د. مصطفى النشرتى: أزمة السولار يقف وراءها أسباب سياسية.. ومصر دولة منتجة لمشتقات البترول د. هانى رسلان: الوعود السياسية لم تراعِ ظروف البلاد وانخفاض الاحتياطى المصرى من العملة الصعبة له دور كبير فى الأزمة د. سعيد عبد المنعم: الأزمة مفتعلة من بعض الأفراد الذين يحاولون استغلال ظروف البلاد لجنى أرباح كبيرة عن طريق تعطيش السوق المصرية للسولار د. هانى الحسينى: إلغاء دعم السولار الآن سيؤدى إلى ارتفاع سعر رغيف الخبز فى مصر لا تكاد تختفى أزمة السولار فى مصر وتسير الأمور بصفة طبيعية فى الشارع المصرى إلا وتعود الأزمة للظهور مجددًا على الساحة فى مصر، مما يوحى أن هناك شيئًا غريبًا يحدث فى السوق المصرية وأن هناك أيادى خفية تعبث بمقدرات البلاد فى مصر. فدائمًا كانت تتجه أصابع الاتهام فى أزمات السولار فى مصر بعد ثورة يناير إلى قيادات النظام السابق ورغبتهم فى إفشال الثورة المصرية وأن ما يحدث من أزمات جزء من الثورة المضادة للانقلاب على ثورة يناير 2011. ولكن بعد تولى قيادة جديدة فى مصر رئاسة الدولة ووعود الرئيس محمد مرسى بحل عدة قضايا تؤرق المجتمع المصرى، منها أزمة الوقود فى مصر خلال برنامج المائة يوم التى أعلن الرئيس مرسى عنها. إلا أنه لا أحد يعلم الآن ما هى أسباب ظهور أزمة السولار مرة أخرى فى السوق المصرية وهل تستطيع القيادة المصرية الوفاء بوعودها وحل الأزمة قبل انتهاء برنامج ال100 يوم التى أعلنت عنه مرارًا؟ خبراء الاقتصاد من جانبهم أشاروا إلى أن ظهور أزمة السولار مرة أخرى فى مصر بعد تولى الرئيس مرسى يرجع إلى تردد الحكومة المصرية الآن فى إصدار قرار رفع الدعم عن السولار وتخوفها من موجة جديدة من الاحتجاجات عقب صدور هذا القرار. وأكد الخبراء أن هذا التردد الحكومى هو سبب رئيسى فى ظهور الأزمة واختفائها من وقت لآخر، وأن أزمة وجود العملة الصعبة فى مصر لاستيراد السولار والسوق السوداء وعدم وجود رقابة فعالة على توريد السولار إلى محطات الوقود والرقابة أيضًا على الاستهلاك أسباب تؤدى إلى ظهور أزمة السولار، كما أن رفع الدعم عن السولار سيؤدى إلى ارتفاع أسعار بعض السلع على رأسها ارتفاع سعر رغيف الخبز لحاجة الأفران إلى السولار، وسيؤدى أيضًا رفع الدعم عن السولار إلى ارتفاع أسعار منتجات المصانع التى تعتمد على السولار كوقود رئيس لها. وفى إطار ذلك استطلعت (المصريون) آراء خبراء الاقتصاد للوقوف على أسباب أزمة السولار التى تعيشها مصر الآن، وظهورها واختفائها من وقت لآخر، والدور الحكومى فى هذه الأزمة، وكيف يمكن معالجة هذه الأزمة. فى البداية، أكد الدكتور مصطفى النشرتى، أستاذ الاقتصاد بجامعة مصر الدولية، أن أزمة السولار المنتشرة حاليًا فى مصر يقف وراءها أسباب سياسية، وأن الأسباب السياسية تتمثل فى التمهيد من قبل الحكومة لرفع الدعم عن السولار وأن ظهور الأزمة من وقت لآخر فى الشارع المصرى يرجع إلى التردد داخل الحكومة فى رفع قرار الدعم من عدمه والتخوف من انطلاق الاحتجاجات فى الشوارع عقب إصدار قرار رفع الدعم عن السولار، وأن رفع الدعم عن السولار سيؤدى إلى ارتفاع فى أسعار بعض المنتجات التى يدخل السولار فى صناعتها. وأوضح النشرتى أن مصر لديها معامل كثيرة لتكرير البترول ولا توجد أزمة فى السوق المحلية بين العرض والطلب، وأن مصر تستورد بعض المنتجات البترولية فقط وليس مشتقات البترول مثل السولار الذى تنتجه مصر، ويتم تكريره فى معامل فلا داعى للقول إن مصر تستورد السولار وأن الأزمة أزمة استيراد، على أنه لا يمكن إحلال الغاز الطبيعى كبديل للسولار حتى لو كان الغاز الطبيعى متوافرًا فى مصر؛ لأن ذلك يحتاج إلى تكلفة كبيرة وكيف يمكن تشغيل سيارات النقل الكبيرة بالغاز الطبيعى، لكن الأمر يحتاج إلى تدخل الحكومة لترشيد الاستهلاك ومراقبة من يحاول الاستفادة من الأزمة. من ناحية أخرى، أكد الدكتور هانى رسلان، الخبير بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، أن عجز الإدارة وعدم السيطرة على بعض القضايا المحورية