جاهل الشيء يكرهه ويعارضه, وكم من شخص يفاجئك بأن الكتاب الفلاني أو الكاتب العلاني سيئ و فاسد و مليء بالجهل, فتسأله: في أي نقطة؟ وهل قرأته؟ فتفاجأ بأن القارئ ما هو بقارئ, والشاهد لم يحضر الواقعة, وأنه يقول الكلام ابن عم حديث, وأنا قرأت مسودة الدستور كاملة, وأبديت اعتراضي على المواد الخاصة بمجلس الشورى, وقلت إنه مجلس لا حاجة لنا به, وأنه يكلف ميزانية الدولة, ويعطل الحياة التشريعية والقانونية.. يعني أنا اعترضت على جزء محدد, بعد أن قرأت الكتاب من الغلاف للنهاية. أما المعترضون على الدستور, فهما فريقان إما متربص ليسقط الدستور ويسقط الرئيس المنتخب, أو هو يهدد بالويل والخراب والثبور وتملأ وجهه بثور الفتنة، والفريق الثاني هو "شاهد ماشفش حاجة" لم يقرأ الدستور, ولم ينتبه لدموع شيخ القضاة الغرياني, إنما اعترض ليقول هو معارض وقد قيل. و أسأل كل المعترضين, بما فيهم النطع الذي قال إن الدستور هو دستور إسلامي متطرف: هات لي نصًا أو مادة أو سطرًا تشير إلى صحة كلامك؟ حتى المادة الثانية التي خرج السلفيون في مظاهرات للاعتراض عليها, وقامت الدنيا لحذف كلمة "مبادئ", لم تحذف وبقيت المادة كما هي, يعني سلامة في خير وخير في سلامة, وهو دستور عادي, حاول فقط النجاة من أفخاخ الدساتير المعيبة السابقة. الحكاية لست فرد عضلات, ولا عرض زعامات, الحكاية مصر, حكاية طويلة بدأت بالسلامة وستستمر بالسلامة بإذن الله تعالى... فأفيقوا قبل ألا تفيقوا, والنار تطال مشعلها ونافخ حطبها, والسادة المرشحون السابقون والزعماء الافتراضيون على تويتر, لن ينجحوا في استلام مصر, لأسباب عديدة, أولها أنه لو حدث ذلك -لا قدر الله- فسيرثون كيانًا مشتعلًا فوضويًا -لا قدر الله-, وثاني الأسباب أن كل من يتصدرون مشهد الاعتراض بأسهم بينهم شديد, وكلهم يكرهون كلهم, وكلهم يتمنون الهلاك لكلهم. القضية ليست الاعتراض على الدستور, ولا هي إسقاط مرسي., القضية هي مواجهة -مع الأسف- بين الدولة العميقة العتيقة السرطانية المتشعبة حتى في المعارضة التقليدية, وبين قوى كسرت القيد, ولن تعود إليه.. الزمن تغير, ومصر ليست الجزائر في زمن جبهة الإنقاذ وانقلاب جيش فرنسا.. ولا هي إيران الملالي و لا هي حتى إمارة نفط.. مصر كبيرة وكبيرة وكبير جدًا ما تحدثون به أنفسكم, فأفيقوا.. قبل ألا تفيقوا. [email protected]