4 تحذيرات خلال أغسطس فقط.. و«الصيادلة»: انتشارها بسبب ضعف الرقابة والمتابعة.. وبعض المصانع لا تطبق المعايير لابد من عقوبات رادعة حال تكرار الخطأ.. وهناك سلاسل كبرى توزع هذه الأدوية لجنة الصحة بالبرلمان: تفعيل «الهيئة المصرية للدواء» ستقضى على الظاهرة وفق تقديرات البروفيسور مارك جيلينى، رئيس جمعية مكافحة غش الدواء بباريس فإنه ما بين 700 ألف و800 ألف شخص يموتون سنويًا بسبب الغش في الدواء، والأمر لا يقتصر على الفقراء فقط، حيث من المعروف أن ملك البوب "مايكل جاكسون" مات بسبب جرعة دواء خاطئة، حتى إن الموت بسبب الأدوية المغشوشة في الولاياتالمتحدة نسبته أعلى من الموت عن طريق حوادث الطرق. وفي مصر، لا يمر أسبوع على الأكثر إلا وتعلن وزارة الصحة عن أنواع لأدوية غير مطابقة المواصفات "مضروبة"، ما أثار تساؤلات حول الإجراءات والآليات التي تتخذها الوزارة في مواجهة تلك الظاهرة التي تنتشر بصورة واسعة، وكذلك عن أسباب استمرارها على الرغم من التحذيرات المتزايدة. وخلال الشهر الجاري، أصدرت وزارة الصحة نحو أربعة منشورات تحذر خلالها من أدوية مغشوشة، إذ حذرت في 7 أغسطس من وجود صنفين للأورام مغشوشين بالأسواق، الصنف الأول (بريجيتا 240 مليجرام) مخصص لسرطان الثدي، والصنف الثاني (وافيستين) لسرطان المخ. وفي 12 أغسطس، دعت الوزارة ممثلة في الإدارة المركزية لشئون الصيادلة، إلى ضرورة توخي الحذر من الأدوية المغشوشة محذرةً من عبواتٍ مهربة وغير مسجلة من المستحضر الدوائي "zytiga 500 mg tab " المُستخدم في علاج السرطان. بعدها بيومين، حذرت إدارة الصيدلة من عبوات مغشوشة وغير مسجلة ل 3 مستحضرات شملت مستحضر التجميل "بوتكس"، و"amoxy 20% "، وzytiga 500 mg tab . وفي 20 أغسطس، تمكن ضباط إدارة مباحث التموين بالقاهرة من ضبط مسئول عن مصنع أدوية بمدينة بدر؛ لإدارته المصنع من دون ترخيص، واستغلاله في تصنيع الأدوية من مواد مجهولة المصدر، وغير مصحوبة بأي مستندات تدل على مصدرها والتصرف فيها بالبيع لتحقيق أرباح غير مشروعة. وعثر بداخل المصنع على 4800 كيس أعشاب "لحالات انتفاخ الأطفال"، و1200 كيس أعشاب "مهدئ للأطفال"، و8775 كيس أعشاب "لعلاج فقر الدم"، و2000 كيس بودرة أطفال "مكمل غذائي"، و1240 عبوة "مكمل غذائي للأطفال"، و1008 عبوات دواء "لرفع مناعة الأطفال"، و240 كيس "لعلاج الأنيميا للأطفال". ووفقًا لآخر تقرير عن الإدارة المركزية للشئون الصيدلية التابعة لوزارة الصحة، فإن تجارة الأدوية المغشوشة تمثل نحو 10% من مبيعات الأدوية، والتي بلغت في 2018 نحو 60 مليار جنيه، بحيث تخطت النسبة العالمية التي تقدر ب 6%. الدكتور أحمد فاروق شعبان، عضو مجلس النقابة العامة للصيادلة، قال إن "الأدوية المغشوشة من القضايا المهمة التي تحتاج إلى حلول جذرية وسريعة، لاسيما أنها باتت منتشرة على نطاق واسع، ولا تقتصر على أماكن محدود، بل توجد في سلاسل كبرى ومشهورة". وفي تصريحات إلى "المصريون"، أضاف شعبان، أن "ضعف الرقابة والمتابعة يعد العامل الأساسي في انتشار الأدوية المغشوشة، والرقابة المستمرة سينتج عنها القضاء على تلك الظاهرة و يروجون لها، فيما ضعفها يساعد على انتشارها". وأشار إلى أن "ضعف الاتصال بين الإدارة المركزية للشئون الصيدلية، والصيدليات، البالغ عددها نحو 70 ألف صيدلية؛ يؤدي إلى ظهور تلك الأنواع من الأدوية غير المطابقة للمواصفات"، لافتًا إلى أن "دور الإدارة يتمثل في إبلاغ الصيدليات بهذه الأنواع، لكنها في الواقع لا تستطيع تنفيذ ذلك". وحمل شعبان، شركات الأدوية المسئولية عن انتشار مثل هذه الأدوية؛ لأنها "لا تقوم بتطبيق المعايير على جميع التشغيلات التي تنتجها، الأمر الذي يؤدي في بعض الأحيان إلى خروج تشغيلة غير مطابقة للمواصفات". وتابع: "الوزارة لا تقوم بمراقبة التشغيلات بالمصانع، لكنها تختبر عينات بشكل عشوائي، وبالتالي قد تكون هذه التشغيلات العشوائية مطابقة للمواصفات، وهنا يأتي دور المصنع، الذي من المفترض أن يراقب كل التشغيلات، وإذا ما وجد أنها لا تطابق الموصفات لا يسمح بطرحها بالأسواق". واستدرك عضو مجلس نقابة الصيادلة، قائلاً: "وبما أن البعض لا يلتزم بذلك ولا يطبق هذه المعايير؛ فمن الطبيعي أن تظهر أدوية غير مطابقة للمواصفات أو مغشوشة". ورأى أن الحل يتمثل في تكثيف المراقبة، وتوقيع عقوبات رادعة على المخالفين، لاسيما من يتكرر خطؤه أكثر من مرة دون أن يتخذ الإجراءات والضوابط التي تجعله لا يكرر الخطأ. وشدد على ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة وكذلك تكثيف الرقابة، مع السماح لنقابة الصيادلة بأداء دورها بحرية، خاصة أن الحظر المفروض عليها يكبلها ولا تتمكن من أداء المهام المطلوبة بصورة مكتملة، بحسب تصريحه. بدوره، قال حاتم عبد الحميد، عضو لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب، إن "القانون الجديد الذي أصدره البرلمان خلال دور الانعقاد الماضي نص على إنشاء هيئة جديدة تحت مسمى "الهيئة المصرية للدواء، والتي ستكون مهمتها الإشراف والرقابة على سوق الدواء". وأوضح ل"المصريون"، أنه "بعد تفعيل عمل هذه الهيئة سيتم القضاء على ظاهرة الأدوية المغشوشة، وسيتم ضبط سوق الأدوية في مصر، والتي يؤدي ضعف دور الأجهزة الرقابة إلى انتشارها". عضو لجنة الصحة بالبرلمان، أشار إلى "ضرورة توعية المواطنين بعدم شراء الأدوية من الأرصفة، ومن الصيدليات التي ليس بها طبيب، لأن ذلك أحد عوامل انتشار تلك الأدوية". وأكد أن "وسائل الإعلام عليها توعية المواطنين بعدم شراء أدوية غير معروف مصدرها،" مشيرًا إلى أن "مخازن الأدوية غير المطابقة للمواصفات تؤدي في بعض الأحوال إلى وجود هذه الأنواع غير المطابقة، لذا يجب أن تتوافر عوامل الجودة بتلك المخازن". وضع «كود» للأدوية منعًا للغش من جانبها، قالت الدكتورة هالة مستكلي، عضو لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب، إنه "يجب التصدي