هَمٌّ يبكي و هَمٌ يضحك, وهمٌ يزيد الهم, وهمٌ يُنسي الهم, والشاي ثقيلٌ أسودُ, كما الحزن يا ابن منفلوط, والقهوة السادة تُنعش الذاكرة التي أدمنت الزهايمر يا أيها الموحدون, طيب قولوا: لا إله إلا الله. والله وحده يعلم من يستحق لقب شهيد, ومن يستاهل "فيش بيش" بلطجي, وما أكثر الشهداء ولو حرصت بشهداء, وما أكثر الضحايا ولو حرصت مستحقين التعويض. و ثمن الطفل حافظ كتاب الله خمسون ألفًا, وأجر تقديم الحلقة للمذيع الذي يجهل حروف القلقلة خمسون ألفًا,وربع أجر لاعب الكرة جزاء الفوز في تونس خمسون ألفًا, وبائعو الترامادول في القاهرة تعدوا خمسين ألفًا, وبعد. فنحن أمة صارت تعشق مص الدم, ومشهد الدم, وإلا فقل لي: ما الذي جعلنا نعيد ذكرى أحداث "محمد محمود" بالعودة لأول سطر من كتاب الدم؟ الشرطة اشتاقت تدريب إطلاق الخرطوش, وموسم إلقاء قنابل الغاز السنوي, والمتظاهرون أدمنوا رائحة الغاز ودغدغة طلقات الخرطوش, حتى لو جاءت بالعين. في بلادي الشرطة عند المساجد التي يصلي بها السيد الرئيس, أو أمام المتظاهرين, وفي بلادي المتظاهرون في كل مكان ينصبون للمارين أكمنة للتعطيل ووقف سير الحياة, فياليت الشرطة صارت متظاهرين, ويا ليت المتظاهرين صاروا شرطة.... و يا مصر يا أيتها البلاد التي تاهت منا وسط اهتمامنا بها, ويا بلادي التي أنجبت قاتليها, واشتعل قلبها بالقاهرة, فأهملت عمقها بالصعيد, واشتعلت أصابعها في بورسعيد, يا أيها البلد الذي فقدناه ثلاثين عامًا, ثم عاد إلينا سرابًا, ويا أيها البلد الذي اغتربنا عنه سنوات, فعدنا إليه في رحلة تيه الاغتراب, ما الحكاية يا سيدة التاريخ و يا مليحة الجغرافيا؟ صرنا يا بلادي أكثر خبلًا من الذين يضربون ظهورهم ويلطمون وجوههم في ذكرى كربلاء, صار لدينا خمسون كربلاء, في محمد محمود كربلاء, وفي ماسبيرو كربلاء, مباريات الدوري كربلاء,والعباسية كربلاء, في كل مكان كربلاء, ومليون "إبراهيم بن الأشتر" يتخيلون أنهم مولانا الحسين بن علي رضي الله عنهما, والله وحده أعلم من الصادق ومن الكذّاب؟ من الأشتر ومن على خطى سيد الأولين صلى الله عليه وسلم؟. ألم أقل لك يا سيدي المهموم "هم يضحك وهم يبكي".. كيف الحال؟ [email protected]