الكومبارس.. لا أكل ولا بحلقة.. يعملون فى ظل ظروف لا إنسانية ويحصلون بالكاد على 100 جنيه يوميًا الدوبلير مهنة القلب الميت والوجه المخفى والأجر البسيط.. والمنتجون يتهربون من نفقات العلاج "هيلا وهيلا وهيلا.. الكومبارس ده هو الليلة"، "لولا ولولا ولولا.. من حق الكومبارس بطولة"، "يسقط يسقط حكم المنتج"، بتلك العبارات هتف نجم الكوميديا الممثل سمير غانم في مسلسل "لهفة" والذي كان يجسد في دور كومبارس اسمه، "الحلواني" بينما كان يقود مجوعة من "الكومبارسات" للتظاهر أمام وزارة الثقافة مطالبين بحل المشاكل التي يقابلها الكومبارس. لم يكن هذا المسلسل هو العمل الوحيد الذي يدور حول "الكومبارس"، فقد سبق أن جسد الفنان الراحل إسماعيل ياسين هذه الشخصية في فيلم "إسماعيل ياسين في الطيران"، وكان يقوم فيه "سمعة" بدور دوبلير في السينما يُضرب بدلاً من فاتن حمامة، ويُقتل بدلاً من فريد شوقى. وفي أحد المشاهد، كان يصور "سمعة" مشهدًا مع المخرج يوسف شاهين، يقوم فيه بدور دوبلير لمحمود المليجي، وهو يسقط من فوق سلالم طويلة، وهو المشهد الذي أعاده المخرج مرات عدة، حتى تكسرت عظام إسماعيل. أيضًا، هناك فيلم "نص ساعة جواز" للمخرج فطين عبدالوهاب إنتاج عام 1969، الذي جسّد فيه عادل إمام دور "دوبلير"، يؤدي مشاهد الضرب والمشاجرات بدلاً من الفنان يوسف شعبان، وكان يتلقى الضربات بقسوة. على الرغم من أن دور "الكومبارس" على الشاشة يبدو بسيطًا، وأحيانًا لا يتعدى عدة مشاهد، وربما لا ينطق سوى بعبارات قليلة، إن نطق بها من الأساس، فإن دوره يعد مهمًا ولا ينجح العمل دونه، فهي منظومة متكاملة لا يمكن الاستغناء عن أي جزء منها. لكن وعلى الرغم من أعدادهم الهائلة إلا أنهم غالبًا لا يحصلون على حقوقهم بشكل يليق بآدميتهم، والجهد الذي يبذلونه على مدار ساعات اليوم، وفي ظل العمل في ظروف صعبة للغاية. والكومبارس وإن كان دوره ثانويًا، لكن هناك من استطاع منهم أن يترك بصمته بوضوح في السينما أو التليفزيون، بعدما برعوا في أداء أدوارهم الصغيرة، لكن حفروا مكانًا لهم وسط النجوم في أذهان المشاهدين. والطريف في الأمر أن منهم أطباء وموظفين وأصحاب مراكز إلا أنه الحلم في الظهور على الشاشة حتى وإن كان الدور بسيطًا وصغيرًا. كانت أجرة الكومبارس في السابق لا تتعدى 3 جنيهات، وصلت الآن إلى 100 جنيه بحد أقصى. ومهما بلغت مشقة العمل أو زادت ساعاته، ومهما كان الطقس؛ فالأجر لا يتغير ويبدأ من 70جنيهًا وقد يصل أحيانا إلى 100 جنيه في اليوم. وأشهر من بدأ حياته الفنية "كومبارس" هو الفنان الراحل أحمد شوقي، الذي بدأ حياته المهنية وكيلًا بوزارة التربية والتعليم، ومديرًا عامًا لإدارة التربية المسرحية بوزارة التربية والتعليم، قبل أن يعمل بالتمثيل ويشارك في كثير من الأفلام منها "بنت البادية" و"ابن حميدو"، و"حب وإعدام" و"إسماعيل يس فى البوليس". "أدمون تويما" هو ممثل مصرى من أصل لبنانى عمل مدرسًا فى المدارس الفرنسية بالقاهرة، قبل العمل الفنى واشتهر بدور الجواهرجى الخواجة، وظهر فى دور مدرس اللغة الفرنسية فى فيلم "نادية" عام 1969، بمهنته الأصلية وشارك فى أعمال عديدة منها "حكاية حب، ونادية، وألمظ وعبده الحامولي". "جمالات زايد" هى شقيقة الفنانة الراحلة آمال زايد، ووالدة الفنانة الراحلة معالى زايد، واشتهرت بدور "أم بندق" فى مسلسل "ساعة لقلبك" وفى دور أم على فى المسلسل الإذاعى "عيلة مرزوق أفندي". ومن أبرز أفلامها "الستات ميعرفوش يكدبوا، وعريس مراتي، وسر طاقية ا?