للأدوية المغشوشة من خلال وجود الرقم الكودي لكل الأدوية حتى يعرف منشأ الدواء، ويتبع كل دواء على حدة رقم التشغيل، وتاريخ الإنتاج والصنف وغيره". وطالبت "مستكلي"، في بيان، بتشديد الرقابة على مخازن الأدوية، لأن الشركة لن تعطى دواءً مغشوشًا، لكن المخازن ومصانع "بير السلم" هي من تقوم بذلك. وأشارت عضو لجنة الصحة بالبرلمان، إلى أن هذه المصانع تعطى الدواء للمخازن بسعر أقل، ويعطيها المخزن للصيدلية بسعر عالٍ لافتة إلى أن "الظاهرة تمثل تهديدًا خطيرًا للصحة العامة ولابد من التصدي له، خاصة أن هناك بعض الأدوية التي يتم تهريبها عن طريق التجار". واعتبرت أن "الأدوية المغشوشة تعتبر كارثة إنسانية لا على الدولة فقط ولكنها تهدد المريض المصري، فمن الممكن أن يتجرع أحد هذه الأدوية وينتج عنها مضاعفات تودي في النهاية بحياته، لذا لابد من التنبه لهذا الخطر الجسيم". لجنة الدفاع: لا تهاون إلى ذلك، قال اللواء يحيى كدواني، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، إن "الأدوية المغشوشة مشكلة عانى منها المواطن ويجب ردعها بكافة الطرق، وعدم التهاون في فرض العقوبات". وأضاف: "نحن في حاجة إلى رقابة أي شيء يمس صحة المواطن من أدوية وتغذية"، موضحًا أن "من يعرض صحة المواطن للخطر يتم فرض عقوبات شديدة عليه من حبس وغرامات مشددة". في نفس السياق، طالب أيمن أبو العلا، وكيل لجنة الصحة بمجلس النواب، بتشديد الرقابة على سوق الأدوية، مشيرًا إلى أن الفترة الأخيرة شهدت انتشار أدوية مغشوشة بالسوق. وقال إن الأمر يتطلب تشديد الرقابة المستمرة، إلى جانب تغليظ العقوبات على من يصنع تلك الأدوية ومن يروج لها، حفاظًا على حياة المواطنين. ودعا وكيل لجنة الصحة بمجلس النواب، إلى اتخاذ إجراءات حقيقية ضد الشركات أو المصانع التي تصنع هذه الأدوية المغشوشة. واقترح تغليظ العقوبة على التصنيع أو التعامل على الأدوية المغشوشة أو المجهولة المصدر، وكذلك تغليظ العقوبة على الصيدليات التي تتعامل في الأدوية المغشوشة أو المجهولة المصدر. غير أن الدكتور علي عوف، رئيس الشعبة العامة للأدوية باتحاد الغرف التجارية، قال إن الأدوية منتهية الصلاحية مسئولية الشركات وليست مشكلة الصيدلي، مؤكدًا أن مصر تسير في الطريق الصحيح في ملف صناعة الأدوية. وأشار إلى أن إلزام وزارة الصحة، الشركات، بسحب الأدوية منتهية الصلاحية غير واضح المعالم، لافتًا إلى أن هناك أكثر من 17 صفحة على "فيسبوك" تبيع أدوية منتهية الصلاحية. وكانت وزارة الصحة أصدرت عام 2017، قرارًا؛ لتنظيم عملية جمع الأدوية منتهية الصلاحية من السوق، وإلزام الشركات بقبولها من الصيدليات، خلال عام من تاريخ صدور القرار، وبعد انتهاء المهلة في أبريل 2018، كشفت نقابة الصيادلة عقب انتهاء المهلة عن أن هناك 50 شركة لم تلتزم بالقرار، وأن ما تم سحبه يقدر بحوالي 140 مليون جنيه فقط، ما يشير إلى أن المعايير والضوابط مازالت لا تطبق لدى البعض.