بعد قرار الحكومة زيادة الدعم المخصص لرغيف الخبز بمليار جنيه، تباينت اراء الخبراء الاقتصاديين حول هذا القرار، ففريق يري ان زيادة الدعم تأتي لتخفيف الاثار السلبية التي من المتوقع حدوثها بعد اسناد عمليات استيراد القمح للقطاع الخاص، وهناك من يري ان الاموال التي ستعود للخزانة بعد زيادة اسعار السولار هي ذاتها التي ستذهب لدعم الخبز، بينما يري فريق ثالث ان دعم الخبز قضية امن اجتماعي ولا يجوز بحال المساس بها. العالم اليوم ناقشت مختلف الاراء في التحقيق التالي: "زيادة الدعم" بداية فإن الدكتور اسامة عبدالخالق "عضو الجمعية المصرية للمالية العامة والضرائب والخبير الاقتصادي بمنظمة العمل العربية" يؤكد انه مما لاشك فيه ان قرار زيادة الدعم المخصص لرغيف الخبز بمليار جنيه كان من الممكن ان يؤتي ثماره لو بقي الوضع القائم علي ما هو عليه الا ان الامر في ظل اتجاه الحكومة مؤخراً الي اسناد عملية استيراد القمح للقطاع الخاص انما يعني ان هذا القرار يهدف فقط الي تخفيف الاثار السيئة الناتجة عن عملية الاسناد هذه نظراً لما هو متوقع من اتجاه اسعار هذه السلع الرئيسية الي الزيادة بشكل مبالغ فيه نتيجة دخول القطاع الخاص في عملية الاستيراد وبالفعل هناك عديد من السلع التي انسحبت الحكومة من انتاجها واستيرادها. ولما كان دخول القطاع الخاص في اي عملية لابد ان يسفر عن تحقيق ارباح فإن الزيادة الناتجة عن هذه الارباح او الاحتكار ان حدث ستؤدي الي زيادة تفوق هذا الدعم الذي قررته الدولة. وهو يعني ويؤكد توقعها ذاته لحدوث هذه الزيادة بعد اسناد عملية الاستيراد للقطاع الخاص وما سيؤدي اليه هذا الاسناد من رفع عبء الدعم عن الموازنة العامة وتكون الحسبة في النهاية ماعاد علي الموازنة العامة من ارباح ممثلة في قيمة خفض الدعم المتعلقة بسلعة القمح من ناحية بعد اسناده للقطاع الخاص وقيمة المليار جنيه التي منحت والفرق يمثل قيمة الخفض في عجز الموازنة العامة التي ستنجم عن تطبيق هذه القرارات مجتمعة. ونحن نهيب بالحكومة ان تكون هناك رؤية واضحة وخطة محددة زمنياً لسرعة التحول من الدعم العيني الي الدعم النقدي حتي يمكن تحرير اسعار السلع والخدمات بدلاً من هذا التضارب والتخبط في القرارات التي تشهدها الساحة المصرية حالياً والتي تعكس سياسة جزئية وليست كلية وهو الامر الذي يخالف كل الاعراف الاقتصادية التي تأخذ بالمنظور الشامل للاقتصاد القومي وتعمل علي الحد من الاثار الجانبية الناشئة عن تطبيق القرارات الاقتصادية الشاملة وليست الجزئية. "رفع الدعم" ويشير الدكتور وجيه دكروري "الخبير الاقتصادي" الي ان رفع الدعم الجزئي عن البنزين 90 والسولار يحقق للدولة ما قيمته مليار جنيه سنوياً تقريباً معظمها جاء من دعم السولار. لذلك فقد جاء توجيه الرئيس مبارك بتوفير مليار جنيه. لدعم رغيف الخبز حتي يحدث التوازن بين ما تم رفعه من دعم الوقود حيث ان السولار هو الوقود الرئيسي لافران الخبز علي مستوي الجمهورية وبالتالي كان من الضروري تعويض تكلفة انتاج رغيف العيش. وعموماً فإن قرار مبارك بتخصيص مليار جنيه لدعم وتحسين رغيف الخبز هو رسالة للمجتمع يؤكد فيها ان اجراءات رفع الدعم التي تمت علي بعض انواع الوقود بنسب تتراوح ما بين 25 و30% وهي بلاشك اعباء اضافية علي شريحة طبقة العاملين والموظفين بالمجتمع الا ان هذه التضحية سوف توجه الي الطبقات الفقيرة والمعدمة التي تحتاج الي رغيف الخبز كمقوم اساسي لحياتها وكما ان رفع الدعم عن الوقود يأتي في اطاراعادة تخصيص هذه الاموال بشكل مباشر الي الطبقات والفئات المستهدفة بهدف رفع مستوي معيشتها بعد ان وصلت مستويات الفقر في بعض المحافظات الي اكثر من 40% وهو وضع لا يمكن السكوت عليه ولا يمكن تمويل آليات تحسينه الا من خلال اعادة توزيع الدخول واعادة تشكيل منظومة الدعم للمجتمع. ويؤكد دكروري ان دعم رغيف العيش الان يعتبر وقاية من مخاطر ارتفاع تكلفة انتاجه التي تتزايد عاماً بعد عام بسبب ارتفاع التكلفة العالمية للقمح وعناصر التكاليف الاخري من النقل وتكلفة التصنيع وغيرها.. "تعدد الاسعار" ويؤكد الدكتور اشرف عباس "عضو الجمعية المصرية للاقتصاد الزراعي" ان تقديم الدعم من الناحية الاقتصادية البحتة المجردة هو اسلوب يؤدي الي اثار سلبية في الاسواق نتيجة لوجود تعدد في الاسعار الا ان بعض الدول النامية تلجأ الي تقديم الدعم للمستهلكين في حالة السلع الاستراتيجية وان سلعة مثل رغيف الخبز هي بالفعل سلعة اساسية ولها اولوية بالنسبة للمستهلك. مشيراً الي انه اذا كانت هناك زيادة في الدعم النقدي الموجه من الدولة لرغيف الخبز علي اساس ان يوجه جزء منها لتعويض الخسائر التي يتحملها اصحاب المخابز نتيجة لارتفاع تكلفة الانتاج الخاصة بهم فيجب ان يواكب ذلك تحسن في رغيف الخبز المقدم للمواطنين وان يشعر بذلك مباشرة مادامت تكاليف الانتاج قد انخفضت بالنسبة لاصحاب المخابز وحتي تتحقق الفائدة المرجوة من هذه السياسة المتخذة. ويؤكد دكتور اشرف انه لا يوافق مطلقاً علي رفع سعر رغيف الخبز لا حالياً ولا مستقبلاً لاسباب اقتصادية لان الخبز هي قضية امن اجتماعي بالنسبة لمصر. مشيراً الي انه يجب ان يشعر المواطن بدور رقابة علي المطاحن والمخابز بنفس القدر الذي كان موجوداً مع وزارة التموين والتجارة الداخلية فدور الرقابة مهم للحفاظ علي الاسعار. ويؤكد دكتور اشرف: ان وجود الدعم مهم واساسي للحفاظ علي اسعار الخبز حتي لا يصيبها الارتفاع الذي حدث في اسعار سلع وخدمات اخري كثيرة.