تساءلت صحيفة "لوس انجلوس تايمز" الأمريكية عن الأسباب التي تجعل العالم يعزف حتى الآن عن التدخل في سوريا رغم انهار الدماء التي تسيل في شوارع دمشق، وتجيب قائلة إنها لعبة المصالح الباردة وسوريا موجودة في المنتصف. وقالت الصحيفة "لان الحرب في سوريا قد تتحول إلى حرب إقليمية وتجر إيران وإسرائيل لداخلها، تحولت سوريا في الأسابيع الأخيرة إلى المكان الأكثر دموية في تاريخ الربيع العربي القصير، ليس هناك مكان للمقارنة طبعا بين القمع المصري وبين القبضة الفولاذية لعائلة الأسد، ولكن المقارنة مع أنظمة اقل تنورا كاليمني أو حتى الليبي، تظهر انتصارا سوريا ساحقا في مجال القسوة والوحشية، حيث ان الانتفاضة السورية حصدت رسميا حتى الان أرواح سبعة آلاف شخص اغلبهم من المدنيين، ولكن التقديرات أكبر من ذلك بكثير، ففي الحرب المدنية الليبية قتل عشرات آلاف المقاتلين والمدنيين ولكن هذا الرقم نهائي بعد انتهاء الحرب، أما في سوريا فمن المثير أن نعرف عدد الهياكل التي تخفيها عائلة الأسد في ارض سوريا المروية بالدماء. وأضافت إن الانتفاضة السورية هي أيضا الانتفاضة الأطول من بين محاولات إسقاط النظام خلال الربيع العربي، السوريون يحاولون إسقاط إحدى الدكتاتوريات الأكثر ظلامية في العالم منذ عشرة اشهر وهم يفعلون ذلك مع بعض الإعلام، بينما يساعد النظام الإيراني بكافة موارده لإسقاط الثورة. وتابعت مرة تلو الأخرى يصرح قادة العالم عن انتهاء دور بشار الأسد التاريخي، وهم يقولون ذلك ليس من منطلق الإيمان وإنما هي حرب أعصاب إعلامية، يقولونها حتى يشجعوا الانتفاضة ضده وحتى يضعفونه، عندما يقول الناطق بلسان البيت الأبيض هذا الأسبوع عن الأسد إنه "سيغادر" فهذا ليس كشفا لمعلومات استخبارية سرية عن وجود نية كهذه لدى عائلة الأسد، هذه ألعوبة نفسية. واكدت الصحيفة ان الغرب سيفكر أكثر من مرتين قبل أن يقرر التدخل العسكري في سوريا وهذا لا يرتبط فقط بالفيتو الروسي، هذا يرتبط بعبارة يرددها الفرنسيون والأمريكيون والبريطانيون: سوريا ليست ليبيا، هم ليسوا متوجهين نحو مصالحهم في مجال الطاقة فهذه مسألة لا يتحدثون عنها علانية، هم يلمحون لمشكلة أخرى اشد خطورة وهي قدرة النظام السوري الفعالة بتوريط الشرق الأوسط كله في حرب شاملة. وتابعت:"ليبيا القذافي كانت دولة معزولة مع تحالفات ضعيفة، أما سوريا فهي ركن المحور الإيراني في الشرق الأوسط – ومن الأكثر صحة القول، المحور الشيعي، الأقلية العلوية قريبة جدا من الفلسفة الشيعية، وهذا المحور يمتد من إيران عبر سوريا وصولا إلى حزب الله في لبنان، كسر الحكم العلوي يشكل خطرا على مكانة طهران في المنطقة ويغير تماما الصورة الإستراتيجية الإقليمية. الإيرانيون يدركون ذلك كذلك حزب الله وهم أيضا يدركون جيدا أن الصراع المسلح ضد الائتلاف الغربي (والمسيحي) أكثر نجاعة من قتل المسلمين في شوارع دمشق، تهديدات الأسد بإشعال المنطقة نقلت من خلال عدة قنوات للولايات المتحدة وقد نجحت، وهذا من دون الروس أيضا". في العهد السياسي الحالي تنقسم الدول الى معسكرين واضحين. ألعاب التمثيل والتنكر انتهت وهكذا أيضا ألعاب الكلمات، الولاياتالمتحدة لم تعد ترغب أو أنها لا تستطيع أن تسمح لنفسها بتأييد حكام الأنظمة الفردية، أوباما قائد واقعي ولذلك هو ليس معنيا – خلافا لجورج بوش – بديمقرطة العالم العربي، وها هو يضطر الآن لتبني حملة سلفه الصليبية، اوباما كان قد اوضح في بداية عهده بان أمريكا لن تتدخل في طريقة الحكم في الدول الأجنبية. ولكن الذراع الذي زرعه حكم بوش في العالم العربي في سياق ذلك من خلال ميزانيات هائلة حولت للمؤسسات الاهلية قد بدأت تطل برأسها.