اعتبر عدد من القوى السياسية الإسلامية أن قرار القضاء الإدارى بإحالة الطعون على الجمعية التأسيسية لوضع الدستور إلى المحكمة الدستورية العليا كان متوقعًا لكنهم أبدوا أملهم بأن تنتهى اللجنة من أعمالها فى وضع الصياغة النهائية للدستور قبل أن تنظر المحكمة فى القانون فى غضون شهر ونصف، معتبرين أنه من الصعوبة إعادة تشكيل لجنة جديدة وإعادة الأمر إلى نقطة الصفر، فيما اعتبرت القوى المدنية والثورية أن الحكم بمثابة إطالة أمد الجمعية التأسيسية وإعطائها فرصة، مؤكدين رفضهم للتشكيل الحالى وفرض سياسة الأمر الواقع. وقال الدكتور كامل مندور، الخبير القانونى بحزب الحرية والعدالة، إن قضية اللجنة التأسيسية لا تحتاج إلى تدخل جراحى من القضاء، موضحًا أنه لو تم حل اللجنة سيصبح من الصعوبة على الرئيس تشكيل لجنة جديدة طبقا لما جاء بالإعلان الدستورى الذى أصدره المجلس العسكرى، لافتا أن هذا الحكم سيدخل البلاد فى نفق مظلم. وأشار مندور إلى أن التأسيسية اقتربت بالفعل من الانتهاء من كتابة الدستور وصياغته الصياغة الأخيرة بعد خروج المسودة الأولى للشعب، والتى من المتوقع إجراء بعد التعديلات على صياغتها الأولى. وأضاف مندور أن حكم حل مجلس الشعب كان موقفاً مختلفاً حيث كانت هناك تداخلات سياسية أكثر تعقيداً رغم أن أعضاء المحكمة الدستورية هم أنفسهم الأعضاء الذين سينظرون فى قانون التأسيسية واصفاً أن ضمير القاضى هو من سيحكم وهى مسألة ضمنية. من جانبه، علق عصام سلطان، نائب رئيس حزب الوسط، فى تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" قائلا: "إنه بصدور حكم القضاء الإدارى الآن بإحالة القانون للمحكمة الدستورية، تكون الجمعية التأسيسية فى مأمن تام من حالة التربص بل التغول عليها من قِبَل من لا يؤمنون بمبدأ الفصل بين السلطات. وأشار إلى أن المحكمة الدستورية المتربصة أصدرت حكماً بعدم دستورية القانون، وهذا هو المتوقع والمؤكد بحكم أن بعض قضاتها وفى مقدمتهم تهانى الجبالى، أعلن رأيه فى موضوع الدعوى صراحةً قبل وصول ملف الدعوى لمبنى المحكمة، بما يجعله غير صالحٍ للفصل فيها. وبين أنه فى هذه الحالة فإن حكم عدم الدستورية المتوقع يكون منصباً على القانون الذى أصدره مجلس الشعب وليس على الجمعية التأسيسية التى اُختيرت بإرادة المواطنين، لأن الجمعية التأسيسية تستمد وجودها من إرادة المواطنين التى انتخبت نواب الشعب والشورى ثم قام هؤلاء بدورهم بانتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية مباشرةً استناداً إلى الإعلان الدستورى الصادر فى مارس 2011م، دون المرور على القانون المحال إلى المحكمة الدستورية أو أى قانون آخر يُحكم بدستوريته أو عدم دستوريته من محكمةٍ عادية أو محكمةٍ متربصة – على حد قوله. وأكد سلطان استكمال أعضاء الجمعية التأسيسية عملها قائلا: "سنواصل بناء مؤسساتنا الدستورية وسنصل بدولتنا المدنية إن شاء الله إلى ما يليق بشعبها وحضارته وتاريخه وسينفق البعض من جهوده وأوقاته وتمويله ثم سيكون عليهم حسرةً ثم سيُغلَبون- على حد تعبيره. وفى نفس السياق، أكد الدكتور طلعت مرزوق رئيس اللجنة القانونية بحزب النور وعضو الهيئة العليا أن قرار القضاء الإدارى بإحالة القانون للدستورية كان أحد الاحتمالات المتوقعة، لافتا أن الجمعية من المقرر أن تنتهى من عملها كلية وأن يدعو الرئيس الشعب للاستفتاء على الدستور وستكون الشرعية فى ذلك للشعب قبل أن تبدأ الدستورية فى نظر الدعاوى الخاصة بها, مستبعدا أن يتم الحكم فيها قبل الانتهاء من عمل اللجنة. وفى المقابل قال الدكتور أحمد البرعى، نائب رئيس حزب الدستور، إن الحكم القضائى الصادر عن محكمة مجلس الدولة بعدم الاختصاص فى قضية حل التأسيسية لن يغير من المشهد السياسى الحالى وموقف القوى المدنية من الجمعية مؤكدا أنهم سينتظرون حكم المحكمة الدستورية العليا بحل الجمعية. وأوضح البرعى أنه لو انتهت الجمعية التأسيسية من عملها قبل صدور حكم قضائى بخصوص حلها من عدمه ستكون البلاد فى مأزق حقيقى لأن ذلك يعنى إما أن يتم تأجيل الاستفتاء الشعبى إلى حسم قضية التأسيسية أو عرض الدستور على الشعب وهو ما يعنى أن الدستور الجديد يكون قد وضعته جمعية غير شرعية، ورجح البرعى أن يتم تأجيل الاستفتاء حتى الفصل فى مصير التأسيسية. فيما اعتبر عصام شيحة عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، أن الحكم أعطى فرصة جديدة للجمعية الحالية للانتهاء من الدستور ووضع القوى السياسية أمام الأمر الواقع، مشيرًا إلى أن إحالة جميع القضايا المصيرية إلى المحكمة الدستورية يربك المرحلة الانتقالية التى تعيشها البلاد. واتفق معه حسام الخولى المتحدث الرسمى باسم الحزب، مشيرًا إلى أن الأزمة التى تنتظر التأسيسية بخلاف القضية المرفوعة للمطالبة بحلها هى الخلافات الداخلية للجمعية وتمسك كل تيار داخلها برأيه وعدم رغبته بالتنازل عن موقفه، وأوضح أن هذه الخلافات قد تؤدى فى النهاية بحل التأسيسية دون الحاجة لحكم قضائى. ومن جانبه، قال إيهاب الخراط عضو الهيئة العليا لحزب المصرى الديمقراطى، إن الحزب كان يتوقع مع كثير من القوى حل الجمعية التأسيسية اليوم لكونها غير معبرة عن المجتمع المصرى، مشيرًا إلى أنه فى حالة تأخر حكم المحكمة الدستورية العليا فى إصدار حكمها إلى وقت تستطيع فيه الجمعية الحالية الانتهاء من الدستور وعرضه للاستفتاء سنكون أمام مشكلة جديدة، موضحًا أن المحكمة الدستورية قد تقضى بعدم الاعتراف بذلك الدستور لبطلان الجمعية التى أصدرته. وأكد الخراط أن حزب المصرى الديمقراطى سيدعو الشعب إلى الاستفتاء بلا على الدستور الذى تنتجه تلك الجمعية إلا فى حالة حدوث معجزة على حد وصفه وتغيير المسودة بما يرضى طموحات الشعب.