أصدر السيد رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى إعلاناً دستورياً طالما طالبنا بإصداره لحماية الثورة حتى تحقق أهدافها، وقرارات فى غاية الأهمية لمصلحة الوطن، ونزل هذا الإعلان برداً وسلاماً على قلوب المصريين وهبت القوى الإسلامية - وهى غالبية الشعب المصرى- فى مظاهرات كبرى للتعبير عن تأييدها لهذه القرارات. ولكن البعض من العلمانيين والليبراليين وصفها بأنها ديكتاتورية وتمثل انقلاباً على الشرعية ومبادئ وأهداف ثورة25 يناير، وزعموا أن هذه القرارات ألغت سيادة القانون وأطاحت بالسلطة القضائية واستقلال القضاء, وأنها منحت رئيس الجمهورية سلطات وصلاحيات مطلقة لم تمنح لأى رئيس مصرى من قبل. أما الفقيه القانونى الكبير د.ثروت بدوى فقد عبر عن ارتياحه الشديد عقب صدور القرارات الأخيرة لرئيس الجمهورية مبدياً توقعاته بأن الشارع المصرى سيقابلها بنفس هذه الدرجة من الارتياح، وقال إن قرارات الرئيس "ثورية" تفرضها الظروف الاستثنائية وتبررها الضرورة التى تعيشها مصر و يبررها كذلك مبدأ "الضرورات تبيح المحظورات"، لافتاً إلى أن هذا المبدأ عالمى تأخذ به كل الدول الديمقراطية. وقال د.ثروت بدوي: نحن فى مصر نمر بظروف استثنائية تهدد كيان البلاد, وتستلزم اتخاذ قرارات ثورية لمنع القوى المخربة من التمادى فى جرائمها والاستمرار فى بث الشائعات المسيئة والمقلقة، ولذلك كان لابد من أن يقوم الرئيس محمد مرسى باتخاذ تلك الإجراءات. وأضاف أن الأمر قد يستدعى اتخاذ إجراءات أخرى لمواجهة المخربين, وسلطة رئيس الدولة فى اتخاذ إجراءات استثنائية لمواجهة ظروف استثنائية أمر تقرره جميع الشرائع الديمقراطية. وفى الإسكندرية، دعا المستشار فكرى خروب نائب رئيس محكمة النقض - إلى محاكمة النائب العام المقال المستشار عبد المجيد محمود حتى يطبق القانون على الجميع بلا استثناء، مؤكداً أن إقالته كانت واجبة، مضيفاً قوله فى اتهام صريح: الكل يعرف علاقة النائب العام المقال بجهاز أمن الدولة المنحل وكيفية تعيينه نائبًا عامًا فى عهد مبارك. وأضاف المستشار فكرى خروب أن معظم القضاة ضد التصرفات التى يقوم بها المستشار أحمد الزند، رئيس نادى قضاة مصر، مؤكداً أن رجال "الزند" أقلية من القضاة وأن الجمعية العمومية التى يهدد بها دائمًا هى كلام فارغ، وأضاف خلال مداخلة هاتفية ببرنامج "مانشيت" على فضائية "أون تى فى"، أن الزند ليس له الحق فى الدفاع عن النائب العام السابق المستشار عبد المجيد محمود، وأن الكل يعرف الزند وعلاقته بنظام مبارك الفاسد، موضحاً أنه غير راضٍ عن حال القضاء بنسبة 90% وأنه يعتقد بضرورة تطهير كل مؤسسات الدولة وإصلاحها وعلى رأسها القضاء (جريدة المصريون 24 /11). كما أصدر المستشار وليد شرابى المتحدث الرسمى باسم حركه "قضاة من أجل مصر"، بياناً بشأن الإعلان الدستورى الصادر مساء اليوم من قبل الرئيس محمد مرسى جاء به: "تابعت حركة قضاة من أجل مصر ما تمر به البلاد من أحداث تنذر بخطر داهم يهدد الثورة المصرية واستقرار البلاد، مما يتطلب تكاتف القوى الثورية والوطنية، حتى