شاهدت الزميل صلاح عيسى ، على قناة العربية ، و هو يدافع باستماتة عن "مناقب" وزير الثقافة فاروق حسني ! و عن "انجازاته" .. ! التي كان آخرها محرقة بني سويف التي راح ضحيتها نحو 34 من خيرة فناني و مثقفي مصر !! شعرت بالأسى و أنا أرى صحافيا و كاتبا كبيرا في حجم ووزن صلاح عيسى ، و هو يمتطي صهوة جواده و يقاتل على الجبهة الخطأ و في الوقت الخطأ ، و عن شخص يرتبط بالسلطة ارتباطات "مريبة" جعلته الوزير المدلل .. إللي على الحجر ، ويشتاط النظام غضبا من أجل "عيونه الناعمة" ، و لا يرد له طلبا حتى و إن طلب لبن العصفور ! صلاح عيسى أثار في نفسى شفقة عليه و أنا أراه في هذا المشهد التليفزيوني البائس ، خاصة و إنه لا يزال يحتفظ في خيالنا بصورته التي كان عليها حتى قبيل أن يسند إليه منصب رئاسة تحرير صحيفة القاهرة "الفاروق حسنية" .. ذلك المثقف "الطليعي" الذي قضى حياته الصحافية و سنوات شبابه مناضلا من أجل البؤساء و الطبقات الاجتماعية الفقيرة . كنا نتحدث نحن معشر الصحافيين في مجالسنا الخاصة أن صلاح عيسى و حسين عبد الرازق و محمود أمين العالم ، هم آخر من تبقى من رموز "اليسار النضالي" المصري ، قد نختلف معهم فكريا و سياسيا ، و عقائديا ، و لكننا في الوقت ذاته نحترمهم لمواقفهم الوطنية ، و صبرهم على تحمل أذى سنوات القمع و القهر الاجتماعي ، فيما كان أقرانهم من رموز اليسار يتحولون زمرا و جماعات من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين ، و بعضهم "بصق" على أيام "النضال" من أجل الفقراء ، التي ضيعت عليهم فرص الترقي الطبقي و التحول إلى خدم و مماليك و موالي يعملون تحت أقدام الطبقات الاجتماعية السلطوية المرتبطة بالإمبريالية الغربية و قوى الاستغلال الرأسمالي ، و نال بعضهم رضى السلطة وإنعامها عليه بتعيينه نائبا بمجلس الشورى ، و خصصت له مواكب و حرسا مثله مثل وزراء الهيئات السيادية بالدولة!. كان صلاح عيسى ، الصحافي الفقير ، بوجهه الشاحب الذي تخللته أخاديد خلفتها سنوات الجوع و الحرمان و النضال و السجن ، .. كان في عيوننا أجمل بكثير من صلاع عيسى "المترف" الذي يرفل الآن في نعيم السلطة و يتفيأ ظلالها . شعرت بالخجل نيابة عن زميلي العزيز صلاح عيسى ، و هو يتحدث عن "18 سنة انجازات" و "مشاريع ثقافية عملاقة" شيدت في عهد الوزير الناعم المدلل فاروق حسني ! ليذكرني بما يردده الإعلام المصري عقب كل صلاة يسبح فيها بحمد النظام ، و يتلوا بتبتل و خشوع آياته التي تروي قصص "25 سنة انجازات في عهد الرئيس مبارك" ! فاروق حسني قدم استقالته .. و أدانه المثقفون المصريون ، و طالبوا بإقالته و محاكمته و حملوه مسئولية إزهاق أرواح عشرات المبدعين في حريق بني سويف ، إلا صلاح عيسى ، كان الوحيد الذي يرى في فاروق حسني من الرقة و العذوبة و الحنو ما يجعله أرفق بالمبدعين من الأم الحنون على وليدها ! زميلي العزيز صلاح عيسى .. عيب ! صحيح إنك كسبت مالا كثيرا ... ربما عوضك سنين الحرمان ، و لكنك ما خسرته كان أكثر .. فهل تفهمني ؟! [email protected]