بقدر ما نحاول أن نستقبل الأعياد في بلادنا، وخاصة عيد الأضحى بالبشر والبهجة وأن ندخل البهجة على قلوب الأهل والأقارب والأبناء والجيران، بقدر ما نشعر كثيرا في هذا العيد تحديدا بوخز الألم عندما نرى علامات البؤس والحاجة والضعف والفقر على وجوه قطاعات هائلة من أبناء هذا الوطن الذي طال نهبه، يصعب أن تشعر بالراحة أو البهجة وأنت ترى طوابير ضخمة من النساء والبسطاء تنتظر قطعة لحم ربما لم تذقها من عدة أشهر، أو تنتظر "منحة" من بضعة جنيهات تشعر معها بأنها قادرة على أن تشتري أي شيء لصغارها، يحدثك من حولك عن مشاهد "تقطع القلب"، وفي النهاية هؤلاء أبناء وطنك، هؤلاء بشر، هؤلاء مواطنون، من المفترض دستورا وقانونا ومنطقا وأخلاقا أن لهم حقوقا متساوية مع الديناصورات الذين رتعوا في خيرات هذا البلد عشرات السنين واحتلبوها واكتنزوا المليارات وهربوا مثلها لبلاد أخرى، وأغلبها من المال الحرام واغتصاب حقوق الوطن والمواطن، ولعلها الحكمة الخالدة في تراثنا الجميل "ما جاع فقير إلا بما متع به غني"، وإذا كان هذا يقال في من كان غناه من حلال، فكيف فيمن كان غناه من سرقة أقوات الغلابة واستنزاف خيرات الوطن، إن شرطة قلم صغير من "مبارك" لا تتجاوز مساحتها ثلاثة سنتيمترات على الورقة، منحت شخصا واحدا من المقربين خمسة وأربعين مليار جنيه، من خلال ثروة عقارية هبطت عليه بدون أي جهد أو كد أو شيء، مجرد هبة لحسابات أخرى، ترى كم مليون فقير مصري كان بالإمكان أن تكفله هذه المليارات المنهوبة وهي من حق الوطن وكل أبنائه، وليس من حق "حوت" فاجر يرتع هو وأولاده في القصور الفارهة وسط منتجعات معزولة عن "العوام" ويبعثرون المال بسفاهة من لم يتعب فيه ولا يعنيه حساب ما أنفق، يا ترى كم مصري جاع هو وأولاده أو ناموا في المقابر أو احترفوا البلطجة لأن هناك آخرين نهبوا خيرات البلد التي كان يفترض أن تصلهم قطرات الندى منها، فلم يبق لهم إلا الفقر والبؤس والحرمان واستجداء الصدقات من اللصوص. وإني أناشد الدكتور محمد مرسي بما حمله الله من أمانة ومسؤولية أولى في هذا البلد أن يضع هؤلاء نصب عينه، وأن يكونوا هم أولوية اهتمامه، فهؤلاء هم في الحقيقة الذين طال انتظارهم للحكم العادل، وهؤلاء هم الذين طال عذابهم في هذا البلد، وهؤلاء هم أنصارك وداعموك وسندك إن أعطيتهم وجهك ووضعتهم في صلب مشروعك للإصلاح، لا تنشغل كثيرا بسفسطة النخبة، وجدل المترفين في استديوهات القنوات الفضائية، مصر أكبر من هؤلاء وعبثهم وعذابها أبعد من شغب هؤلاء، ومصر مع الأسف هي هؤلاء الملايين من البائسين والضعفاء والفقراء، فاجعلهم في رأس أولوياتك، يضعوك في قلوبهم ويعلقون صورك بمحض الحب والعرفان على جدران بيوتهم، فلا معنى لنهضة ولا إصلاح إذا ظل هؤلاء على بؤسهم، يا سيادة الرئيس، يمم وجهك نحو المستضعفين يمدك الله بمدد من عنده ويفتح لبلادك من خزائن رزقه، ويكفيك العابثين والمستهزئين وكهنة الباطل ومؤسسة الفساد.