجوز تكراره، فنحن شعب ليس لدينا الوعى السياسى الكامل، وتكرار مثل هذا الكلام يمكن أن يؤدى بنا إلى تصديقه. ** إذًا لماذا انسحبت الكنيسة؟ ممثلو الكنيسة كانوا فى آخر جلسة توافق سياسى، والتى تم فيها الموافقة على المادة 219، وقاموا بالتوقيع معنا هم، و21 من أعضاء الجمعية التأسيسية أيضًا، لكن الأنبا بولا رأى أن ممثلى الكنيسة لا يخدمون الكنيسة داخل التأسيسية، وبالتالى كان وجهة نظر التأسيسية أن المادة 219 الخاصة بمبادئ الشريعة يمكن أن تنقلب من مبادئ الشريعة إلى أحكام الشريعة. ** وماذا عن التيار المدنى؟ أنا أعيب على الجميع فى اتخاذ قرارات الانسحاب من الجمعية التأسيسية، فالجمعية التأسيسية ليست ملكًا للحرية والعدالة، ولا لحزب النور، بل هى ملك لشعب مصر، كما أن الدستور ليس خاصًا بإخوان أو سلفيين، وبالتالى يجب على كل المصريين أن يكونوا مشاركين، لأنى عندما أنسحب لا أنسحب من بيت الإخوان أو مقر المرشد، لكنى أنسحب من مؤسسة مصرية دستورية محترمة، لذلك أنا ألوم كل من انسحب فهذا نوع من الدلال السياسى الذى يجب أن نتخطاه. ** إذا كان الانسحاب من التأسيسية نوع من الدلال السياسى.. فلماذا انسحبت...؟ مقاطعًا.. وضعى كان مختلفًا، فأنا وأيمن نور فى حزب غد الثورة كنا نقوم بدور الوسيط بين كل القوى السياسية سواء داخل التيار المدنى، أو بين التيار المدنى، وبين تيار الإسلام السياسى، وعندما تم الإعلان عن الإعلان الدستورى يوم الخميس الماضى انسحبت كل القوى المدنية، لكننا كنا مصممين أنا وأيمن نور أن نكمل لأنه الأوفق، لكن الأغلبية فى الهيئة العليا بالحزب كانت ضدنا، ورغم أن الحزب قرر الانسحاب إلا أننا فى حزب غد الثورة قمنا بعمل جلسه تشاور مع شيخ الأزهر، وقمنا بدعوة كافة القوى السياسية فى هذه الجلسة، وحصلنا على تأكيدات وتطمينات أنه لن يكون هناك مساس لمؤسسات داخل الدولة، كما تم ترتيب لقاء مع السيد الرئيس مع بعض هذه المؤسسات لإصلاح الوضع السياسى إلا أننا فوجئنا جميعًا أن التصويت سيكون الخميس والجمعة، لذلك لم يصدق أحد التطمينات التى قمنا بها، وبالتالى لم يعد أحد من المنسحبين. ** كيف يمكن الخروج من هذه الأزمة؟ الحل فى يد الرئيس والذى بيديه صلاحيات كثيرة، وذلك بأن يقوم بعمل توافق وطنى، أو على الأقل ترضية حقيقية لبعض القوى الوطنية. ** وكيف تكون هذه الترضية؟ بأن يقوم الرئيس مرسى بتعيين ثلث أعضاء مجلس الشورى من القوى السياسية والشخصيات العامة بأقصى سرعة قبل الاستفتاء على الدستور، فأعضاء مجلس الشورى الحالى معظمهم ينتمون لحزبى الحرية العدالة والنور، وبتعيين هذه القوى داخل المجلس سيحدث توازنًا سياسيًّا داخل المجتمع، لأن مجلس الشورى سينوط به سلطة التشريع منفردًا لمدة تقترب من خمسة أشهر، كذلك يمكن أن يقيم الرئيس حوارًا وطنيًّا حقيقيًّا، ليشرح للشعب آلية اتخاذ القرار فى مؤسسة الرئاسة، خاصة عندما فهم الجميع أن نائب ومستشارى الرئيس لم يكونوا على علم بالإعلان قبل صياغته، وبالتالى ستكون هذه مبادرة إيجابية من الرئيس تحقن الدماء داخل المجتمع. ** كان هناك مشادة حدثت بينك وبين المستشار الغريانى على المادة 207 الخاصة بالمجلس الاقتصادى؟ بالفعل.. فالمادة خرجت من لجنة الهيئات المستقلة، والأجهزة الرقابية بدون نسبة عمال وفلاحين، لذلك فلا يجوز مطلقًا أن يوجد بها نسبة عمال وفلاحين، فالمجلس يقوم على وجوب تمثيل متوازن لكل أطياف المجتمع، فالمجلس يأخذ رأيه بأى قانون أو تشريع له أثر اقتصادى، أو اجتماعى، وبالتالى العمال والفلاحون ممثلون بصورة كبيرة بقدر عدد نقابتهم واتحاداتهم، وهذه النسبة تم النص عليها لدغدغة مشاعر البسطاء، وهى نسبة فاشلة، وفاسدة يتم استغلالها، وقد تكرر هذا فى المادة الانتقالية الخاصة بنسبة العمال والفلاحين فى مجلس النواب. ** الدكتور الغريانى كان يقوم بتوجيه المصوتين حتى يتراجعوا عن اعتراضهم؟ اتفق معك.. كان هناك نوع من التوجيه غير المباشر، لكن اللوم لا يلقى على رئيس الجمعية التأسيسية، وإنما يتم توجيه اللوم للسادة الأعضاء الذين اعترضوا ثم تراجعوا، فأما أنهم غير فاهمين للمواد التى اعترضوا عليها، أو هم تراجعوا رغم فهمهم للمواد، ولذلك أؤكد على أن التصويت المتسرع أساء للدستور، رغم أنه دستور محترم. ** نائب الرئيس كان مطلبًا شعبيًّا ورغم هذا لم ينص الدستور على وجود نائب للرئيس؟ لم يكن مطلبًا شعبيًّا على الإطلاق، لكنه كان مطلبًا للحرية والعدالة، وقمنا برفضه، ورفضته لجنة نظام الحكم، لكننا فوجئنا أنه يعرض فى الجمعية العامة، لكنه تم رفضه بكل قوة، وتم حذف هذا المقترح، لأن وجود نائب الرئيس فى نظام مختلط يعنى أن الرئيس بإمكانه أن يلتف حول الدستور. ** ولماذا النظام المختلط؟ لأن النظام البرلمانى سيأتى بحزبين يتم التبادل بينهم، وفى الوقت الحالى سيتم التبادل بين حزب النور، وحزب الحرية والعدالة، وبذلك لن يحدث تنوع سياسى، أما النظام الرئاسى يتطلب رئيسًا ديمقراطيًّا، وبرلمانًا قويًّا ليقف ضد صلاحيات الرئيس، وتجارب الرؤساء السابقين دفعنا لاختيار النظام المختلط لأنه الأفضل. ** الفقهاء الدستوريون انتقدوا المادة الخاصة بتعيين رئيس الجمهورية لرؤساء الأجهزة الرقابية؟ الرئيس هو رأس السلطة التنفذية، وله سلطات محددة، أما إدارة الدولة الداخلية فهو فى يد الحكومة، والحكومة تُسأل أمام البرلمان، فالبرلمان هو الذى سيراقب أعمال الحكومة، ويراقب عمل كل مؤسسات الدولة المتنوعة، وهذا النظام مطبق فى الولاياتالمتحدةالأمريكية، وفى معظم دول العالم، حيث يقوم الرئيس بتسمية رئيس الجهاز الرقابي، ويذهب هذا المسئول إلى مجلس الشورى فى جلسة اجتماع، ويعرض أفكاره، إّذا كانت أفكاره ملائمة يتم الموافقة عليه، وإذا أجمع مجلس الشورى أنه غير مناسب يقوم الرئيس باقتراح اسم آخر، وهكذا الرئيس يكون غير مسئول بتنفيذ سياسات الحكومة، ومجلس الشورى لا يراقب عمل الحكومة وبالتالى هذا نوع من التحرير لروساء الأجهزة الرقابية. ** وماذا عن إلغاء الإشراف القضائى على الانتخابات؟ كل ثلاثة أعوام هناك تجديد نصفى لمجلس الشورى، وكل أربعة أعوام لدينا انتخابات رئاسية، ومحليات وشورى، فهل يجوز كل عام أقوم بتعطيل القضاء، ونحن لدينا30 مليون قضية بالمحاكم، بالإضافة أن وجود القاضى على الصندوق جعله خصم وحكم، فمطلوب منه أن يحكم فى خصومة سياسية، وهذا انتقص من القضاة، لذلك قمنا باختيار النموذج المحترم المطبق فى كل دول العالم، وهو نموذج المفوضية الوطنية للانتخابات. ** الكثير يتساءل.. لماذا تم تخفيض عدد قضاة المحكمة الدستورية، وهل هذا نوع من الانتقام السياسى؟ المحكمة العليا، هى المحكمة الوحيدة فى العالم غير المحدد لها عددًا فى القانون ولا الدستور، وهذا سبب إشكالية الشبهة السياسية، فعندما يكون لديك 19 قاضيًّا يمكن توزيع سبعة قضاة لينين فى قضية ما، وسبعة أشداء لقضية أخرى، وهذا يكون فيه شبهة استغلال سياسى، لذلك قررنا داخل التأسيسية أن ننأى عن المحكمة الدستورية هذه الشبهة، فالمحكمة الدستورية محكمة عريقة يجب أن نحافظ عليها، ولا نقوم بالانتقاص من دورها. ** كيف ترى الدستور؟ الدستور يصلح لأن يكون نقطة انطلاق لدولة مؤسسات ودولة ديمقراطية، فهو دستور محترم فى الحقوق والحريات، و فيما يخص نظام الحكم، رغم أنى كنت أتمنى أن تكون بعض المواد أفضل من ذلك، خاصة بعض المواد الانتقالية، فكنت أتمنى ألا يكون لها وجود مثل مادة العزل السياسى، والمادة الخاصة بنسبة العمال والفلاحين. ** كنت مقرر لجنة الدفاع والأمن القومى، فما الأهداف التى تحققت فى هذا الدستور؟ كان لدينا ثلاثة أهداف داخل اللجنة، وقمنا بتحقيقها فى مشروع الدستور، الهدف الأول أن تظل القوات المسلحة كما كانت غير مسيسة، والهدف الثانى ألا نسمح للساسة بتحزيب القوات المسلحة وانقسامها حزبيًّا وأيديولوجيًّا، الهدف الثالث مراعاة المصلحة والظروف الحالية. ** إذا رفض القضاة الإشراف على استفتاء الدستور.. كيف سيكون الوضع دستوريًّا؟ يجب أن تعلمى.. أن القضاة لا يستطيعون رفض الإشراف على الاستفتاء، فهذا عمل نصه الدستور والقانون للقضاة، ومن ثم فهذا جزء من صميم عملهم القضائى لا يجوز لهم أن يتراجعوا عنه، وبالتالى يعتبر رفض القضاة الإشراف على الاستفتاء إضراب عن العمل، يترتب عليه مساءلتهم أمام لجان الصلاحية القضائية.