إنتقدت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أداء الشرطة المصرية في أعقاب ثورة 25 يناير، معتبرة أن إستمرار حوادث الوفاة داخل أقسام الشرطة مؤشر على أنها لم تتجاوز بعد ماضيها القمعي. وقالت الصحيفة أن حادث مقتل مواطنين بمركز شرطة ميت غمر الأخير وغيره من تقارير سوء معاملة الشرطة للمواطنين تثير مخاوف من أن رغبة الحكومة الجديدة في ملئ الفراغ الأمني الذي أحدثته الثورة جعلها تسارع في إعادة جهاز الشرطة دون إصلاحه، مما جعله يستمر في أنماطه القمعية القديمة. وأشارت إلى التقرير الصادر، أمس الثلاثاء، عن منظمة العفو الدولية والذي قال أن التغييرات التي شهدها جهاز الشرطة في المرحلة الإنتقالية "تجميلية" فقط، وأنه لم تكن هناك أي جهود حقيقية لمحاسبته على تجاوزات الماضي، أو حتى لإعداد الضباط لعهد جديد، لافتاً إلى أن "السلطات لم تتخذ أي خطوات رئيسية لكبح جماح الشرطة". وأضاف تقرير المنظمة الدولية أنه على الرغم من مرور عامين على ثورة يناير إلا أن "العديد من ضباط الشرطة المشتبه في إرتكابهم إنتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان لا زالوا مستمرين في مناصبهم التي تمكنهم من تكرار مثل هذه الإنتهاكات، بل وفي بعض الحالات تم ترقيتهم". من جانبه يرى الباحث بشئون العدالة الجنائية في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، كريم مدحت إنارة، أن مشكلة سوء معاملة الشرطة إزدادت سوءا نظراً لحرص الضباط على للتأكيد على سلطتهم في مواجهة المواطنين الذين أصبحوا أكثر جرأة. وقال إنارة أن "الشرطة في الآونة الأخيرة أصبحت أكثر وحشية، والمجتمع أصبح أكثر تجاوباً"، مشيراً إلى أن الشرطة تصبح أكثر عنفاً عندما تواجه أي مقاومة، وأنها أصبحت "دفاعية للغاية". وتابعت الصحيفة قائلة أن إنتهاكات أجهزة الأمن كانت الشكوى الأساسية للحشود التي أطاحت بحكم الرئيس مبارك، كما أن أفراد جماعة الإخوان كانوا الأكثر تعرضاً لقمع أجهزة الدولة أثناء حكم مبارك، مما دفع العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان للإعتقاد أن إصلاح الأجهزة الأمنية ستكون من أولويات الحكومة الجديدة بعد صعود الإخوان المسلمين للسلطة. ولكنها قالت بأن مؤشرات هذا الإصلاح لم تظهر حتى الآن، وأن وزير الداخلية الجديد الذي عينه الرئيس مرسي، كان مشرفاً على وحدات شرطة متورطة في تلك الإنتهاكات. بدوره اتهم محمد لطفي، الباحث بمنظمة العفو الدولية، الدولة المصرية ب"إزدواجية المعايير"، مشيراً إلى أنه عندما يتهم المدنيين بجرائم فإن سيف العدالة يكون سريعاً في معاقبتهم، و"تتم معاقبتهم بطريقة تنطوي على قمع". واختتمت الصحيفة قائلة أن بعض المدافعين عن حقوق الإنسان يرون أن قلة الإصلاحات داخل جهاز الشرطة قد تكون مرتبطة بنفاذ صبر الرأي العام المصري حيال الفوضى التي أعقبت الثورة، مشيرة إلى أن أول رئيس مصري منتخب ديموقراطيا ربما يرى أن الحاجة لإستعادة الأمن أكثر إلحاحاً من الحاجة إقتلاع جذور ثقافة سوء المعاملة.