قال ناجح إبراهيم الكاتب والمفكر الإسلامي، فى مقال له بعنوان "المسيح.. أعظم سائح إلى مصر"، إن الحمار الذى صاحب السيد المسيح شرَّفه الله فذكر فى كل الروايات، كما شرَّف الله كلب أهل الكهف فى القرآن، فصحبة الصالحين شرف. وأوضح في مقاله أن المسيح أصغر نبى كُتبت عليه الهجرة، فكل الأنبياء هاجروا وهم كبار، أما المسيح فهاجر طفلاً لا يجاوز العامين تقريبًا. ومن أهم الأنبياء الذين هاجروا إلى مصر إبراهيم أبو الأنبياء، ولم يتم تأريخ كامل لهجرته، ومنها إهداء فرعون مصر السيدة هاجر إلى سيدنا إبراهيم الذى تزوج منها وأنجب «إسماعيل» وهما أصل العرب والمسلمين، و«هاجر» فخر لمصر عامة والصعيد خاصة. وتابع: ويعد السيد المسيح أحد أولى العزم من الرسل من أحفاد إبراهيم من سلالة إسحق ويعقوب وموسى وهارون عليهم السلام، وإذا كان موسى الرضيع ألقى فى نهر النيل الذى صار له مهداً، فقد هاجر المسيح من فلسطين حتى القوصية فى أقاصى الصعيد وهو طفل. ويعد المسيح أعظم لاجئ إلى مصر بعد أن لجأ إليها «يوسف» كرهاً ولجأت إليها أسرته بعد ذلك طوعاً وإذا كان لجوء آل يعقوب إلى مصر فتحاً ونصراً عليهم وخيراً وسعة وبركة على مصر، فإن لجوء السيد المسيح وأمه إلى مصر كان سبباً فى بركة مصر وتنزل الخيرات على أهلها. وأشار إبراهيم إلى أن الهجرة قدر على الأنبياء، كما هى قدر على كثير من مخلوقات الله فى كونه، وكأن هجرتهم جزء من حياتهم ورسالتهم، فقد هاجر «إبراهيم ويوسف ويعقوب والأسباط»، كما هاجر «موسى والمسيح ومحمد». فكما كانت هجرة «موسى ومحمد» تكليفاً ربانياً واختياراً إلهياً، كانت هجرة المسيح تكليفاً ربانياً بعد أن عزم «هيرودس» على قتل النبى المنتظر الذى ظهرت المعجزات على يديه. وأشار إبراهيم إلى أنه كان يمكن للعائلة المقدسة أن تنجو من «هيرودس» بالذهاب إلى الشام أو العراق أو تبوك أو غيرها لتكون فيها آمنة، ولكن الله اختار لها مصر كما اختار لنبيه «محمد» المدينة، رغم أن هدف الهجرتين مختلف تماماً، فالمسيح جاء ليبارك أهل مصر، ومحمد جاء ليقيم دولة على نهج الحق والصدق. اختار الله مصر للمسيح وأسرته لأن فيها من الرقة والعطف والرحمة والتحضر الكثير. ولم يكن هدف العائلة المقدسة حينما قدمت إلى مصر الأمان أو الهروب من هيرودس فحسب، وإلا لمكث المسيح فى بلدة صغيرة فى مصر ولم يخرج منها، ولكنه ساح فى مصر كلها وسار قرابة ألفى كيلومتر ولم يستقر كثيراً فى بلدة بعينها رغم الترحاب الكبير الذى قوبل به. لقد جاء المسيح ليبارك مصر وأهلها كما بارك «محمد» المدينة وأهلها، وكأن كل منهما يكاد ينطق بالقاعدة الجليلة «أهل الرقة والتواضع والقلوب الرحيمة هم أولى الناس برسالات السماء». واختتم مقاله قائلا: لك أن تتأمل رحلة المسيح التى استغرقت تقريباً ثلاث سنوات لم يُذكر أن بيتاً من البيوت أُغلق دونه أو قصَّر فى حقه، أمة تعشق الأنبياء وحوارييهم، وهى التى فتحت ذراعيها لآل النبى الذين اختاروا مصر دون سواها، سلام على الأنبياء والصالحين.