انتهى مارثون الانتخابات الرئاسية ، ومنذ نهاية هذا المارثون إن جاز التعبير والحكايات عنه وعن أحداثه ومواقفه وطرائفه وغرائبه لا تنتهى ولا تهدأ ، فالشباب العاطل على المقاهى الذى عاش هذه التجربة وعايشها بمشاركته لأول مرة ، بدا يتناقل ويتبادل تلك الحكايات وكأنها وسيلة جديدة من وسائل التسلية وقضاء الفراغ ، أما الفتيات العانسات والأمهات فى البيوت انشغلن بالحديث عن أمالهن الكبيرة وعن دورهن العظيم فى إنقاذ مرشح الحزب الوطنى من فقر أصوات الرجال . على مقهى فى وسط القاهرة ، وبعد أن قاربت الساعة من منتصف الليلة التالية ليوم الاقتراع ، اختلطت حكايات واعترافات هؤلاء الشباب عن يوم الانتخاب بالشاى الاسود وأنفاس دخان الشيشة والسجائر المستوردة ، وبمجرد تعالى ضحكاتهم وقفشاتهم ، وجدت نفسى حائرا ما بين الرغبة فى التلصص والتصنت عليهم أو الانضمام إليهم ومن ثم الكشف عن هويتى ومهنتى والاستئذان فى نشر هذه الاعترافات وكان هذا هو الخيار الأفضل فكانت هذه هى اعترافاتهم وأرائهم عن يوم السابع من سبتمبر 2005 بعد 24 عاما من حكم الرئيس مبارك . وباختصار ودون أن نعرف بالضبط إن كان ينعينا أو يهنئنا ، وبعد أن أخذ نفسا عميقا من سيجارته وأعقبه برشفة من كوب الشاى حرص محمد زايد الشاب الحاصل على بكالوريوس تجارة منذ 3 أعوام على أن يبدأ بالقول : مبروك للرئيس محمد حسني مبارك ووداعا لمصر ، ولكن حسن مرعى الحاصل على دبلوم الصنايع منذ خمسة أعوام لم يتردد فى أن يقسم وبأغلظ الأيمان أن يوم الانتخاب كان فرصة عظيمة ليتذكر ويترحم على جميع أقاربه المتوفيين بعد أن طالع أسمائهم في كشوف الانتخابات ، لينصرف عائدا إلى بيته سائلا نفسه هل هو : الذى مات أم أقاربه هم الذين بعثوا ، إلإ أن ، وبفخر يحسد عليه ، مصطفى جمال بكالوريوس علوم جيولوجيا اتكأ ليعلنها صريحة قائلا أنا لم أشارك في الانتخابات لعلمي أنها تمثيلية من تأليف الحزب الوطني وبطولة حسني مبارك ولأنها كانت جلسة ديمقراطية جدا وطاولة لكل الآراء الحرة ، لم يتردد رمزى عبد الحميد فى أن يهب مدافعا عن الرئيس وعصر النماء والرخاء فى حياة الرئيس ليقول أنا مواطن مصري بسيط ، لم أحصل على شهادة عالية مثلكم وليس لدي ثروة ، ولكن في عهد الرئيس مبارك استطعت أن اشتري كمبيوتر وأن أشترك في الإنترنت لمدة 24 ساعة ، وأيضا اشتريت ستلايت ، كل هذا ، فلماذا لا انتخب الرئيس مبارك ؟ واقسم بالله أنني لا أنتمي لأي حزب ، فنظر إليه يوسف علوان والذى لقب نفسه (بالهائم عشقا فى مفاتن السياسة وسيقان الحرية) وكأنه يعلن تضامنه معه ليقول أنا لا انتمى لأي حزب سياسي ولكن أعشق السياسة وكنت أنوي التصويت لنعمان جمعة من باب التغيير ولكن وأنا في طريقي إلى اللجنة الانتخابية أحسست بأن صوتي أمانة فلم أجد سوى مبارك لأحمله هذه الأمانة وكلها أحمال وكلنا حوامل ، وكان حمادة كامل الملقب ب ح ح ليسانس حقوق مسك الختام عندما لخص حال الشباب الحائر وقال لم أشاهد أيمن نور من قبل ولكنني قرأت جريدة الغد عدة مرات وأعتقد أن شعاره الانتخابي "الأمل والتغيير" هو فكرة جيدة ، لأن الناس فعلا تريد التغيير وتنتظره ، واعتقد أن صغر سنه بالمقارنة بباقي المرشحين هو ميزة لصالحه لأن الناس تريد العناصر الشابة . ومع ذلك قررت ببساطة ألا انتخب احدا ، لأنني لا استطيع الاختيار وهذا هو السر وراء أن أصدقائى لا ينادون علي إلا ب ح ح يعنى حمادة الحائر .