ليس من الضروري أن يكون كلامي مقبولًا لكن من الضروري أن يكون صادقًا، حكمة ورأي سديد من أقوال الفيلسوف سقراط تلخص لنا إشكالية العلاقة بين الصحافة والكنيسة القبطية. في المسيحية لدينا المبدأ الروحاني العظيم (الطاعة) ولقد وضع السيد المسيح الأساس السليم والنبراس المضيء ونسمة الحياة لهذا المبدأ (الخطير) وهو (أيها الأولاد أطيعوا والديكم في الرب) ولكن مع الأسف الشديد يتجاهل الآباء (الأب الفعلي والاعتباري) الحقيقة المسيحية، ويطالب الأب دومًا بالطاعة المطلقة ثم يلصق بها _بمناسبة وبدون مناسبة (ابن الطاعة تحل عليه البركة) بغض النظر عن الأمر والرأي الذي يعلنه الأب!! وهذا الأسلوب تتبعه الكنيسة مع الصحافة، خاصة أن الملف القبطي بالصحف المصرية يشرف عليه أغلبية مسيحية من الصحفيين، فنجد على سبيل المثال لا الحصر قضية شهيرة ظلم فيها بعض الخدام، وتطورت المشكلة كنسيًا وأمنيًا، وتحمست أستاذة صحفية للتحقيق والتحقق لجوانب المشكلة المختلفة، وتأكدت من ظلم الكنيسة لهؤلاء الخدام، ولجأت إلى المقر البابوي لمعرفة الرأي والرد على هذه المشكلة ليكتمل تحقيقها الصحفي ولكن. كان الأمر المباشر (البابا يزعل وهو بيتضايق ويتألم من هذه الموضوعات الصحفية.. بلاش منه وتعالي اعملي حوار مع البابا)، وقد كان وحدث!! وتكررت تعليمات السكرتارية للعديد من الصحف الأخرى، وذلك عقب نشر مقالات بالصحف لمن يطلق عليهم جبهة المعارضة الكنسية، وتم بالفعل منع بعض هذه الأقلام من الكتابة، وكما أخبرت رئيس ومالك صحيفة _مفترض أنها مستقلة (أنا أقدر ضغوط الكنيسة عليك..) ولم يجب الرجل بكلمة أو اعتراض ولكن نشكر الرب أن هناك العديد من أصحاب المبادئ خاصة الشهادة بالحق وللحق دون مجاملة أو خوف من ضغوط الكنيسة. ولدينا على الجانب الآخر الصحافة الكنيسة والتي فقدت بريقها تمامًا وتحولت إلى نشرة أخبار الكنيسة والبابا شكلًا وليس موضوعًا، فتنشر مجلة الكرازة مثلًا مقابلات وصور استقبال البابا للأساقفة وللضيوف (دون تعليق) أو اطلاع القراء على طبيعة اللقاءات وأوجه الاستفادة منها.. وحتى الزميلة (وطني) ترفض نشر أخبار القلاقل أو المقالات النقدية للكنيسة، حيث إنها تعرض المقالات على البابا تواضروس قبل نشرها، وهو أسلوب تتبعه أيضًا بعض الصحف المستقلة؛ فتعرض على المقر البابوي الموضوعات قبل عرضها علي رئيس تحرير الجريدة. وهذه السياسة الكنسية السلبية أدت إلى تزايد نغمة المعارضة مع الغضب والحنق والإحساس بالظلم، وتفجر كل هذا من خلال شبكات التواصل الاجتماعي التي لا تعترف كنيستنا بأهميتها، وتتجاهل تمامًا الرد عليها أو التعامل معها مما يذكرنا بما فعله مبارك ومرسي (خليهم يتسلوا). والخلاصة يا إخوتي وأساتذتي الكرام، أن محاولة قتل أصوات المعارضة وإسكاتها وإخراسها لهو من أشد الأضرار على الكنيسة ذاتها، وأعتقد أن كل من يحارب ظهور أصحاب الفكر النقدي والمعارض يضر بالكنيسة ويهدمها، حيث إن تقدم المؤسسات والأمم عامة لا يتم إلا بالتصحيح المستمر للمسارات المنحرفة ومعالجة السلبيات ومواجهتها، وليس كما يفعل البعض الآن بالتجاهل وسياسة (إنهم حزب أعداء النجاح). وهنا الدور الفعّال والحيوي المطلوب من صحافتنا الغراء بفتح المجالات للمصارحة والتحاور وكشف السلبيات من دون خجل أو مجاملة وقانون الصحافة يمنح الحق للكنيسة بالرد على كل ما ينشر بحرية رأي واسعة المدى لم نشهدها منذ قرون طويلة.