فى الدولة يقف وراء أزمة السولار فى مصر، وأن وعود القيادة السياسية فى مصر بحل بعض الأزمات، وعلى رأسها أزمة الوقود فى مصر فى موعد أقصاه 100 يوم كان متسرعًا للغاية ولم تراعِ هذه الوعود الظروف التى تمر بها البلاد، وأزمة السولار فى مصر لا تنعكس على قطاع النقل فقط بل على معظم القطاعات فى مصر، فعلى سبيل المثال فإن الماكينة الزراعية التى يستخدمها الفلاح المصرى فى الزراعة تعتمد على السولار أيضًا وهنا ستؤثر أزمة السولار فى مصر على قطاع الزراعة أيضًا، لذا يجب على الحكومة أن تتدخل لحل الأزمة وزيادة المعروض من السولار حتى يفى بالاحتياجات المطلوبة للمواطنين. وشدد رسلان على أن انخفاض الاحتياطى المصرى من العملة الصعبة التى يجب توافرها لاستيراد كميات إضافية من السولار لسد احتياجات السوق المحلية فى مصر لها دور كبير فى الأزمة، وأنه يجب تدخل الدولة للقضاء على ما يسمى بتجار السوق السوداء فى هذه الأزمة ومعاقبتهم ولا يجب دائمًا إلقاء اللوم فى مثل هذه الأزمات على قيادات النظام السابق؛ لأن مصر الآن يوجد بها رئيس منتخب وله سلطاته وصلاحياته ويجب عليه التدخل لحل الأزمة. وأكد رسلان على أن أزمة السولار فى مصر هى أزمة تمويل من جانب الدولة لهذا القطاع ويجب على الحكومة زيادة المخزون الإستراتيجى من هذا المنتج. ويقول الدكتور سعيد عبد المنعم، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، إن أزمة السولار فى مصر هى أزمة مفتعلة من بعض الأفراد الذين يحاولون استغلال الظروف التى تمر بها البلاد لجنى أرباح كبيرة عن طريق تعطيش السوق المصرية للسولار، فمصر دولة بترولية ولكن هناك بعض الأفراد تسيء استخدام موارد الدولة، بالإضافة إلى سلوك بعض المواطنين فى التبذير وعدم ترشيد استخدام الطاقة، ولا يمكن حل أزمة السولار فى مصر بين يوم وليلة لأنها أزمة مفتعلة لزعزعة الاستقرار فى مصر، ويجب على الدولة التدخل لوقف تصدير أى منتج بترولى إلى الخارج إذا كان السوق المصرية يحتاج إليه. وطالب عبد المنعم بإصدار قوانين رادعة وحاسمة لمعاقبة أى شخص يثبت تورطه فى افتعال أزمة السولار فى مصر حتى لا تتكرر مثل هذه الأزمات فى مصر. من زاوية أخرى، أكد الدكتور هانى الحسينى، الخبير الاقتصادى وسكرتير اللجنة الاقتصادية بحزب التجمع، أن الاستمرار فى استخدام نفس السياسات الاقتصادية التى كانت تدار بها البلاد فى عهد النظام السابق سبب رئيس فى أزمة السولار الحالية التى تشهدها مصر، وأن مصر تقوم بصفة شهرية باستيراد ما تحتاجه من السولار لسد احتياجات السوق المحلية وأن الاستيراد يتم بالعملة الصعبة وأن الموازنة العامة للدولة يوجد بها عجز فى العملة الصعبة وهذا يكون له دور كبير فى إحداث أزمة السولار. وأشار الحسينى إلى أن الحكومة حتى الآن لم تطرح أى سياسات بديلة لوقف استيراد السولار من الخارج ولم تطرح بدائل أيضًا لوقف تصدير الغاز إلى الخارج وإحلاله محل السولار بدلاً من استيراد السولار، وأنه توجد شركات فى مصر يمكنها استبدال الغاز كبديل للسولار بدلاً من قيام مصر بتصدير الغاز إلى 7 دول منها إسرائيل، ولابد من وجود رقابة على توريد السولار للمحطات ورقابة فعالة أيضًا على عملية الاستهلاك فى مصر، حتى لا يتم تهريب السولار إلى السوق السوداء وعلى وزارة الداخلية أن تقوم بدور فعال فى هذه الرقابة. وقال الحسينى إن السياسية الاقتصادية للدولة الآن لا تقوم على دور قوى للدولة ويجب تعديل هذه السياسة لتقوم الدولة بدورها الرئيسى فى مراقبة السوق المحلية ولا تترك الأمور فى يد رأس المال الذى يحكم السوق المحلية، وقيام الدولة بإلغاء دعم السولار الآن سيؤدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير منها ارتفاع سعر رغيف الخبز، حيث إن السولار تحتاجه أفران الخبز فى مصر، وبمجرد رفع الدعم عن السولار سيلجأ صاحب الفرن إلى تعويض ذلك برفع سعر رغيف الخبز، ويجب على الحكومة إعداد رؤية متكاملة للوضع الاقتصادى فى مصر وسد جميع الثغرات فى النظام الاقتصادى القائم.