أثار مقترح المشروع القومي للدراجات «دراجة لكل طالب»، الذي أعلنت عنه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وحظي بموافقة المجلس الأعلى للجامعات، موجة من الجدل بين طلبة الجامعات والمعنيين. المقترح أثار أيضًا تساؤلات عديدة حول مدى إمكانية تنفيذه على أرض الواقع وجدوى تطبيقه وكذلك مدى جاهزية الطرق لمثل هذه المقترحات، تحسبًا لوقوع حوادث. ويسمح المشروع القومي للجامعات بتوفير دراجات في الجامعات تكفي احتياجات قطاع كبير من الطلاب والعاملين، وأعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم، بحيث تكون الدراجة وسيلة الانتقال داخل وخارج الجامعة. ويهدف مشروع «دراجة لكل طالب» للوصول إلى 3 ملايين طالب بالجامعات الحكومية والخاصة والمعاهد العليا، وسيتم توفير ممرات للدرجات في المحافظات بالتنسيق مع المحافظين، بحسب تصريحات لنائب رئيس الاتحاد الرياضي للجامعات، الدكتور صبحي حسانين. كما يستهدف المشروع نشر ثقافة ركوب الدراجات بين المواطنين بشكل عام، ويتضمن المشروع توفير الدراجات بدعم جهات من المجتمع المدني، وتصميم نظام عمل بالكروت الذكية لاستخدام الدراجات لحساب معدلات استعمال كل طالب لدراجته، وتصميم أماكن انتظار للدراجات. وبحسب نائب رئيس الاتحاد الرياضي للجامعات، فإنه سيتم توفير الدراجة بالمجان للطالب المتميز في الأنشطة الطلابية، مشيرًا إلى أن تطبيق المرحلة الأولى من المقترح تشمل 9 جامعات إقليمية هي «قناة السويس، جنوب الوادي، مرسى مطروح، الوادي الجديد، بني سويف، أسوان، والسويس». وتابع: «الهدف من المشروع توفير تكلفة المواصلات التي يعاني منها الطلاب والموظفون وأعضاء هيئة التدريس يوميًا، فضلا عن التأثير الإيجابي للمشروع على الحالة النفسية للطلاب بعد ملكيته وسيلة مواصلات خاصة به». وأشار إلى أن هذا المشروع يهدف إلى الحد من التلوث، ورفع مستوى اللياقة البدنية للطلاب والعاملين بالجامعة، فضلًا عن استخدامها في تنظيم سباقات رياضية بين الجامعات المصرية، والحفاظ على وقت الطلاب، والعاملين، وأعضاء هيئة التدريس أثناء تنقلهم إلى لأماكن المختلفة داخل الجامعة. إسلام محمد، الطالب بكلية الهندسة جامعة بنها، رأى أنه من الصعب تطبيق مثل هذا المقترح، حيث إنه من المستحيل أن يقود طالب دراجة من قريته أو مركزه الذي يسكن فيه إلى الجامعة. وأضاف ل«المصريون»: «الصعوبة تكمن في أمور عديدة منها، بعد المسافة بين منزلة والجامعة وكذلك عدم تهيئة الطرق، فضلًا عن المجهود الذي سيبذله». وتساءل: «كيف سيسير بجوار السيارات في ظل الازدحام الحالي؟، وهل هناك وسائل أمان وفرتها الوزارة؟، وهل الدراجة تستغرق وقت أقل من المواصلات؟