كما أن في العالم العربي عبيدا للحاكم المستبد ، نرى في الولاياتالمتحدة عبيدا للمؤسسة الصهيونية المستبدة . فكل كاتب مغمور يريد أن يشتهر، عليه أن يؤلف كتابا عن "الهولوكوست" أو "الإرهاب الإسلامي"، وسيجد نفسه فور نشر الكتاب أمام عروض كثيرة للتحدث في شبكات التلفزيون المختلفة ، وعروض أخرى لإلقاء محاضرات يتقاضى عليها عشرات الآلاف من الدولارات . وكل من يريد أن يُنتخب للكونجرس عليه أن ينافق إسرائيل ويزايد على منافسه في تأكيد التأييد لها. لم يترك أعضاء حزب النفاق الأمريكي عضوا بالكونجرس ملتزم الحياد ، ولا دبلوماسيا في الخارجية مشكوك ولاءه لإسرائيل إلا واغتالوه سياسيا حتى يخسر الانتخابات أمام من يسهل قياده ، أو يجري استبداله بدبلوماسي متصهين . دافيد ساترفيلد السفير السابق في بيروت ، والعدو اللدود لحزب الله هو أحد أمثلة الدبلوماسيين المتصهينين ، الذي إنكشفت عمالته مؤخرا لمنظمة (إيباك) الصهيونية ، حيث كان يمرر معلومات سرية إلى مسئوليها ، ومنهم إلى إسرائيل. بدأ الصهاينة الأمريكيون بزرع منافقيهم في أجهزة الإعلام حتى أصبحت "في جيبهم" على حد تعبير موشى أرينز ثم إتجهوا إلى الكونجرس ثم الخارجية ثم البنتاجون وأخيرا البيت الأبيض الذي زرعوا فيه رئيس أبله يتحرك بالريموت كونترول. وهكذا أحكموا السيطرة على أخطر دوائر صنع القرار الأمريكي. لم يتركوا مناهضا لحرب العراق إلا وحاصروه بالشائعات والإفتراءات في محاولة لتدميره معنويا . وأشهر هذه الحالات كانت حالة جورج جالاواي عضو مجلس العموم عن أحد دوائر إسكتلندا الذي نزع حزب العمال عنه عضويته عقابا له على معارضته الشرسة لتوني بلير، فكان رد فعله هو إنشاء حزب جديد بعيدا عن أفاقي حزب العمال أسماه "حزب الإحترام" الذي هو بالفعل إسم على مسمى. وعندما إتهمته صحيفة التلجراف الصهيونية بقبض رشاوى من صدام حسين ، رفع دعوى قذف ضد الصحيفة وكسبها. وأضطرت التلجراف إلى الإعتذار له على الصفحة الأولى وتقديم تعويض له لا بأس به. وعندما إتهمه مجلس النواب الأمريكي بنفس التهمة ، ذهب إليهم طالبا الدفاع عن نفسه ، ومسح بكرامتهم الأرض ، حيث فتح ملفات جميع النواب المناهضين له وكشف معاملات الإدارات السابقة مع صدام. وكانت هذه الجلسات فضيحة للأمريكيين لم تتحمل شبكات التلفزيون الإستمرار في تغطيتها. وعلى الرغم من الفارق بين النفاق الموجه إلى مؤسسة ، وذلك الموجه إلى حاكم ، فإن ملامح المنافق في الحالتين لا تختلف كثيرا : كما أن عضو النفاق الأمريكي يقدم مصلحته الشخصية على مصلحة الشعب الأمريكي (فهو الذي شجع على إرسال الجندي الأمريكي إلى الموت في العراق ويصر على الإستمرار في التضحية بمزيد من الشباب الأمريكي المضلل خدمة لأسياده الصهاينة. وهو الذي نشر كراهية أميركا في أوساط الرأي العام الدولي: المسلم والأوربي والأسيوي والأفريقي) ، ويقدم ولاءه لإسرائيل على ولائه لأميركا ، فإن أعضاء حزب النفاق في مصر أيضا يقدمون مصالحهم على مصالح شعب مصر، وولاءهم للحاكم على ولائهم لمصر. وكما يحشد "جنرالات البلطجة" في نظام الرئيس مبارك أعوانهم من البلطجية والمنافقين للقيام بمظاهرات مضادة لمظاهرات القوى المعارضة ، قام بلطجية الصهيونية الأمريكيون بمشاركة عدد من أهالي الجنود القتلي ممن يكابرون ويؤيدون إستمرار حرب العراق ، بتسيير مظاهرة منذ يومين أمام مزرعة بوش في كروفورد بولاية تكساس لمواجهة المخيم المناهض للحرب الذي أقامه شرفاء أميركا بمشاركة أمهات أدركن حجم التضليل الذي ساق أبناءهن إلى الموت. وقد أقيم هذا المخيم تأييدا للإعتصام الذي قامت به سيندي شيهان أمام المزرعة مطالبة بوش بأن يلتقي بها لإعطائها سبب مقنع يبرر مصرع إبنها كيسي شيهان في العراق. وكما ينحدر بلطجية الحزب الحاكم في مصر إلى حد إتهام المعارضين بالخيانة والجحود والطيش ، فضلا عن الإشارة بالأحذية والأصبع الوسطى ، قام أنصار حرب العراق بتوجيه البذاءات إلى أنصار شيهان واتهام المعسكر المؤيد لها بالخيانة. [email protected]