فى ختام مقاله ب"الشرق الأوسط" يقول عبد الرحمن الراشد: "ما الذى يمنع مصر من الاشتراك مع السعودية والإمارات وقطر والأردن في دعم الثورة السورية بأكثر من البيانات الرسمية، وبصفة غير رسمية يمكن أن يكون لمصر دور فاعل فى إسقاط نظام بشار بدعم الثوار بكل الوسائل". ما الذى يمنع فعلاً تنفيذ ما يقترحه الراشد ليكون الحل عربيًّا من دون تدخُّل دوليّ مباشر طالما أن حسابات الغرب تستبعد في سوريا ما حصل فى ليبيا. أوباما ليس بوارد لديه التحرك جديًّا تجاه إسقاط الأسد إما لأنه لا يريد ذلك بناءً على مطلب إسرائيل، حيث من مصلحتها إنهاك الطرفين تمامًا.. النظام والشعب لتحويل سوريا إلى دولة فاشلة مفتتة تغرق في أنهار من الحروب الأهليّة والدماء فلا تقوى - سواء بقي النظام أو سقط - على تهديد أمنها لعقود، أو هو لا يريد التدخُّل لأنه لا يأمن العواقب والوقوع في مستنقع جديد وهو يجاهد للفرار من أفغانستان بعد أن هرب من العراق، وهو بنى سياسته الخارجية على أساس عدم توريط بلاده وقواته فى غزوات جديدة مصيرها الفشل، ولذلك كان فى ليبيا داعم سياسي للناتو ومشارك غير أساسيّ في الجهد العسكريّ فقد ترك المهمّة لفرنسا وبريطانيا وبلدان أخرى، ولم يكن هناك غزو بريّ ولو كانت هناك ضرورة لذلك لم يكن أوباما ليدفع بقوّاته في مغامرة قد تنقلب عليه. حالة سوريا مُختلفة عن ليبيا فعلاً، فالقذافي لم يكن له حلفاء لنجدته باستثناء تعاطف جزائريّ وأفارقه غير مؤثرين بينما هو محاط ببلدين أسقطا طاغيتين مثله فى تونس ومصر، وكان من يتعاملون معه من العرب وفى الغرب لا يثقون فيه لتاريخه في العنف والدماء والتآمر، أما الأسد فإنه أكثر حاكم خدم إسرائيل أمنيًّا حيث جعلها تنام فى أمان على الحدود مع الجولان المحتلّ، كما قام بأدوار أمنيّة خفيّة جيّدة لمصلحة أمريكا فيما يسمّى الحرب على الإرهاب بعد 11 سبتمبر على رُغم ما يبدو على السطح من عداء، وتحالفه الوثيق مع إيران وحزب الله وسيطرة هذا الحلف على أوراق تأثير مهمّة فى الشام والخليج وهى منطقة حيويّة للنفط وللوجود والمصالح الأمريكيّة يجعل أوباما ليس بوارد المخاطرة بعمل عسكريّ حتّى لو خرج من البيت الأبيض لأن النتائج غير مضمونة وقد تتسع الحرب ليضرب حزب الله إسرائيل وتضرب إيران قواعد ومصالح أمريكا وحلفائها بالخليج، ولو فاز الجمهوريّ رومني الذي يقدّم نفسه على أنه صقر فإنه سيفكّر طويلاً وقد لا يتدخّل أيضًا وهو ليس لديه رؤية تجاه الأزمة غير الكلام العام لإحراج خصمه الديمقراطيّ. ليس أمام العرب إذا كانوا يريدون عمل شيء للشعب السوري الذبيح وللتخلص من نظام ستكون تكلفة بقائه أكثر فداحة على الشعب وعليهم من تكلفة الإطاحة به إلا اتخاذ قرار شجاع بالتحرك الجدّيّ لدعم الثورة والجيش الحرّ دعمًّا حقيقيًّا وبكل الوسائل للتسريع بإنهاء ذلك النظام الذي لايستحقّ البقاء حتّى من دون ثورة ومجازر، وإذا كان هناك تخوُّف من تيارات متطرّفة تقاتل الأسد فإنها تبقى هامشيّة وسط بحر من الثوار والمقاتلين المعتدلين الذين تحركهم الوطنيّة السورية وليس الأيديولوجيّات لبناء سوريا جديدة حرّة ديمقراطيّة، وهناك قيادة الجيش الحرّ وهي بعيدة عن التطرف يمكن تقويتها وكذلك دعم المجلس الوطنيّ وتوسيعه ليضمّ كلّ أطياف المعارضة بالداخل والخارج ليكون الطرفان هما القيادة السياسيّة والعسكريّة لإدارة البلد خلال فترة انتقاليّة، وإذا تخلّى الجيش النظامى عن الأسد فالإبقاء عليه ضرورة للحفاظ على كيان سوريا موحّدًا. موقف مرسي فى طهران وفى اجتماع الجامعة بالقاهرة من سحب شرعيّة نظام الأسد والانحياز للثورة جيّد لكن اقتراح اللجنة الرباعية بوجود إيران فيها غير موفّق واللجنة لم تقدم شيئًا للآن وإيران لن تتخلّى عن الأسد وقد تغيَّبت السعودية عمدًا عن اجتماعها الأخير فى رسالة تعكس عدم رضا عنها لوجود طهران التي هي جزء كبير من المشكلة وليس الحلّ، لكن الجيّد أكثر أن تقود مصر التحرُّكات العربيّة مدعومة من تركيا والقوى الكبرى لوضع نهاية لشلالات الدماء التي يسفكها نظام همجيّ منزوع الأخلاق ليكون الحلّ عربيًّا ومن دون تدخُّل دوليّ، ويمكن لمصر تجريب التفاهم مع إيران لتمرير وضع نهاية للنظام وإغرائها بأن مصالحها معها ومع العرب ستكون أفضل وأأمن وأدوم من تحالف مع نظام مآله السقوط بعد أن كسر شعبه حاجز الخوف وصار في كلّ بيت ثأر معه بحجم الجبال، وحتى لو عاش بعض الوقت فإنه سيعيش في غرفة الإنعاش انتظارًا لتشييعه إلى جحيم التاريخ.