منطق المنع والحجب ووقف البث والنشر, منطق قديم, لا يصح أن يتم في مصر اليوم, فالمذيع الذي سيتم منعه, سيزداد شهرة وسيجد عشرات المحطات مشتاقة بعقود أغلى, والمقال الذي سيحجب عن النشر في الصحافة القومية, سيجد عشرات الصحف والمواقع تحقق له أعلى معدلات القراءة.. زمان المنع انتهى. كتب جلال عارف مقالًا, وحجبته"الأخبار", فحقق ذيوعًا وشهرة ما كان ليحققها المقال لو لم يتم منعه.. المقال بعنوان"هذا العبث".. ينتقد الفوضى الضاربة مصر بعنف, و"المسئولية التي ذهبت إلى غير رجعة، وأن مؤسسات الدولة تنهار، وأن القضية ليست في إقالة مسئول أو استبعاد آخر بقدر ما هي: كيف يمكن أن نوقف هذا الانهيار قبل أن نجد أنفسنا أمام أشلاء دولة؟.." ثم ذهب الكاتب لحكاية الدستور.. مبينًا - من وجهة نظره - ومنتقدًا كيف "سيتم صنع أعظم دستور شهدته البشرية في غياب القوى المدنية، وممثلي الأقباط، والعلمانيين، والليبراليين، واليساريين "الكفرة"!!. ومع معارضة القضاة، والمثقفين، والعمال، والفلاحين، والمحامين، والصحفيين.." ثم يدق نقيب الصحفيين الأسبق جرس إنذار بأن "ذلك كله يحدث في وقت يتعرض فيه الوطن لأفدح الأخطار، وتندلع الحرب على بوابة مصر الشرقية، وتضرب "إسرائيل" غزة، وهي تستهدف في الأساس مصر". وأن "دعم الأشقاء .. فريضة قومية، لكن المهم أن يتم ذلك في إطار فهم المخطط الصهيوني الكامل للسيطرة على المنطقة. ومع استعادة سيطرة سلطة الدولة على كل شبر من سيناء". انتهى ..ولي ولك أن نتفق أو نختلف معه, لكن أن يظن البعض أن بالمنع علاجًا, فتلك أضغاث أحلام مسئولين نيام.. ثم هل يمكن الاختلاف على أن القضية هي وقف هذا العبث والإهمال؟ وهل يمكن أن نختلف على أن ما يجري في غزة - مع كل دموعنا ووجعنا الحقيقي - هو جزء من مخطط, إما لجرجرة مصر إلى الحرب, أو جعل سيناء مخيمات لمئات الآلاف من اللاجئين, ثم تصير القضية دولية, وتصبح مصر قاعدة صورايخ, فيتم استهدافها بحجة محاربة الإرهاب؟ أنا شخصيًّا أختلف مع الأستاذ جلال عارف, لكن هنا أتفق مع كثير مما جاء بكلامه, وأتفق على أن المنع باب الذيوع لو يعلم المانعون. [email protected]