مصر تتقدم ياولاد وبخطى سريعة جدًا، والفضل يرجع إلى السبعطاشر تمنطاشر نفر الذين يملكون براءة الاختراع المسمى بالنخبة، فقد قفزت النخبة السياسية المصرية بعيدًا فى عالم الديمقراطية حتى أنها تجاوزت مرحلة التعددية الحزبية بعد شهور قليلة من ظهور التجربة بصورة حقيقية بعد الثورة لتنطلق منها إلى عالم "الحركات" ودنيا "التيارات"، التى لم يتوصل إليها الفكر الأوروبى فى أكبر الديمقراطيات فى العالم.. فالحزب وعاء ضيق قاصر على أعضائه الذين ربما لا يجاوزون بضعة آلاف، أما"التيار" فلا أحد يستطيع أن يحصى عدد أعضائه وإلا فسوف يتكهرب، خذ مثلاً "التيار الشعبى"، الذى أسسه ويرأسه ويمتلك براءة اختراعه السيد حمدين صباحى، فهو يضم فى عضويته كل أبناء الشعب المصرى "ماعدا الإسلاميون". والذين لا يجاوز عددهم المليون، أما باقى المصريين وهم فى عين العدو حوالى 89 مليونًا فهم جميعًا "حق الأخ حمدين"، وهو يمثل أحدث نظم العضوية وهى العضوية التلقائية.. والتيار الشعبى ليس حزبًا وليس له هيكل تنظيمى معين، والانتماء إليه لا يكون بملء استمارة عضوية أو تسجيل فى سجلات، فما الداعى للسجلات وكل المصريين مسجلون أساسًا فى سجلات مصلحة الأحوال المدنية؟، وإنما تكون العضوية "بالنية" على اعتبار أن الأعمال بالنيات والنية محلها القلب، والأخ حمدين فى قلوب كل المصريين، وقلب المؤمن دليله.. فكل من لا ينتمى إلى حزب إسلامى فهو موافق ضمنًا على عضوية التيار الشعبى إعمالاً للمبدأ القائل "من ليس معهم فهو معنا"، وهو ما يسمى عند فقهاء السياسة ب "مبدأ حمدين"، وكل من ركب الأتوبيس أبو بلاش وحضر المؤتمر التأسيسى فى ميدان عابدين فهو عضو فى التيار الشعبى، وكل من لم يركب فهو عضو ومن لزم داره فهو عضو.. وإننى من فرط جهلى أتساءل: ما هى الآلية التى ستتم بها إدارة هذا التيار؟، هل ستتم إدارته بواسطة "سكينة" أم مفتاح "تشينى"؟، بما أنه ليس له هيكل تنظيمى أو إدارى أو تشكيلات من أى نوع.. ثم إذا كان الدخول فى التيار يتم بمجرد حمل الجنسية المصرية، فما هى طريقة الخروج منه؟، يعنى مثلاً لو أن خالتى"نعسة" أو ستى "لواحظ" أرادت أن تنسحب من التيار الشعبى فماذا تفعل؟، هل تتخلى عن الجنسية المصرية على اعتبار أن هذا التيار يضم كل المصريين؟، أم تلقى بنفسها تحت عجلات القطار!!. يا سادة كفى هرطقة وهراءًً، وحسبكم اختراعًا فى أمها، فالتنظيمات السياسية فى كل أنحاء الدنيا لها أوعية معروفة وأشكال محددة.. كفاكم اشتغالات مش كل من فشل فى تأسيس حزب ينسب فشله هذا إلى كونه تخصص "تيارات" وخبير "حركات".. واحد يزعم أنه يمثل الأغلبية الصامتة دون أن يقول لنا بأمارة إيه؟، وآخر يدعى أن تياره الثالث يمثل حزب الكنبة الذى يضم أغلبية المصريين دون أن يجيب على هذا السؤال: إشمعنا؟.. إننى من موقعى هذا أوجه إنذارًا شديد اللهجة لكل النخبويين والنخبويات الأحياء منهم والأموات، وأقول لهم إن كان الفريق "شفيق حركات" قد أسس "الحركة المصرية الوطنية الفلولية الثورية المضادة"، والأستاذ "عمرو مؤتمرات" قد كوم عشرتاشر حزب على بعض فى مقلب واحد سماه "المؤتمر الوطنى المدنى القومى الشامل الذى لم ما خلى"، والدكتور أبو الغار بالتعاون مع الدكتور رفعت السعيد وآخرون قد أسسوا "التيار الثالث" الذى تفرق دمه بين القبائل واندست أحزابه تحت وطأة الحركات الناشئة والتيارات الصاعقة, فإننى ومن منطلق حرصى على المصلحة العليا للبلاد ورغبة فى أن يعم الخير على كل العباد وحرصًا منى على مقومات الدولة المدنية الدينية ذات المرجعية العلمانية والهوية الإسلامية أعلن عن تأسيس "القشاش القومى الأعظم"، والذى يضم كل البنى آدمين فى مصر وما جاورها من الولايات والكور والأبرشيات.. كما أننى أتحدى كل مرشحى الرئاسة السابقين والقادمين وأعلن من الآن عدم ترشحى لرئاسة الجمهورية فى الانتخابات القادمة، وهذا القرار يمثل أحدث صيحة فى عالم الديمقراطية ويثبت للجميع أننى الجوكر الذى سيكتسح كل المرشحين.. فإذا كانت نسبة التصويت فى الانتخابات 50% متفرقة بين كل المرشحين فإن ال50% الباقين أكيد من نصيب من لم يترشح الذى هو أنا عملاً بالمبدأ الديمقراطى القائل "عطاء من لم يصوت لمن لم يترشح". [email protected]