تحسم اليوم الأحد، مفوضية المحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار حاتم بجاتو مصير الطعن على حل مجلس الشورى على غرار مجلس الشعب، فى الوقت الذى تصر فيه الجمعية التأسيسية للدستور على بقائه فى تأدية مهامه فى المستقبل، مع منحه صلاحيات تشريعية أوسع وتسميته ب"مجلس الشيوخ" تيمنًا بمجلس الشيوخ الأمريكي، واقتصار الترشح لعضويته على حاملى المؤهلات العليا. ومن المقرر أن تفصل هيئة مفوضى مجلس الدولة فى الطعن المقدم لحل مجلس الشورى، بعد انتهاء المدة التى حددتها لتلقى المذكرات والدفوع من المدعين والتى انتهت أمس، تمهيدًا لإحالة تقريرها للمحكمة الدستورية لتحديد جلسة عاجلة لنظر الطعن وإصدار حكم نهائى به واجب النفاذ بحله أو بقائه دون إعلان المجلس. وكانت هيئة المفوضين قد تلقت خلال الأيام الماضية مذكرات من مقدم الطعن عدنان الشقيرى، للمطالبة بحل مجلس الشورى بسبب بطلان انتخاباته التى تمت وفق قانون انتخابات غير دستورى لإخلاله بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص من خلال سماحه بترشح أعضاء الأحزاب السياسية على المقاعد الفردية المخصصة للمستقلين، وهو السبب نفسه الذى تم على أساسه حل مجلس الشعب. وبالتزامن مع ذلك قدم دفاع أعضاء مجلس الشورى والحكومة مذكرات ومستندات للهيئة أثبتوا فيها أن مزاحمة الأعضاء الذين ينتمون للأحزاب السياسية للمستقلين كانت فى دوائر معينة فقط، ولم يتم تعميمها على مستوى الدوائر، وبالتالى يقع الحل فى الدوائر التى وقع فيها إخلال لمبدأ التكافؤ مع الإبقاء على الدوائر الأخرى. وفى غضون ذلك، تتجه الجمعية التأسيسية إلى منح مجلس الشورى صلاحيات تشريعية بعد تحويله إلى مجلس الشيوخ، قال الدكتور عمرو دراج أمين الجمعية التأسيسية: "إن عددًا من الأعضاء أصر على منح مجلس الشيوخ "الشورى" صلاحيات تشريعية كاملة مثل مجلس الشعب، علاوة على امتلاكه صلاحيات رقابية، مثل سلطة الإشراف على المجالس المحلية والنص على استطلاع رأيه فى قضايا مثل قرار إعلان الحرب وتعيين السفراء، حتى لا يصبح مجرد مجلس استشارى لا قيمة له، مثل وضعه الحالى خصوصًا عندما يتم سحب سلطة إشرافه على الصحافة والمجلس القومى لحقوق الإنسان". وأكد دراج أن مجلس الشورى سيصبح اسمه "مجلس الشيوخ"، وأن أعضاءه سيكونون من حملة المؤهلات العليا الذين لا تقل أعمارهم عن 40 عاما، وإلغاء نسبة العمال والفلاحين من المجلس. فيما طالب عدد من الخبراء والسياسيين بإلغاء مجلس الشورى وتوفير أكثر من 3 مليارات جنيه يتم إنفاقها عليه وإسناد مهامه إلى مجلس الشعب، وتحويل الأموال التى تصرف عليه إلى بند تحسين الأجور والرواتب فى الموازنة العامة للدولة. واعتبر الدكتور معتز بالله عبد الفتاح، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن الإصرار على بقاء مجلس الشورى تحت أى مسمى سواء "مجلس الشيوخ" أو خلافه "إهدار لأموال الدولة" دون فائدة، مشيرًا إلى أنه بمقارنة الإنفاق على مجلس الشورى منذ إعلان نتيجة الانتخابات نجد أنه كلف خزينة الدولة ما يقرب من 300 مليون جنيه، ومجمل الإنفاق عليه منذ انتخابه يتعدى ال3 مليارات جنيه، فى حين أن الدولة فى حاجة إلى 3 جنيهات بسبب الإضرابات العمالية والمطالب الفئوية المشروعة، لأن هناك فى أجهزة الدولة من يتقاضى حتى الآن 90 جنيهًا كراتب شهرى. ووصف عبد الفتاح إعادة تسمية مجلس الشورى ب"مجلس الشيوخ" ما هو إلا إيهام بأنه تم تجديد اختصاصات المجلس، والمعروف أن مجلش الشورى لا يتحمل إلا مهام تشكيل القومى لحقوق الإنسان والمجلس الأعلى للصحافة، فهل يعجز مجلس الشعب عن القيام بذلك؟! مؤكدًا أن إعادة تسميته لن يضيف جديدًا لمهامه، سوى مجاملة بعض الشخصيات التى يريد النظام الحاكم احتواءهم، بدليل أن ثلث أعضائه كان بالتعيين، مطالبًا بإعادة هيكلة أجهزة الدولة لأنه مازالت هناك رواتب فلكية كما كانت فى عهد حسنى وأيضًا رواتب معدومة، وفى الوقت نفسه هناك هيئات ومؤسسات ليس لها أهمية ويجب إلغاؤها كمجلس الشورى من أجل توفير النفقات، مشددًا على أن مصر ليست بحاجة إلى قرض من الصندوق الدولى بقدر حاجتها إلى مهندس اقتصاد سياسى يعيد هيكلة الدولة وإنفاقها وترشيد مواردها واستغلال المتاح وهو كثير. من جهته، أكد ضياء رشوان، مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ب "الأهرام"، أنه لا يرى مبررًا على الإطلاق لبقاء مجلس الشورى حتى وإن ابتكر واضعو الدستور الجديد مهام جديدة له، لأن مصر فى حاجة ماسة لتوفير النفقات. وأشار إلى أنه إذا تم الحكم بحل مجلس الشورى فإن إعادة انتخاباته ستستنزف ما يقرب من نصف مليار جنيه من خزينة الدولة، مؤكدا أن اتجاه التأسيسية لمنح مجلس الشورى صلاحيات تشريعية أظهر الحقيقة وهى إيجاد مبرر لوجوده باقتطاع صلاحيات من "الشعب" لصالحه، معتبرًا أنه تصرف غير مبرر، يؤكد أننا مازلنا نسير بنفس عقلية نظام مبارك فى ترضية بعض الشخصيات العامة على حساب الشعب.