لا يجب أن يعمينا الفوز الذي حققه الاسماعيلي على المقاولون العرب عن أنه أصبح فريقا يفتقد لصانع الألعاب وللمدرب الذي يدير المباراة من الخارج! برحيل حسني عبد ربه افتقد الفريق لاعب الارتكاز القوي الذي يستطيع أن يصنع الهجمة المرتدة، فظهر لنا فريق المقاولون، الأقوى هجوما والأفضل في وسط الملعب وهو الضاغط طوال الوقت بعد الهدفين اللذين سرقهما الاسماعيلي في الدقائق الثمانية الأولى من المباراة. ميزة الاسماعيلي طوال تاريخه أنه يجيد صناعة الهجمة المرتدة، وكان فيه دائما اللاعب الذي ينقل الكرة بسرعة رهيبة إلى مربع الخصم لتجد مهاجما يسجل منها أو يشكل خطورة. وهذا لم نجده بعد هدفي الاسماعيلي، بل ظهر لاعبوه في أدنى مستويات اللياقة البدنية، كأن جهازه الفني بقيادة العمدة لا يضع هذا في اعتباره أثناء التدريبات! خذ مثلا محمد جودة تجده يجر قدميه جرا، حتى روبرت اكوروي الغاني والذي كانت لياقته في مستوى عال عندما جاء الى الاسماعيلي، رأيناها في هذه المباراة هابطة جدا، مع أن اللاعبين الأفارقة مشهورون باللياقة البدنية العالية، وهذا ليس له إلا تفسير واحد، أن جرعات تدريبات اللياقة في الاسماعيلي أقل من المطلوب، وأن المهذب العمدة لا يركز عليها، أما لعدم الخبرة، أو لعدم الدراية! حتى تدخلات العمدة أثناء المباراة قليلة.. إنه طيب أكثر من اللازم لدرجة أنه يخجل من أن يقوم من مقعده ويصيح على لاعبية وينبهم إلى أخطائهم، مع أنه كان واضحا من ضغط المقاولون أنه يقترب من احراز هدف واثنين بسبب أخطاء دفاع الاسماعيلي، وعدم ارتداد وسطه بسرعة بسبب الارهاق البادي عليهم! على العكس تماما من غانم سلطان الذي كان دائما واقفا على الخط ، يوجه لاعبيه لاستغلال ثغرات الاسماعيلي الكثيرة، لم يستكن للهدفين السريعين اللذين دخلا مرماه، ولعب بثلاثة مهاجمين طوال الوقت في منطقة جزاء الاسماعيلي. كنا نسمع صوت غانم سلطان من خلال التليفزيون مختلطا مع صوت المعلق وهو ينادي على لاعبيه، ولذلك استطاع فريقه ان يحرز هدفين في ثماني دقائق وشكل خطورة بالغة بتصويبات من خارج منطقة الجزاء خلال الربع ساعة الأولى من الشوط الثاني، ولو كان محمد صبحي هو الذي يحرس مرمى الاسماعيلي لدخل أكثر من نصف هذه التصويبات! ثم لماذا يخطئ العمدة دائما في التشكيل؟!.. لقد استغربنا عندما لعب بأحمد فتحي من بداية المباراة كلاعب ارتكاز بديلا عن حسني عبد ربه، رغم أن فتحي لعب مباراة قوية قبل أقل من 48 ساعة في البرتغال، ناهيك عن متاعب السفر، وكان يمكن ان يختزنه لجزء في الشوط الثاني، لكن يبدو أن عدم وجود البديل هو السبب! وهذا كله نتاج السياسة الخاطئة لادارتي الاسماعيلي الحالية والسابقة في الاستغناء غير المبرر عن مجموعة من اللاعبين صغار السن المميزين الذي يمكن لهم أن يقوموا بهذا الدور، فلماذا مثلا تم الاستغناء عن هاني أبو فضل الذي كان يمكن أن يكون لاعبا مرموقا في وسط الملعب، ومن هو الظهير الأيمن بعد التخلص من محمد عبدالله للأهلي، الذي يمكن أن يعوض غياب أحمد الجمل بعد اصابته ، ومن هو الظهير الأيسر إذا لم يلعب سيد معوض؟! تدخلات العمدة القليلة تظهر بوضوح من خلال التغييرات، وحتى عندما يقوم بها تأتي غريبة، ففي الوقت الذي يقوم فيه سلطان بادخال بدائل هجومية طامعا في نتيجة المباراة ولأن التعادل لا يفيد، نجد عماد سليمان يخرج اكوروي الذي كان يستحق التغيير بالفعل بمهاجم وليس بمعتصم سالم المدافع كما فعل العمدة، فما هو لزوم الدفاع والتعادل بالنسبة لك بطعم الهزيمة خاصة بعد أن كنت متقدما بهدفين؟! ثم لماذا يصر على اللعب بمحسن أبو جريش بمفرده في الهجوم فيرهقه ويضعه صيدا ثمينا للمدافعين.. لقد قلنا أن خطأه في المباراة السابقة أنه لم يلعب برأس حربة صريح، وأن عليه في مثل هذه المباريات أن يلعب برأسي حربة.. لكنه مصمم على طريقته وعلى خوفه من الهجوم وبالتالي تعب أبو جريشة سريعا، ولم نر له وجودا إلا في كرة واحدة في الشوط الثاني، ولو نزل العمدة بمهاجم ثان لخفف الضغط عليه! هنا لنا أن نسأل عماد عن السبب الذي جعله لا يقيد أبو جريشة الكبير أفريقيا، مع أن هذه المباريات تحتاج إلى لاعب خبرة يتمتع بمهارات الهداف مثله، ووجوده كان سيخفف الضغط كثيرا عن أبو جريشة الصغير؟! إن الاسماعيلي يحتاج حقيقة إلى مدرب بأسرع ما يمكن، وهناك بين المدربين المصريين من هم أكثر خبرة ودراية من عماد سليمان.. وعلى مجلس الادارة أن يتحرك في هذا الاتجاه. أنا لا اعرف ما إذا كان محمد صلاح قد تعاقد معه اسمنت السويس أم لا.. ورأيي أنه مناسب جدا في الفترة الحالية خاصة وأنه سيضبط أداء خط الدفاع وسيحاول البحث عن حل لمشكلة صانع الألعاب.. عموما مبروك للاسماعيلي.