، حتى وإن كان الأمر كذلك فسيكون مجهود على الطلبة». وأوضح أن «الطلبة تفضل وسائل المواصلات السريعة ولن تلتفت لمثل هذا المقترح، وعلى الوزارة البحث عن أساليب وإجراءات تخدم الطلاب». الدكتور كمال مغيث، الباحث بالمركز القومي للبحوث التربوية، والخبير التربوي، وصف المقترح التي تسعى وزارة التعليم العالي لتطبيقه ب «المهزلة والكارثة»، معتبرًا أن المشروع بالشكل الذي تم طرحه «يثير الشكوك وعلامات الاستفهام». وفي تصريحات إلى «المصريون»، رأى «مغيث»، أن «المقترح من الصعب تنفيذه، لا سيما أن هناك إجراءات لابد من تنفيذها أولًا، حيث هناك حاجة إلى منظومة طرق غير الطرق المستخدمة في المشاة، وكذلك غير المخصصة للسيارات وهذا غير موجود». وتابع: «منطقة الجيزة وفيصل والدقي وشارع مراد ومنطقة وسط القاهرة مزدحمة والكل يرى ذلك، فماذا سيكون الأمر حال نزول 2أو 3 ملايين دراجة، هل يتخيل أحد كيف سيكون الوضع». ومضى: «أرى أنه من خلال مشروع التابلت وغيره فإن المقترح عبارة عن عمولات والبعض يسعى إلى تحقيق وتحصيل مكاسب بغض النظر عن أي شيء». من جانبه، قال محمود حسين، وكيل لجنة الشباب والرياضة بمجلس النواب، إن فكرة المقترح جيدة للغاية، خاصة أنها تشجع الطلاب على ممارسة الرياضة، وتقلل من التلوث البيئي والزحام الذي تسببه السيارات، وتسهم في توفير الوقود بشكل كبير. وأضاف حسين في تصريحات صحفية، أنه من الضروري عمل ممشى للدراجات في الشوارع قبل البدء في تنفيذ المشروع لتأمين الطلاب من حوادث السيارات، إضافة إلى توفير عدد من الجراجات ليتمكن أصحاب الدراجات من وضعها في مكان آمن. و أشار إلى أنه لا يعلم هل ستسمح العادات والتقاليد للطالبات في القرى والمحافظات والأقاليم أن تركب دراجة في رحلتها إلى الجامعة أم لا. وحددت الدراسة التي أعدها الاتحاد المصري الرياضي للجامعات، متوسط قيمة الدراجة، في المشروع القومي «دراجة لكل طالب» بواقع 5 آلاف جنيه، وأشارت الدراسة إلى أن المرحلة الأولى من المشروع تحتاج إلى 600 دراجة بإجمالي سعر يصل إلى 3 ملايين جنيه. ونوهت الدراسة بأن الدراجات لها 3 مستويات، منها دراجة الطرق، التي يتراوح سعرها بين 3 و6 آلاف جنيه، والدراجة BMX التي يتراوح سعرها بين 6 و8 آلاف جنيه، والدراجة الهجينة التي يتراوح سعرها بين 2800 و3400 جنيه. وبالتزامن مع هذا المقترح، أعلنت وزارة الشباب والرياضة برئاسة الدكتور أشرف صبحي، عن إطلاقها قريبًا مبادرة رياضية قومية تحت شعار «دراجة لكل مواطن». وتهدف المبادرة إلى تغيير ثقافة الانتقال اليومي للمواطنين وتحسين لياقتهم البدنية والصحية وتشجيعهم على استخدام وسائل التنقل النشط، بدلا من الاعتماد على وسائل التنقل الآلي المستهلكة للوقود والملوثة للبيئة. ومن المقرر أن يعقد مؤتمر صحفي للإعلان عن المبادرة في سبتمبر المقبل، كما سيتم الإعلان عن المبادرة بجميع الهيئات والمؤسسات بمحافظات الجمهورية على عدة مراحل، على أن تكون البداية بمحافظتي القاهرةوالجيزة. وتنفذ المبادرة من خلال إتاحة الدراجات للجمهور بسعر مناسب «أقل من سعر السوق» بالتعاون مع شركات الدراجات، وكذا توفير نظام تقسيط من خلال البنوك وشركات التقسيط، وذلك في إطار اهتمام القيادة السياسية بتوسيع قاعدة الممارسة الرياضية، والاهتمام بصحة المواطن، والتأكيد أن الرياضة أصبحت تسهم في تحقيق التنمية المجتمعية المستدامة