- منذ أن أصدر الرئيس المخلوع قرارًا بتعيينك قاضية بالمحكمة الدستورية العليا فى العهد البائد وحظيت على لقب أول قاضية مصرية. أصبح لك حضورًا بارزًا فى كل احتفالات ومؤتمرات المرأة إلى جوار سيدة مصر الأولى آنذاك سوزان مبارك والتى أسهمت بشكل مباشر وغير مباشر فى تدمير الحياة الاجتماعية والسياسية فى مصر. - ثم تنامى ذلك الحضور عقب ثورة 25 يناير حتى فاق أهل السياسة والفكر والفن فى كافة الفضائيات والصحف والاحتفالات والندوات والمؤتمرات منها مؤتمر اتحاد العمال والذى شهد هتافات ضدك تركت على أثرها ذلك المؤتمر الأمر الذى يتعارض مع طبيعة عملك وينال من هيبتك وينتقص من مكانة القضاء الشامخ لدى المواطن المصرى. - إن عضو القضاء منذ بداية تخرجه من الجامعة وإلتحاقه بالعمل بذلك الجهاز يكتسب على مدار سنوات خدمته العديد من الخبرات التراكمية والضوابط المسلكية التى تتوارثها الأجيال ويسير على هداها كل من نال شرف العمل به ويمتنع عليه الخروج عنها فهى السياج المنيع الذى ينأى به عن الإنزلاق فى أية خلافات مع الآخر أو يبدى آراء قانونية فى قضايا عامة أو خاصة يخشى معه أن ينتقل الخلاف بشأنها مستقبلًا إلى ساحات المحاكم ليفصل فيها بنفسه أو تعرض على زميل آخر غيره إلا أنك خرجت عن ذلك النظر وهو ما تجسد جليًا فى انتقادك الدائم للجمعية التأسيسية لوضع الدستور وخصومتك العلنية مع تيار الإسلام السياسى والتى وصلت إلى حد الهتافات ضدك، فضلًا عن التحقيقات الجارية بالنيابة العامة بشان تصريحاتك حول تسليم المجلس العسكرى للسلطة كل هذا يضعك فى حرج بالغ عند نظر دعوى دستورية قانون تشكيل الجمعية التأسيسة والمحاله من القضاء الإدارى للمحكمة الدستورية العليا . ويجعلك فى موقف الخصم والحكم فى آن واحد وهو مالا يجوز قانوناً فأحد أطراف الدعوى هو تيار الإسلام السياسى ورأيك تجاه تلك الدعوى والجمعية معروف سلفًا وخصومتك معهم ليس خافية على أحد الأمر الذى يفرض عليك استشعار الحرج تجاه تلك القضية والتنحى عن نظرها تفاديًا لتوريط المحكمة الدستورية فى مزيد من الخلافات السياسية ووضعها على خط المواجهة مع باقى مؤسسات الدولة. - الأمر الذى يهدد مصداقية المواطن المصرى فى قضائه وينال من مدى قناعته بحياديته ويهدد ثقته فى عدالته ويضع أحكامه موضع الشك والتأويل. - إن ضمان الشعور العام بالرضا حيال القاضى جزء لا يتجزأ من منظومة العدالة لا يقل أهمية عن الإلمام بوقائع الدعوى وإصدار الحكم المسبب فيها وهو المقدمة الرئيسية لقبول أحكامه قبولًا حسنًا أيًا كان منطوقه بعيدًا عن مظنة التسيس والتجريح. - ولا يخفى على أحد أن دخولك سلك القضاء لم يكن منذ تخرجك من الجامعة وإنما بعد سنوات عدة. - وإن اشتغالك فى مهنة المحاماة الشريفة ونشاطك النقابي البارز وتوجهاتك الناصرية كانت المكون الرئيسي لمعالم شخصيتك وهي أنشطة يشرف المواطن العادي بالقيام بها لكن ما يصلح لمهنة ويكون فخرًا لها لا يشترط بالضرورة أن يحظى بنفس المكانة فى مهنة أخرى فلكل عمل طبيعته وظروفه وضوابطه التى تحكم تصرفات أعضائه وما ينبغى أن يتبناه من مواقف حيال القضايا المختلفة. والجميع يعلم ما هيتها ويلتزم بها عند إلتحاقه بالعمل فيها ويرتضى بها ومن ثم لا يجوز التحلل منها بالإرادة المنفردة. - ليس عيبًا أن ينشغل القاضى بهموم وطنه ومشاكله السياسية فهو جزء من المجتمع يتفاعل مع ما يجرى على أرضه من أحداث بل وشرف له أن يحمل السلاح للزود عن ترابه ولكن عليه أن يدرك جيدًا ماهية القضايا التى يخوض فى الحديث عنها وكيفية التعبير عن رأيه وحدوده حتى لا يصطدم مع طبيعة عمله فالكلمة مسئولية والمواطن ينظر إلى القاضى نظرة الحيدة فى تلك المرحلة الحرجة والتى وضع فيها ثقته فى القضاء لقيادة مسيرة الثورة وأثرت أحكامه في معالم التحول الديمقراطي وسط حالة من الااستقطاب الحاد والانقسام السياسي وتبادل الاتهامات. - عفوًا المستشارة الفاضلة لقد نزلت طواعية إلى ميدان العمل العام وأصبح رأيك قاسمًا مشتركًا فى العديد من القضايا السياسية المطروحة عليك فينبغى أن يتسع صدرك للنقد لأن مصر فوق الجميع. رئيس بمحكمة الأستئناف