على وقع الجهود الجارية للتوصل الى مخرج من الأزمة النيابية فى الكويت ، ووسط لقاء أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمس لرئيس مجلس الأمة جاسم الخرافى ، ورئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك لدراسة سبل الخروج من الازمة ، جاء استجواب النائب فيصل الدويسان لرئيس الوزراء والذي يتضمن ثلاثة محاور ليثير الكثير من التساؤلات حول جدوى هذا الاستجواب وتوقيته وأهميته. ويرى مراقبون، أن هذا الاستجواب يربك الحسابات وربما يؤدي إلى التسريع بخطوات حل مجلس 2009 ، والدعوة إلى إجراء انتخابات جديدة في غضون شهرين من تاريخ الحل، لكنه من جهة أخرى يؤدي إلى التفكير بإطالة عمر المجلس القائم حسبما توقع بعض النواب، أو الضغط من أجل صدور مرسوم بتعديل الدوائر الانتخابية، كما أثار الاستجواب في حد ذاته تساؤلات حول مغزى توقيته وأهدافه، وطبيعة الإجراءات الدستورية والقانونية التي يفترض إتخاذها تجاهه، في الوضع غير الطبيعي الذي يمر به مجلس الأمة الآن ، حيث لا هو منعقد، ولاهو منحل. ووصف المراقبون، الاستجواب بأنه "استجواب الوقت الضائع "، فمجلس 2009 غير قادرعلى الانعقاد، والجميع يترقب صدور حل المجلس بين لحظة وأخرى، واعتبرت مصادر مطلعة أن الاستجواب رسالة قطع علاقة وعدم تعاون بين أغلبية مجلس 2009 وبين رئيس مجلس الوزراء خلال الفترة المقبلة، مبينة أن هذه الخطوة دليل يأس هذه الأغلبية من قبول المبارك للمحاولات التي تبذل لاستخدام مراسيم الضرورة لتغيير قانون الدوائر الخمس. من ناحيته ، أكد النائب فيصل الدويسان، أن استجوابه لخص الحالة السياسية التي شهدتها الكويت خلال الفترة الماضية والتي تعمدت فيها الحكومة تعطيل مصالح البلاد ، مشيرا الى أن استجوابه جاء لمصلحة الكويت أولا التي شهدت فراغا تشريعيا تسبب فيه رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك، وإن هذا الاستجواب هو إستجواب الشعب لرئيس الحكومة ومن ثم للتاريخ ، وقد أقدمه مجددا بالمجلس المقبل مادامت هذه الاغلبية ستعود. وأوضح النائب الدويسان أنه لم يحضر الجلستين اللتين دعا اليهما رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي ، لأنه لم يكن هناك جدول أعمال متكامل، وأن يمارس النواب دورهم الدستوري مثلما هو مقرر في حكم المحكمة الدستورية، وقال نحن لم نحضر الجلستين لأن الاشارة التي وصلتنا لم تكن تتعلق بالدور الدستوري، وأي نائب يحترم الارادة الشعبية التي دفعته الى هذا الموقع عليه أن ينأى بنفسه، وبذلك لن أكون جسرا تعبر عليه الحكومة، لتؤدي القسم، وتأخذ الصفة الدستورية، وبعد ذلك تحل المجلس، مشيرا الى أنه من حق الحكومة أن ترفع كتاب عدم التعاون ، ولكن بعدما يمكن المجلس من عمله بشكل طبيعي ، أما أن يكون العمل صوريا، فذلك ما لانرضاه ، فلذلك جاء الاستجواب الذي قدمته الى رئيس الوزراء. وكالمعتاد ثار جدل وسط الدوائر القانونية حول أهمية الاستجواب وكيفية التعامل معه، حيث أكدت مصادر قانونية ونيابية أن الاستجواب المقدم من النائب فيصل الدويسان غير دستوري، لأنه قدم لحكومة