دعا الإسلام إلى المعارضة والأخذ على يد الظالم، بل أوجبها على المُستطيع، ونهى عن السكوت والخنوع، ولعنَ الله بنى إسرائيل فى القرآن لأنهم "كانوا لا يتناهَون عن منكر فعلوه"، فلم يُربى محمد - صلى الله عليه وسلم - أتباعه على متابعة الأحداث فقط ، بل دعاهم إلى تغيير مَجرى الحياة بردها إلى الخير ما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا، فقال صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان"، بل جعلَ المُعارضَ النزيه الشريف مثالًا يُحتذى به فقال صلى الله عليه وسلم: "سيد الشهداء حمزة ورجل قام عند إمام ظالم فأمره ونهاه فقتله". وتربى أبو بكر الصديق - رضى الله عنه - فى مدرسة النبوة فكان رضى الله عنه أول من سن سنة الإلحاح على الرعية فى مراقبة الحاكم، ومحاسبته ومعارضته، حيث قال فى أول بيان له بعد تولية إمارة المسلمين: "إنى قد وُليت عليكم ولسْتُ بخيركم فإن أحسنتُ فأعينونى وإن أسأت فقومونى". يرى كثير من الباحثين أن المنافقين و المبرراتية والمؤيدين هم الذين يصنعون المُستبد، ولكن أثبتتْ التجربة المصرية الحديثة بعد ثورة 25يناير أن هناك صنفًا آخر يصنع المستبد بل يضطره إلى ذلك، يتمثلُ فى المعارضة التى تعارض من أجل المعارضة، والتى تريد أن تحرق الأرض تحت الآخر المخالف دون مُراعاة لمصالح الوطن. *أرى وكأن بعض المعارضة المصرية اتفقت على السيناريو التالى: 1-التشكيك فى شرعية الرئيس (الانتخابات مزورة ، جاء الاتفاق مع المجلس العسكرى أيام شهر العسل، جاء الاتفاق مع أمريكا). 2-التشكيك فى كل قراراته سواء صائبة أو خاطئة (مكتب الإرشاد يحركه ، لا يمتلك إرادته وقراره). 3- مخالفة الرئيس فى كل ما يقول (تطالبه بعودة المجلس العسكرى إلى ثكناته والإطاحة بالنائب العام وحين يطيح بالنائب العام تعطيه درسًا فى القانون والانقلاب على الشرعية الدستورية) والنتيجة مبروك.. لديكم مُستبد يُحصن قراراته!! بالطبع لم نتوقع يومًا من رئيس جاء بالإرادة الشعبية بعد ثورة أن يفعل ذلك ولو لمدة قصيرة مُحددة. لكن أنتم الذين اضطررتموه إلى هذه القرارات الاستثنائية، فبدأ الرجل أمام البعض كديكتاتور، لكنه فى الحقيقة يحمى الشرعية والمسار الديمقراطى ومكتسبات الثورة منكم. لقد كفرتم بالديمقراطية التى صدعتم بها رؤوسنا، وأثبتم أنها غير مُجدية معكم، وكم حذر رئيس الجمهورية من غضب الحليم، وقال مرارًا وتكرارًا لكم: "لا يغرنكم حلم الحليم" ، لكنكم استمرأتم العناد، ولم تُرضكم ديمقراطيته وسماحته وعفوه، وظننتموه ضعيفًا فحاولتم الانقلاب عليه، فما كان منه إلا أن اضطر اضطرارًا لتلك الإجراءات الاستثنائية من موقف المُدافع، لا من موقف المُهاجم، لأنه لم يبادر بالإعلان الدستورى إلا بعد أن استشعر بالخطر الماحق. تلوموه ولوموا أنفسكم.. وعودوا لرشدكم وعارضوا من أجل الوطن لا من أجل المعارضة أو لتحقيق مصالح شخصية أو تقديمًا للمصالح الحزبية على مصلحة الوطن أو تنفيذًا لمؤامرات وخطط خارجية أو داخلية.. حتى لا ينهار الوطن ونبكى جميعًا على الوطن فى وقت لا ينفع فيه التندم. أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]