ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية اليوم الخميس أنه بينما توشك الحرب الأفغانية المتواصلة والمنسية على الانتهاء، كشف مسؤولون أمريكيون وأفغان وباكستانيون عن إستراتيجية "اللعب على المكشوف" التي من شأنها تقويض مطالب كل جانب لمجموعة من الشروط الدنيا للهروب من الأزمة الدبلوماسية الحالية. وأوضحت الصحيفة الأمريكية -في سياق مقال أوردته على موقعها الإلكتروني- أن الهدف من هذه الإستراتيجية هو إيجاد مسار لإنسحاب القوات الامريكية وحلف شمال الأطلسي "ناتو" من الحرب التي لايمكن الانتصار فيها بالقوة العسكرية وحدها..مشيرةإلى أن هذا الهدف يتمثل في وضع إطار للانتقال والتحول السياسي حيث خفض مطالب كل جانب وصولا إلى الضروريات غير القابلة للاختزال -أى تقديم صفقة أفضل لكل طرف مما يمكن الحصول عليه عن طريق القتال. ولفتت الصحيفة إلى أن مسؤولين أمريكيين شاركوا في المناقشات غير الرسمية التي تعد اشبه بنهج إعلان "داوننج ستريت" لعام 1993 بشأن أيرلندا الشمالية الذي خفض من مطالب الطائفتين الكاثوليكية والبروتستانتية للمطالب الأساسية، الأمر الذي نتج عنه ما يعرف بإتفاق الجمعة العظيمة في عام 1998، الذي أنهى الحرب الأهلية هناك. وأوضحت الواشنطن بوست أن مسؤولين أمريكيين كشفوا عن هذا النهج في اجتماعهم مع الجنرال إحسان الحق، رئيس جهاز المخابرات الباكستانية السابق ورئيس هيئة الأركان المشتركة في باكستان السابق، الذي حدد سبع نقاط خاصة بهذا النهج ليكون بمثابة "خارطة طريق"، وذلك في محادثات أجريت مؤخرا في مركز نيكسون في واشنطن، في إشارة إلى أن الهدف من هذه المحادثات: هو التركيز على التحول السياسي، بدلا من الجمود العسكري. ونسبت الصحيفة إلى المسؤول العسكري الباكستاني السابق رؤيته بشأن المطالب الأمريكية التي تتمثل أهمها في :عدم تواجد أي قوات لتنظيم القاعدة في أفغانستان، وعدم العودة لسياسات طالبان القمعية تجاه المرأة؛ أما بالنسبة لمطالب حركة طالبان وهي غير قابلة للاختزال -حسبما أوضح الحق- فتتمثل في:عدم تواجد أي من القوات الأجنبية في أفغانستان. وأوضح الجنرال الباكستاني إحسان الحق أن هذه الشروط الدنيا يمكن أن تتحقق..مشيرا إلى أن زعيم حركة طالبان الملا محمد عمر، في رسالته الأخيرة بمناسبة "عيد الفطر"، دافع عن محادثات السلام مع واشنطن كوسيلة ل"تحقيق هدافنا"..ومشددا على أن طالبان "ستقدم للمرأة كافة حقوقها الشرعية في ضوء المبادئ الإسلامية والمصالح الوطنية وثقافتهم النبيلة"، كما أظهرت تصريحات آخرى لحركة طالبان رفضها التام لتنظيم القاعدة. وأشارت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إلى أن "خارطة طريق" الجنرال الباكستاني إحسان الحق تتضمن المطالب الأساسية لأحزاب أخرى: كعرقيتي الطاجيك والهزارة في أفغانستان، في إشارة إلى أنه سيشدد على إعادة الإعمار والمساعدات الاقتصادية، وكذلك على العملية الواسعة للمصالحة الوطنية - التي أكد الملا عمر دعمه لها في رسالته الأخيرة-. كما اقترح إحسان الحق في "خارطة الطريق" لتهدئة المنطقة وجود نوع من الحياد الأفغاني، مع عدم وجود تدخل أجنبي، ومن أجل تهدئة المخاوف والقلق الباكستاني،اقترح أيضا إستعادة أفغانستان الملايين من اللاجئين الأفغان الذين فروا من "أهوال" الحرب، إضافة إلى إقامة الدولتين معا حدودا أكثر "صلابة وتنظيماواستقرارا" -على حد تعبيره-.ولفتت الصحيفة إلى أن الإحباط من الحرب الأفغانية اتخذ طابعا دراميا إثر الزيادة الحادة في الآونة الأخيرة في الهجمات "الخضراء على الزرقاء" -أي مقتل جنود قوات التحالف على أيدى نظرائهم الأفغان - ممن من المفترض أنهم يحاولون تقديم المساعدة لهم. واختتمت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية -مقالها- قائلة بالنظر إلى الطريق المسدود الذي تشهده أفغانستان، ربما ندرك أن الحرب الدائرة هناك واستراتيجيات انهائها سيكونان محل جدل كبير في حملة انتخابات الرئاسة الأمريكية المقبلة..مشيرة إلى أنه مع ذلك؛ يواصل الجنود والدبلوماسيون العمل في فراغ سياسي، ويتعامل المرشحون كما لو أن الصراع الوحشي الدائر في أفغانستان سينهى نفسه بنفسه