تعبر البلاد إلى بر الأمان. وأضاف البيان: "تابعت الحركة الإعلان الدستورى والقرارات الصادرة اليوم والمتعلقة بإعادة محاكمة قتلة الثوار وتعيين المستشار طلعت إبراهيم عبدالله بمنصب النائب العام وعدم جواز حل مجلس الشورى والجمعية التأسيسية ومد المهلة لها لإتمام مشروع الدستور الجديد.. ولما كانت تلك القرارات تتوافق مع مطالب الثورة ما طالبت به الحركة مراراً من إقالة للنائب العام، لذلك فإن الحركة تعلن تأييدها الكامل للإعلان الدستورى والقرارات الصادرة اليوم عن السيد رئيس الجمهورية باعتبارها تحقق أهداف ثورة 25 يناير المجيدة وتسهم فى بناء الدولة المصرية الجديدة". ومن جهته, أكد المستشار أحمد الخطيب رئيس محكمة استئناف الإسكندرية, أن إقالة النائب العام هى إحدى مطالب الثورة, موضحاً أن ما تضمنه الإعلان الدستورى من تعويضات والاهتمام بالشهداء ومصابى الثورة, هو مطلب جوهرى لشعب مصر, وأن ذلك الإعلان الدستورى يستمد شرعيته من الثورة المستمرة ومحاولات إجهاضها وأنه يحقق المصلحة الوطنية ولكنه يتوقف على شرط أساسى لنجاحه هو القدرة على تطبيقه على أرض الواقع وتوفير الدعمين الشعبى والسياسى له, مثلما حدث عند إلغاء الإعلان الدستورى المكمل". ونحن من جانبنا، نؤكد أن القول بأن الرئيس تدخل فى أعمال القضاء هو قول مغلوط ومعكوس، فالقضاء (ليس كله) هو الذى يتدخل فى أعمال الرئيس التى يتخذها بصفته السيادية، ومن المعلوم أن أعمال السيادة لا تخضع لرقابة القضاء وليس له شأن بها. القضاء هو الذى يتجاوز سلطاته ويريد غلّ يد الرئيس عن ممارسة سلطاته الدستورية إجهاضاً للثورة التى أتت برئيس إسلامى مُنتخب، وتلك هى مشكلته مع العلمانيين والليبراليين المعادين لكل ما هو إسلامى. وأخيراً، فليسمع المعارضون ما قاله خبير سياسى أمريكي، فقد كتب الأستاذ سعيد حجازى فى جريدة "الوطن" يوم23 نوفمبر الجارى، ما يلى: قال موريس بون اميجو، الخبير السياسى الأمريكي، والمستشار الإعلامى لحملة "ميت رومني" المرشح الأمريكى الخاسر فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة، إن "الإخوان المسلمين أقوى وأكثر تماسكاً وإيماناً من نظام مبارك الهش، فلا يمكن إسقاطهم". وأكد أميجو فى تصريحات ل"الوطن" أن أمريكا ونظام أوباما لا يريد توريط نفسه فى صراعات داخلية فى مصر، وقد فعل كارتر هذا مع إيران عند الانقلاب على الشاه، فهو يرى أن مصر بعد الثورة سوف تكون إيران العالم العربى وإفريقيا، وأن الحكم الإسلامى سوف يستمر ويدوم لفترة طويلة. وأشار أميجو إلى أن "حب الشعب المصرى للتدين" يجعل سقوط مرسى صعباً، فالرئيس مرسى أول رئيس يذهب لصلاة الجمعة أسبوعياً وهو أول رئيس ملتحٍ، مضيفاً "المظاهرات هذه المرة مختلفة، لأن من يحرك المظاهرات هم قيادات المعارضة ومرشحى الرئاسة السابقين، لكن مظاهرات مبارك كانت تعتمد على الشباب ووجود شهداء ودماء وهذا لم يحدث حتى الآن". لا تتراجع يا سيادة الرئيس مهما نصحك الناصحون وأشار به عليك المستشارون، فلو تراجعت يا سيادة الرئيس لضاعت الثورة ولضاعت مصر الإسلامية.