لم تؤد اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة حتى يتسنى للمجلس محاسبتها وإستجواب رئيس وزرائها. وأكد الخبير الدستوري الدكتور محمد الفيلي، أن تقديم الاستجواب لايخالف القواعد القانونية، مشيرا إلى أن الاستجواب المقدم ليست له قيمة إن لم يدرج على جدول الأعمال. وقال محمد الفيلي في تصريح لصحيفة " الأنباء " يجوز لرئيس المجلس إدراج الاستجواب على جدول الأعمال لكن تحديد موعد المناقشة بحاجة إلى عقد جلسة للمجلس ، التي تكون بطلب من رئيس مجلس الأمة أو الحكومة أو 10 أعضاء، وإن لم يتوافر أحد هذه العناصر فلن يحدد موعد لمناقشة الاستجواب ، وفي النهاية سيكون الاستجواب لا قيمة له وكأنه لم يكن. في موازاة ذلك ،أكد القطب السياسي البارز الدكتور أحمد الخطيب أن على رئيس مجلس الأمة دعوة المجلس الى الانعقاد مرة ثانية، وإلا فإنه سيعتبر مشاركا فيما سيحل من مآس . وقال الخطيب، إن أعضاء مجلس 2009 مطالبون بالامتثال الى حكم المحكمة الدستورية وإلا فانهم سيعتبرون مشاركين في المسرحية المقبلة. ووصفت دوائر صناعة القرار أن الاستجواب الذي قدمه الدويسان أمس الى رئيس الوزراء زاد الامور تعقيدا، إذ لا يمكن تجاهله وإعتباره كأن لم يكن - كما يريد أو يأمل نواب المعارضة - لأن ممثلا للأمة مارس حقه الدستوري والطبيعي في إستجواب رئيس الحكومة، وعلى الاخير الرد عليه وتقديم دفوعه وإلا اعتبر أي إجراء خلاف ذلك تعطيلا للنائب عن أداء دوره الرقابي، مؤكدة عدم وجود أي مؤشرات على إنفراج الأزمة قريبا. وأمس جدد تجمع " نهج" الشبابي على لسان النائب الدكتور وليد الطبطبائي دعوته لعقد تجمع بساحة الإرادة ، بينما أكدت كتلة الأغلبية أن من دعا لتجمع الإرادة هم " نهج " وليس الأغلبية ، موضحة أنها لم تتخذ بعد قرار المشاركة من عدمها، موضحة أنها لن تتخذ قرارا بهذا الشأن حتى ظهور نتائج إجتماع مجلس الوزراء اليوم وما ستسفر عنه الإجراءات الحكومية ليتم اتخاذ القرار. وإزاء دعوة التجمع في ساحة الارادة رأت مصادر سياسية أن الحراك الشعبي يعاني من خلل في التنظيم وتحديد الاهداف، خاصة وأن حكم المحكمة الدستورية أنهى الجدل الذي سيطر على الساحة السياسية طوال الفترة الماضية، وقالت المصادر إن الدعوة للتجمع ما هي إلا تحريك للفوضى والانفلات خاصة في ظل غياب الأهداف التي تقف وراء أهمية التظاهر ومحاولة إستخدام أساليب الضغط في قضية منتهية من الناحية الدستورية. ويبحث مجلس الوزراء في جلسته اليوم برئاسة رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك التطورات السياسية والاستجواب المقدم لرئيس الوزراء من النائب فيصل الدويسان، إضافة الى مذكرة الفريق الوزاري التي أعدها بشأن السيناريوهات والخيارات لآلية إستكمال تنفيذ أحكام المحكمة الدستورية والموقف من مصير مجلس 2009 باقتراح حله أو تأجيل الحل لحين الانتهاء من الاستقرار على تعديل قانون توزيع الدوائر أو آلية التصويت، وأكد مصدر وزاري أن مجلس الوزراء سيكلف فريقا دستوريا بدراسة مدى دستورية الاستجواب ومصيره حتى قبل استلامه رسميا من رئيس مجلس الأمة.