خفاء". "حسن أتلة" وكان يمتلك محلاً لبيع وتأجير الآلات الموسيقية، خصوصًا الآلات النحاسية فى شارع محمد علي، قبل أن يعمل فى الفن ويشارك فى أكثر أفلام الفنان إسماعيل يس، ويشتهر بدور "مساعد الحانوتي"، وكانت له لَكنة ظلت علامة مميزة له إلى الآن، ويعد من أشهر من أطلق إفيهات فى السينما المصرية وأهمها "دى منبة يا معلمى منبة". "فاخر فاخر" وهو ممثل مصرى برع فى تجسيد دور وكيل النيابة، ونجح فى أدوار الخير والشر أيضًا، وهو والد الفنانة هالة فاخر، من أبرز أعماله "دماء على النيل" و"جوز مراتى" و"الخطايا" و"عنتر بن شداد". "فتيات الكومبارس" على الرغم من وقوفهن أمام الكاميرا مرارًا، إلا أن حلم النجومية لا يبرح خيال فتيات الكومبارس، إذ أنهن يحلمن بالقيام بأدوار تجعل لهن علامة في تاريخ السينما المصرية، إلى جانب العائد المادي الكبير والشهرة التي تجعلهن محط الأنظار في كل مكان. "عينى فيه وأقول إخيه".. تقول "أسماء" وهي واحدة من "فتيات الكومبارس"، ل" المصريون"، مضيفة: "كان حلم حياتى إني كون ممثلة، ولقيت أن أحسن حاجة أبدأ كومبارس بأدوار صغيرة، وممكن بعد كده الأدوار تكبر وأكون فنانة كبيرة لكن للأسف، بقالى أكتر من 10 سنين وأنا مستنية الفرصة اللى مش عايزة تيجي، ومتهيألى خلاص مش هتيجي، ومش عايزة أغير شغلى لأنى بحبه بالرغم من متاعبه". وتشير "أسماء" إلى أنها تظهر في بعض الأعمال السينمائية أثناء عبور الطريق، أو عندما تقف أمام بائع خضار، أو تسير فى الشارع، لافتة إلى أن أجرها اليومى لا يتجاوز 70 جنيهًا، بالإضافة إلى وجبة. 15 سنة مرمطة أما "حنان" فتقول ل"المصريون": "أنا بقالى 15 سنة فى المرمطة دي، بس خلاص خدت عليها، ولما يكون فيه يوم شغل بخرج من البيت الفجر ممكن أرجع تانى يوم على حسب الأوردر ويوم ما بيكون المنتج مبحبحها معانا باخد 100 جنيه". وأضافت: "بنتى واخدة الدبلوم وهخاف أخليها تشتغل بره بأخدها معايا فى التصوير تشتغل هى كمان، وأهى تكون قدام عينى وأعرف أحافظ عليها". وتشير إلى أنها عملت مع فنانين كبار مثل الفنان عادل إمام والفنان محمد رمضان والفنانة فيفى عبده وقامت بالتصوير مع الفنان أحمد السقا في مسلسل (ولد الغلابة) الذي عرض في شهر رمضان، لافتة إلى أنها اشتهرت بأدوار الفتوة التي تقوم بضرب الناس. نفسى أتجوز وأسيبها "فتاة كومبارس" أخرى، تقول: "أمى مش بترضى تودينى أى شغل وممكن أشتغل فى محلات لبس أو كوافيرات بس هى بتخاف علي وبتخلينى أطلع معاها كومبارس لغاية ما ربنا يسهلى بقى وأتجوز وأسيب الشغلة دي". تضيف: "اليومية تتراوح بين 70 و100 جنيه وهناك وجبة فى اليوم نحصل عليها من الإنتاج، وهي وجبة بسيطة لا تشبع"، لكنها مع كذلك راضية بحالها: "أكل العيش مر، بس هنعمل إيه، حياتنا اللى مانعرفش نعيش غيرها". الدوبلير يعد "الدوبلير" أقل حظًا من "الكومبارس" فهو لا يظهر على الشاشة إلى جانب أنه يتعرض إلى الكثير من المخاطر التى قد تؤثر على حياته أو تسبب له عاهات مستديمة، وهو الممثل البديل الذي يقوم بعمل الأدوار الخطيرة كالمشاجرات والسقوط من ارتفاع أو ركوب دراجات وسيارات وقيادتها بسرعة، ويؤدى جميع أنواع المشاهد التى يخاف الممثل القيام بها. هو بطل حقيقى، لكن لا يصفق له الجمهور، على بالرغم من صعوبة عمله وتحمله الكثير فإن أجره لا يقارن بالنجوم الذين لا يؤدون المشاهد الخطرة. وقد يصل أجر الدوبلير 2000 جنيه عن كل يوم تصوير، فى حين فى هوليوود يكون أجر الدوبلير نحو 70 ألف دولار عن الفيلم نظير الحركات الخطيرة، التى تصل إلى حد القفز من طيارات أثناء