تبدأ في القاهرة اليوم أعمال ندوة بعنوان "فرص التعايش السلمي بين مسلمي مصر ومسيحييها أكبر من عوامل الفرقة"، في إشارة إلى الأحداث الطائفية التي شهدتها الساحة المصرية في الآونة الأخيرة. وينظم الندوة مركز أبحاث ودراسات الشرق الأوسط بمشاركة وتمويل مركز الدراسات والوثائق الاقتصادية والقانونية والاجتماعية المعروف باسم "السيداج الفرنسي. وتناقش الندوة التي تؤسس لمشروع بحثي عن "التعايش في مصر"، ورقة عمل تحوي تحليلاً لهذه المسألة، تدعو إلى إيجاد حل بوسعه أن يقضي على أي مؤثرات سلبية على التعايش خاصة مع وصول المشكلة إلى الجماهير العريضة التي كانت في السابق تضرب مثلا في احترام العيش المشترك. وتنطلق ورقة العمل من أحداث الفتنة الطائفية الأخيرة في الإسكندرية لتقترح عدة مبادئ للتعايش بين المسلمين والمسيحيين في مصر، وفي مقدمتها الفصل بين "الجماعة السياسية" و"الجماعة الدينية" و "العلمانية الجزئية" والفصل بين النص والممارسة والاعتراف المتبادل بالتجاوزات التي تجري من الطرفين والتركيز على الحاضر دون الماضي. وأشارت الورقة إلى أن المثقفين والنخبة السياسية والاجتماعية يرون أن حل المشكلة الطائفية في مصر لن يتم على الوجه الأكمل، إلا في إطار إصلاح سياسي شامل تستقر فيه قواعد دولة مدنية ديمقراطية تقوم على مبدأ المواطنة. وشددت أيضًا على رفض نزعة الاستقواء بالخارج لحل أي مشكلات تتعلق بالتعايش بين المسلمين والمسيحيين على أرض مصر، مشيرة إلى تجربة مسيحيي العراق بعد احتلاله، والتي أظهرت أن الخارج لا يمكنه أن يضحي بمصالحه من أجل أحد. وحددت ورقة العمل عدة شروط للتعايش؛ أهمها أن يكون الحوار متكافئًا بين الأطراف المتشاركة في حياة واحدة سواء كانوا أفرادًا أو جماعات، وأن يعلو التحاور والتفاهم فوق أي عصبيات أو أفكار مسبقة عن الباقيين، والاستعداد للتعامل بتسامح مع الآخر وقبول الآراء المضادة وعدم النظر إلى هذا التسامح على أنه علاقة بين طرفين أحدهما أقوى من الثاني، بل باعتباره ضرورية حياتية. وأكدت الورقة توافر عناصر عدة تعزز فرص التعايش في مصر، رغم محاولات النيل منه إما بفعل سلوكيات بيروقراطية وأمنية، أو ما تفعله جماعة "أقباط المهجر" وتزايد موقع الدين في الصراعات الدولية وتقدمه بشكل مذهل ومؤسف، حسبما جاء في نصها. واقترحت عدة وسائل يمكن استخدامها في تعزيز التعايش بين المصريين جميعًا، أولها التعليم، وذلك بتضمين المناهج التعليمية ما يحض على التعايش وتنقيتها مما قد يقود إلى كراهية الآخر. كما تشدد على دور وسائل الإعلام في لعب دور يقلل من أي احتقان كما يمكنها أن ترسخ في عقول الناس ونفوسهم قيم التسامح والاعتراف بالأخر واحترامه. كما تطلب اللجنة إقامة جمعيات خيرية دينية مشتركة بين المسلمين والمسيحيين يمكنها أن تزيد أواصر التعايش بين عنصري الأمة. وخلصت ورقة العمل إلى أن علماء الدين من الجانيين بوسعهم لو خلصت النوايا وصح الفهم أن يحضوا المصريين على التعايش ويوضحوا لهم ضروراته وأصوله في الشرائع السماوية.