البرادعي كشف عن وجهه الحقيقي خلال الأيام الماضية بتصريحاتِه إلى صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية والتي هدَّد فيها باللجوء إلى العنف إذا لم يتراجع الرئيس محمد مرسي والتيار الإسلامي عن الدستور، متهمًا القوات المسلحة المصرية بإفساد المرحلة الانتقالية لإجرائها الانتخابات البرلمانية التي أسفرت عن فوز الإسلاميين بأغلبيةٍ ساحقةٍ. قطعًا تصريحات البرادعي تكشف القناع الحقيقي الذي توارَى خلْفَه أنه ديمقراطي ويسعَى لتغيير بلاده من الاستبداد إلى الحرية فإذا به يَهْدم كل ذلك ويصبح "إرهابيًا كبيرًا" يستقوي بالخارج؛ حيث سبق أن حرَّض الجيش على الانقلاب على السلطة وطالب بالتدخُّل الأجنبي في شئون مصر الداخلية. قطعًا لجوء البرادعي للعنف تحريض واضح للشباب على ممارسة العنف الذي لا يتماشى مع أبسط مفاهيم الديمقراطية ولا يمثِّل أي شكل من أشكال التحضُّر التي كان البرادعي يتغنَّى بها. لقد أصبحت محاسبة البرادعي على مثل هذه التصريحات التى تدعو إلى حرب أهلية فى البلاد أمرًا ضروريًا من الناحية القضائية، خاصةً وأنَّ هناك معلومات تؤكِّد ارتباطه بمجموعات البلطجية التي مارست العنف والحرق في شارع محمد محمود ومحيط السفارة الأمريكية، وبالإضافة لحرق مكتب الجزيرة بميدان التحرير. وكان يجب على البرادعي- الذي انقلب فجأةً على الشرعية- أن يعلم أن مصلحة الوطن أغلى من مصالحه الشخصية وأنَّ الجماهير المصرية شَبَّت عن الطَّوْق؛ فهي لا تقبل الوصاية من أحد، ومصر ليست غنيمة يتقاسمها الفرقاء.. والشعب لن يسكت عمَّا يفعله هؤلاء من مهاترات يُراد فيها إغراق الوطن وإشعال الفتنة بين جنباته من مظاهرات أو مسيرات لقصر الاتحادية فالتظاهر السلمي حقٌّ مكفول لكل مواطن، ولكن في نفس الوقت يجب على مَن يتظاهر- فضلاً عن أن يكون تظاهره سلميًا وتعبيره عن وجهة نظره بطريقة حضارية- أن يكون بعيدًا عن التخريب واستخدام العنف. كذلك يجب عليه أن يتخذ التدابير والاحتياطات اللازمة بحيث لا تُستغلّ هذه التظاهرات في البلطجة وأعمال العنف والتخريب. كان يجب على البرادعي ومَن معه الانصياع للاختيار الشعبي، واحترام أصول الديمقراطية التي جاءت برئيسٍ شرعيٍّ منتخب؛ حيث إنه ليس من المنطقي الدعوة إلى الثورة عليه أو إلى إسقاطه. كما يتعيَّن على تلك القوى أيضًا أن تحترم آليات الديمقراطية وتسلك الطرق الشرعية للمعارضة، وهي في هذه الحالة أن تقوم القوى المعارضة بحشد مؤيديها لرفض الدستور والتصويت ب"لا" ضدَّه، ما دامت مقتنعة بأنَّه دستور لا يعبِّر عنها وضد قناعاتها. في المقابل على التيارات الداعمة للدستور حشد مؤيديها لدعمه والتصويت ب"نعم" له، وعليها إقناع المتحفظِّين والمتردِّدين بدعم هذا الدستور والموافقة عليه وشرح مزاياه؛ فهو دستور يُنشِئ سلطات متوازنة ويقلِّص من سلطات رئيس الجمهورية في مقابل سلطات أكبر للشعب من خلال البرلمان فى التشريع والرقابة وسلطة اتخاذ القرار. والحمد لله نحن أمام أول دستور يعطِي حريات لا محدودة للمواطن المصري ويحفظ الكرامة الإنسانية للمصري وغير المصري، كما أنَّه فتح الباب واسعًا لكي يمارس المواطن حقوقه السياسية والتعبير عن فكره ورأيه بحريةٍ كاملةٍ، وتلك هي أبجديات الممارسة الديمقراطية الصحيحة.