لا نبالغ – بأى صورة من الصور – إذا ما اعتبرنا أن الإعلان عن تأسيس " الجبهة الوطنية للتغيير " فى مصر ، الذى صدر يوم السبت 8 أكتوبر الحالى ، هو حدث عظيم الأهمية ، شديد الدلالة ، سيترك بصماته الواضحة على مسار الأمة والوطن ، والوقائع والأحداث ، فى بلادنا التواقة للتغيير ، الطالبة للخروج من القاع ، الطامحة لعبور عتبة الضياع إلى أفق المستقبل الواعد . فكل القوى الشعبية ، السياسية والاجتماعية والفكرية فى المجتمع ، دون استثناء واحد أجمعت على هذه الضرورة ، بل أن رجل الشارع العادى ، المواطن الذى ُينسب دوما ً إلى " الأغلبية الصامتة " ، " ملح الأرض " ، وأساس الوجود ، الذى يظنه الناس أبلها ً لا يعى ما يدور حوله ، إذا حادثته يوما ً أو رأيته يعبر عن أحواله ، ويشرح أمنياته وآماله ، ستجد على رأسها مسألة " التغيير " . . تلك اللفظة التى اختصرت برنامجا ً بأكمله ، مثلما اختصر شعار " كفايه " أحلام أمة ، وطموح وطن . فالأزمة الخانقة ، المحتدمة ، المتداخلة ، على كل المستويات ، ذات الطبيعة البنيوية ( العضوية ) ، التى تفت فى عضد النظام ، وتترك آثارها المدمرة على كيان الدولة ، والبناء السياسى للوطن ، باتت أوضح من ان تحتاج إلى دليل ، يعرفها المواطن العليم بالأمور ، المدرك للحقائق ، المتابع للتطورات . . . بوعيه واطلاعه ، ويعرفها المواطن البسيط ، الذى " لا يفك الخط " ، ولا يقرأ الصحف المحلية والعالمية ، أو يتنقل ما بين المحطات الفضائية ، من واقع معاناته اليومية فى تدبير شئون معيشته ، وتوفير أسباب وجودة ، التى باتت صعبة المنال ، عصية على العشرات من الملايين ، أى أغلبية المصريين ، الذين يعانون من الفقر والجوع وتردى الأحوال الصحية والتعليمية . . . وهلمجرا! . * * * * * وإذا كان هذا الأمر قد بات واضحا ً للعيان ، ولا يحتاج لعناء كبير حتى يقتنع به الجميع ، فهناك أمر آخر لا يقل وضوحا ً أو حاجة للجهد فى الاقناع ، هو أن فرص التغيير عن طريق النظام الحاكم منعدمة ، ليس الان ، وإنما منذ أمد بعيد ، فليس من الحكمة انتظار الفرج على يد سبب البلاء ، ولا توقع الرجاء من لصوص الأمل ، ولا المراهنة على الفاسدين والمفسدين فى النهوض بعبء الإصلاح ، فذلك وهم لا يليق ، وخطر لا يجب أن نغفل عنه ، والأكثر من ذلك ، فإن القوى المهيمنة فى النظام تعتبر أن أى عملية تغيير ستستهدفهم ، فى المقام الأول ، وأن تطهير البلاد من أمثالهم ، ومحاكمتهم على جرائمهم ، شرط لازم من شروط التغيير ، ولذا تقاومه بضراوة ، ومستعدة للدفاع عن وجودها – عبر التمسك بإجهاض كل فرص التغيير – كشرط لازم لاستمرار بقائها . * * * * * وإذا كان الأمر كذلك ، فالمؤكد أيضا ً – وهذا وضع يدركه الجميع دون استثناء – أن أية قوة معارضة بمفردها ، لن يكون بإمكانها وحدها ، أبدا ً ، مواجهة شراسة الحرب الدائرة بين قوى التغيير من جهة ، ومعسكر الفساد والنهب المنظم للثروة الوطنية ، والتبعية للسيد الأمريكى والتطبيع مع العدو الصهيونى ، والجمود ، من جهة أخرى . ومن هنا كان التداعى للتعاون ، والتراص والتلاحم ، والتكاتف ، دفاعا ً عن مصالح شعبنا التى تتعرض للتدمير ، ووجودنا – جميعا ً – الذى تتهدده مخاطر جسام ، وبهدف ، [ كما جاء فى الإعلان التأسيسى للجبهة ] ، " السعى من أجل تحقيق الإصلاح والتغيير ، بما يحقق إقامة ديمقراطية حقيقية فى البلاد " ، فالديمقراطية الحقيقية وحدها ، هى الأداة التى تمكننا من إزاحة هذا الأرث الثقيل من الفساد والفشل والإحباط والضياع . كل المقاتلين من أجل الحرية ، مدعوون للاصطفاف فى هذه الجبهة الوطنية ، التى رفعت شعار " التغيير " لوءا ً لها ، والتى تضم من الأحزاب السياسية : حزب الوفد ، والتجمع ، والناصرى ، والعمل ، والكرامة ، والوسط ، ومن الحركات والقوى السياسية ، الحركة المصرية من أجل التغيير ( كفايه ) ، والتجمع الوطنى للتحول الديمقراطى ، والتحالف الوطنى للإصلاح والتغيير ، وجماعة الأخوان ، فالحلال بيَّن والحرام بيَّن ، ولم يعد هناك حل وسط . . فإما أن نكون أو لا نكون . من أجل مصر الحرة المستقلة ، وطن الأحرا ر والمنتجين " ومحل السعادة المشتركة " كما تمنى أجدادنا العظماء ، ضموا صفوفكم إلى جبهة " التغيير " ، من أجل الخلاص من وضع الاستبداد والفساد ، وبناء مجتمع المواطنة والكبرياء الوطنى والإنجاز . [email protected]