تدرك الزميلة هالة سرحان الفرق بين برنامجها الفنى فى سالف الأيام "هالة شو" وبين برنامجها السياسى الحالى "ناس بوك" فهناك مسافة شاسعة بينهما، خصوصا إذا تعلق الأمر بالحديث عن الدستور والقضايا السياسية بالغة الدقة التى تتناولها حاليا. ويبدو – والله أعلم – أن الزميلة تواجه صعوبة بالغة فى الانتقال من أسلوبها السابق فى البرامج الخفيفة حيث كانت تجر الضيوف إلى وجهات نظر معينة لخلق إثارة متعمدة كما فى حلقات بنات الليل ورضاع الكبير والعادة السرية. لكن وقد اختارت أن تكون مقدمة برنامج "توك شو" سياسي، عليها الالتزام بالحذر والموضوعية، فكل كلمة قد تؤدى إلى ما لا يحمد عقباه فى مجتمع يعيش ظروفا انتقالية بالغة الصعوبة، ولا يجوز لأى إعلامى أن يشعل الرماد الخامد ببث إشاعات وتخمينات ومغازلة الضيوف بحثا عن الإثارة التى تغبن وتشوه الآخرين. ذلك يلاحظه من يتابع الدكتورة هالة منذ عودتها من المنفى عقب اتهامها ببث حلقة مفبركةعن بنات الليل، قيل إنهن فتيات وهميات استأجرتهن ليزعمن أنهن يعملن فى الدعارة، وبعدها منعت من الظهور الإعلامي. فى الشأن السياسى الأمر أخطر بكثير من تلك البرامج الخفيفة.. فعندما يتعلق الأمر بإثارة شظايا واتهامات بشأن الجمعية التأسيسية للدستور، فهذا يثير المجتمع ويوقف جهود الاستقرار وإنقاذ الاقتصاد وإنهاء المرحلة الانتقالية، ويحرض ضد الجمعية وضد التيار الإسلامى الذى ينتمى إليه رئيس البلاد المنتخب شعبيا. استندت الدكتورة هالة سرحان إلى إشاعات خلال حوارها مع الصحفية إقبال بركة والناشطة الحقوقية منال الطيبى التى انسحبت مؤخرا من الجمعية وسط جوقة هجوم عنيف منها شملت البرلمان المنحل بادعائها أن نتائج انتخاباته كانت مزورة ترتب عليها تشكيل الجمعية. القضية المحورية التى استند عليها الثلاثة هى السماح بزواج بنت التاسعة، وقد اعتبرته الدكتورة هالة خطرا عظيما مع أنه تكرر نفى تلك الإشاعة أكثر من مرة بواسطة أعضاء فى الجمعية، لكن الإصرار عليها وجر إقبال بركة ومنال الطيبى إلى تبنيها ليس من الموضوعية ولا المهنية ولا يليق بتوك شو سياسي. بل إن منال قالت إنها استمعت، (مجرد سماع)، إلى أن الأمر لا يتعلق بسن الفتاة فقط وإنما بالحيض، يعنى يمكنها الزواج أقل من التاسعة! حلقة كاملة تناولت افتراضات لا حقائق، كانت تقابلها هالة سرحان بنفس أسلوبها فى برنامجها الخفيف "هالة شو" فى سالف الأيام كحلقات رضاع الكبير والعادة السرية! كنت أول صحفى أتاح للدكتورة هالة سرحان عندما خرجت إلى المنفى بسبب حلقة فتيات الليل أن ترد على اتهام الفبركة، وقالت لى يومها إن الحلقة حقيقية وإن (أمن دولة) العادلى ورجاله دبر لها هذه التهمة، وإحقاقا للحق فقد كانت مستعدة للظهور على إحدى القنوات التى أثارت الموضوع للدفاع عن نفسها، لكنهم كانوا يزعمون أنها لا تجيب على اتصالاتهم، وتجاهلوا رسالتى إليهم بأنها غير ممتنعة عن الحديث إليهم. أقول هذه النقطة تحديدا التزاما بالموضوعية والدقة ليس إلا، لأننى اشتممت حينها رائحة أمن الدولة فى تلك القضية تحديدا.. ما أريد قوله للدكتورة هالة سرحان إن الظروف الحالية لا تتحمل إظهار بطولات وهمية لمنال الطيبى أو إقبال بركة على حساب مصلحة الوطن، والبرامج السياسية والاستقصائية تستلزم التأكد من كل خبر وكلمة، فنتائج الخطأ باهظة وربما كارثية. [email protected]