بعد أن عاش الشعب المصرى السنين والعقود وربما القرون تحت حكم الطغيان، ولهيب سياط الحاكم والسلطان، وبعد أن كممت الأفواه ودمرت المنابر، وماتت الحريات فى عهد القهر والنكبات، وبعد أن قدمت الفئات المؤمنة من هذا الشعب التضحيات الغالية والعزيزة، بالأموال والحريات أحيانا، والدماء والأرواح أحيانا أخرى، وباتت هذه الجموع مؤهلة للتمكين، أراد الله عز وجل لهذا الشعب أن يحيا من جديد، فهيأ له ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 الطاهرة النظيفة . وفور نجاح هذه الثورة العظيمة، أدرك عقلاء العالم أجمع أن من وراء هذه الثورة إرادة السماء، وأن الشعب المصرى قد ساندته النفحة الإلهية العلوية ذات القدرة المطلقة، إذ لا يمكن لبشر أن يتخيل أن الشعب المصرى الأعزل والذى عاش عهدا طويلا من الخنوع والذل، يمكن أن يزلزل عرش مبارك بعد أن جمع كل حبال القوة فى يديه، ودانت له عن إغراء أوبطش كل المؤسسات، وسبح بحمده كل من سار فى فلكه ودون اسمه فى نظامه. ثم تأكدت لنا هذه الحقيقة العجيبة بعد سقوط النظام السابق أيضا، وعندما خاضت مصر انتخابات الرئاسة، حيث شمر أذناب النظام السابق عن ساعدهم ليقدمو سليل النظام وأحد فرسان الفساد فى مصر مرة أخرى، وهو الفريق شفيق، فحشدوا جموعهم، واستنفروا ما معهم، وأنفقوا أموالهم، وأتعبوا أبدانهم، وسهروا لياليهم فى التدبير والتخطيط وشحذوا هممهم فى التبييت والمكر، واستقووا بالآلة الإعلامية الفاسدة، وكثير من أفراد النخبة الماجنة، ولم يتركوا واحدا من أساليب تزييف إرادة العامة وشراء الأصوات الرخيصة، إلا أن الإرادة الإلهية والقدرة الربانية فاجأتنا بفوز فخامة الرئيس د. محمد مرسى بمنصب الرئاسة، وذلك بعد أن حبست الدماء فى عروقنا والأنفاس فى صدورنا فترة فرز الأصوات، إنه العجب الذى ذكره الشاعر فقال : عجب رأيت الله سر حدوثه سبحانه هو وحده القهار واليوم بعد أن أصدر فخامة الرئيس د. مرسى قراراته الثورية الجريئة، والتى تتشح بزى الثورة المبهرة، وتتعطر بالحفاظ على دماء الثوار الطاهرة، والممثلة فى الإعلان الدستورى الأخير، والذى يقطع الله به الطريق على المتربصين لمؤسسة الرئاسة، والمترصدين للثورة، والمرجفين فى المدينة، ويبطل الله به عز وجل كيد الكائدين وتدبير الخائنين وسموم المعادين، بل ويكشف الله به العملاء والفاسدين، ويفضح به المتآمرين والمتكبرين. إذا بهم يحتشدون من جديد، ويجمعون فلولهم، ويبذلون أموالهم، ويخرجون فى زينتهم تماما كما خرج فرعون ومن معه فى يوم الزينة، يوم أن قام فرعون " ... فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى " ، وقالوا عن موسى وهارون " .. إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى ". ولقد حاول أعداء الإعلان الدستورى اليوم أن يجمعوا كيدهم وأن يكونوا صفا فى عراكهم، كما حاولوا الاستعلاء بإعلامهم، والاستقواء بأذنابهم وأموالهم، لكنهم لم يفطنوا حتى اليوم، بعد هذه الدروس الربانية المتكررة، أن الثورة ودماء الثوار محفوفة بحماية السماء، وأن عناية الله ترعاها، وأن إرادة الله مع من استعملهم بصدق فيها، ولقد قيض الله لها جماهير الأمة الصادقة التى احتشدت فى مليونية " الشرعية والشريعة " أمام جامعة القاهرة اليوم غرة ديسمبىر 2012، وتؤيدها أيضا ألوف مؤلفة فى كثير من ميادين وشوارع محافظات الجمهورية، كادت أن تصل فى جموعها إلى مليونيات أخرى، ومع استغراقهم فى تأييد فخامة الرئيس والتأكيد على شرعية الإعلان الدستورى الأخير، إلا أنه ومما يدل على أنهم جند الحق، وأن السماء هى التى تقويهم، أنهم لا يغفلون عن صلاتهم ولا عن آذانهم ولا عن أذكارهم، ولا عن دعائهم وتضرعهم وابتهلالهم، بل إن هذا هو شغلهم الشاغل وخاصة فى مثل هذه الشدائد. لقد نهضت جموع الشعب المصرى اليوم فى أماكن متعددة، فضلا عن مليونية " الشرعية والشريعة " لتقوية الإعلان الدستورى، وتثبيت موافقة الأغلبية عنه، بل وكأن الإرادة الإلهية التى يغفل عنها المعارضون، تلقى فى نفوس وقلوب الجماهير الصادقة، الذين خرجوا بحماس لا نظير له، تأييدا للدكتور مرسى، نفس المعنى الذى ألقته العناية من قبل على نبى الله موسى، ليقال على لسانهم اليوم لفخامة الرئيس " .. لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ" وما فى جعبتك من القررات الثورية والأعمال الإصلاحية، " تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى". أما كلمتهم لهؤلاء المعارضين والمتآمرين، فهى أيضا يمليها الوحى الإلهى والتأييد الربانى، وهى قولهم أيها المتربصون إذا أردتم الدرس:" فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ ... ". استاذ العلاقات الدولية المشارك بجامعة الأزهر والبحرين [email protected] أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]