أعلنت قوى المعارضة والثورة السورية عن تدشين "الائتلاف الوطني للمعارضة وقوى الثورة" بعد اجتماع طويل ومخاض صعب في العاصمة القطرية الدوحة، وقد جرت جهود حثيثة روسية وإيرانية من أجل إفشال هذا المؤتمر أو منع بعض الفصائل من الدخول فيه ولكنها فشلت، وأصبح لدينا ما يشبه برلمانًا وطنيًا جامعًا، يشمل القوى الإسلامية والليبرالية واليسارية والأكراد والأرمن والعشائر ومختلف أطياف الشعب السوري، وهو حدث كبير بكل المقاييس، ويضع الثورة السورية على الطريق الصحيح للنصر وإنجاز التحول الديمقراطي في هذا البلد الذي نكب بحكم عائلة الأسد وأنجاله وأصهاره طوال أكثر من أربعين عامًا، وقد أعلنت دول كثيرة الاعتراف بالائتلاف الجديد للمعارضة السورية كممثل شرعي للشعب السوري، كما فعلت دول مجلس التعاون الخليجي جميعها، وكذلك رحبت معظم دول العالم بدرجات متفاوتة، وأعتقد أن دولًا أخرى ستعترف بالائتلاف في القريب العاجل ممثلًا شرعيًا للشعب السوري، وخاصة دول الربيع العربي، مثل ليبيا وتونس، وأتمنى من الرئيس محمد مرسي أن يفتتح هذا المسار التاريخي بقرار ثوري وأخلاقي باعتراف مصر بالائتلاف الجديد ممثلًا شرعيًا للشعب السوري، فقد أعلن الرئيس مرسي قبل ذلك مرارًا أن بشار فاقد للشرعية، وأن شرعيته انتهت، وأنه لا وجود له في مستقبل سوريا، والآن أتت الفرصة لكي تتقدم مصر الصفوف باعترافها بالائتلاف الوطني السوري، وأن يتم تسليم مقرات السفارة السورية في القاهرة لهذه القوة الجديدة المعبرة عن مختلف أطياف الشعب السوري وقواه الحية، لأن خطوة مصر ستكون دافعًا ومشجعًا لخطوات أخرى عديدة لكي تسير على نهجها، وهو ما يمثل دعمًا كبيرًا لثورة الشعب السوري ورفع الغطاء الدولي عن عصابة بشار. الثورة السورية أصبحت على أعتاب النصر، والمعارك الآن تدور داخل العاصمة دمشق، والطاغية بشار يقصف بعض أحياء العاصمة بالطائرات، بما يعني أنه فاقد للسيطرة عليها على الأرض، وهو لم يتورع عن قصف البيوت والمساجد والمدارس والمخابز وحتى المستشفيات بالقنابل والطائرات في واحدة من أبشع جرائم النظم الاستبدادية ضد شعوبهم، ولقد آن لهذه العصابة المجرمة أن ترحل من أرض سوريا ومن ذاكرة العرب، لأنهم عار على العرب وعار على سوريا وعار على الإنسانية، وفي ثورات الربيع العربي كله لم يحدث مثل هذه الوحشية والاستباحة لدماء الناس والأطفال والنساء على مدار أكثر من عام ونصف، وهو لا يشبع من دماء السوريين، لقد سقطت عن بشار ورقة التوت التي كان يستر بها عواره وإجرامه ووحشيته هو وأجهزة الرعب في الدولة التي ورثها عن أبيه، وهي ورقة المتاجرة بالقضية الفلسطينية وأنه آخر حصون المقاومة والممانعة، فرأي العرب جميعًا أنه كان مجرد "خفير" لحدود بلاده مع إسرائيل، وأن طيرانه الذي لم يطلق طلقة "خرطوش" واحدة ضد إسرائيل منذ توليه السلطة، يتنزه يوميًا فوق الشعب السوري ليصب الحمم وينشر الموت والرعب بين النساء والأطفال والشيوخ، فقد كان يجهز جيشه لقمع شعبه وترويعه وتركيعه وليس لمقاومة أو ممانعة أو خزعبلات من التي ضلل بها الكثيرين، وعندما سقطت ورقة التوت راح يغازل الغرب في حواراته الصحفية الأخيرة بأنه "آخر قلاع العلمانية" في الشرق الأوسط، لكن مشكلته أنه قد مضى زمان بيع الدجل والنصب وتسويق الخرافات لتبرير بقائه على جماجم عشرات الآلاف من أبناء شعبه. [email protected]