يثار الآن جدلا واسعا حول كلمة ( مبادئ الشريعة الإسلامية ) في كتابة الدستور ما بين مؤيد ومعارض . ومعلوم أن السنهوري باشا أحد أهم من وضعوا القانون المدني المصري الجديد جعل الرجوع إلى ( مبادئ الشريعة الإسلامية ) في الدرجة الثالثة من التشريع ، حيث جعل القانون المدني المصري الجديد على ثلاث درجات :- الدرجة الأولى : هي للنصوص التشريعية المستقاة من القانون الوضعي الدرجة الثانية: هي الرجوع إلى العرف الدرجة الثالثة: الرجوع إلى مبادئ الشريعة الأكثر ملائمة للمبادئ العامة للقانون الوضعي فإذا كان الحكم منصوصا عليه في القانون المدني الوضعي يمنع التحاكم إلى الشريعة لكن يرجع إلى العرف ، فإذا لم يوجد العرف فيرجع إلى مبادئ الشريعة الإسلامية ، لكن حتى هذا كان مقيدا بشرط وهو ألا تتعارض هذه المبادئ مع المبادئ العامة التي يقوم عليها التشريع المدني . إلا أن هذا الأمر عند السنهوري باشا قد اختلف كثيرا حينما ذهب ليضع القانون المدني العراقي، حيث اتضح له عظمة الفقه الإسلامي ، ولنتركه - هو- يحكي عن ذلك حيث قال حاكيا عن الفقه الإسلامي إنه : " لا يقل في دقة منطقه وفي متانة صياغته وفي القابلية للتطوير ، وهو مثله صالح لأن يكون قانونا عالميا بل كان بالفعل قانونا عالميا .. هذه هي عقيدتي في الفقه الإسلامي تكونت لا من العاطفة والشعور فحسب ، بل تضافر في تكوينها الشعور والعقل ولكن لها شيء من الدرس ، وأكثر ما كان درسا للفقه الإسلامي عند وضع القانون المدني العراقي .. فأتاح لي اطلاعي على نصوص الفقه الإسلامي أن ألحظ مكانة هذا الفقه وحظه من الأصالة والابتداع وما يكمن فيه من حيوية وقابلية للتطور " . هذا كلام السنهوري باشا الذي أخطأ في بادئ أمره حينما أهمل دور الشريعة في القانون المدني المصري ، ثم تنبه لخطأه بعد ما احتكك احتكاكا مباشرا بالفقه الإسلامي عند وضعه القانون المدني العراقي ليخرج بهذا الكلام الرائع ، وعرض هذه التجربة في كتابه ( القانون المدني العربي ) ، فقد كان يأمل أن يرى قانونا إسلاميا لا تقليد فيه ولا محاكاة للقوانين الغربية لجميع الدول العربية على قانون مستقى من الشريعة الإسلامية . أعتقد أن هذا الكلام يؤكد أن السنهوري باشا لو كان حيا لدعا إلى جعل "الشريعة الإسلامية" وليس "مبادئ الشريعة" المصدر الرئيسي للتشريع. بقلم: د.محمد عبد الوهاب غانم باحث دكتوراه بقسم الفلسفة الإسلامية /كلية دار العلوم/جامعة القاهرة أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]