طيرانها، أو من أعلى ناطحة سحاب، لكن في كل الأحوال فإن أجر "الدوبلير" لا يقارن بأجر البطل الأساسى الذى يصل إلى الملايين. ويكون دائمًا الدوبلير أو الدوبليرة من لاعبى السيرك أو أبطالاً رياضيين واعتادوا على الخطورة فى أعمالهم، ويتعرض بعضهم للإصابات، خاصة فى مشاهد الحرق وإشعال النيران والتفجيرات كما حدث مع الدوبلير طاهر أبو سعدة، الذى تعرض لفقدان السمع، نتيجة لصوت المفرقعات فى فيلم "أصحاب ولا بيزنس". الدوبلير نجم الظل وهناك العديد من الأسماء البارزة فى أدوار الدوبلير مثل مصطفى الطوخى ومصطفى عبدالرازق وجمعة الفقى وأحمد بعرة وميتشو وهجرس، وهناك دوبلير متخصص فى مشاهد السباحة والغوص فى الأعماق وهو الدوبلير أشرف صبرى وهو طبيب إسكندرانى، وتمت الاستعانة به فى أفلام "الغواص" و"جزيرة الشيطان"، وهو صاحب أجر عالٍ لكونه الوحيد المتخصص فى تلك المشاهد الصعبة. بدأت الاستعانة بالدوبلير منذ أفلام الأبيض والأسود، وأشهر من كان يستعين بالدوبلير الفنان الراحل فريد شوقى، الذي كان يقوم باللقطات الصعبة له "الأكشن" الدوبلير على كينج. أما الفنان أحمد السقا فهو أشهر من يرفض الاستعانة بالدوبلير، ولذلك فهو يتعرض للحوادث بكثرة، وله مشاهد متميزة مثل مشاهد القفز من القطار فى فيلم "أفريكانو"، وأيضًا القفز من ارتفاع فى الماء بنفس الفيلم. وهناك دوبليرات يقمن بالأدوار الجريئة كمشاهد الاغتصاب والعرى الزائد عن اللزوم، ومن أشهر مشاهد الاغتصاب فيلم "الكرنك" والذى أدته إحسان عبداللطيف مقابل 30 جنيهًا، التى شاركت المشهد مع الفنانة الراحلة سعاد حسني، وهناك مشهد ال20 قلمًا للفنانة يسرا فى فيلم "نزوة"، والتى تعرضت لها دوبليرة أيضًا. وأحيانًا المخرج ينجح فى إخفاء وجه الدوبلير مثل دوبلير محمود المليجى فى فيلم "رصيف نمرة 5" عام 1956 فى مشهد الخناقة الشهيرة مع فريد شوقي. فى حين لم يتمكن بعض المخرجين من إخفاء وجه الدوبلير أثناء تصوير المشهد، مثل مشهد المعركة بين أنور وجدى وفريد شوقى فى فيلم "ريا وسكينة" إنتاج عام 1953 للمخرج صلاح أبو سيف، وظهر وجه الدوبلير أثناء الخناقة بوضوح. وكذلك مشهد سقوط جورج سيدهم من فوق السلالم فى فيلم "البحث عن فضيحة" للمخرج نيازى مصطفى إنتاج عام 1973 والذى ظهر فيها وجه الدوبلير وهو يتدحرج على السلم فى لقطة ظهرت من قريب. أهم شروط الدوبلير والدوبلير يجب أن تتوافر به بعض الشروط؛ أهمها الشبه بين الدوبلير وبطل العمل حتى يستطيع الماكيير تنفيذ الشخصية المطلوبة وأن يتمتع باللياقة البدنية العالية والقبول بكل المخاطر التى قد يتعرض لها أثناء العمل، وعلى الرغم من كل هذه المخاطر فليس هناك تأمين على حياته من المنتجين، ولا يخضعون لمظلة نقابة المهن التمثيلية التى لا تعترف بهم. ويعد "عصام الوريث" مصمم المعارك فى الأفلام من أشهر من بدأوا حياتهم كدوبلير فى السينما. وعلى عكس الاعتقاد السائد، فإنه يقول: "لا يشترط فى الدوبلير أن يكون شبيهًا للممثل بل يجب أن يكون محترفًا فى تنفيذ المشهد المطلوب منه وأن يكون متعدد المهارات". و"الوريث" له تجربة مع الإصابات وكسر العظام بعد أن قفز فى النيل من أعلى كوبرى المنيب من ارتفاع 21 مترًا تقريبا أثناء تصوير مسلسل "مكتوب على الجبين"، ولم يحصل على أى تعويض من إدارة الإنتاج. أما المنتج عمرو النشار، فيقول إن "الأمر يختلف من منتج لمنتج، هناك منتجون يقومون بدفع يوميات مناسبة للكومبارس، وحسب الدور، وحسب وجودهم على الساحة الفنية". لكنه أقر في تصريح إلى ل"المصريون" بأن أجور بعض الفنانين مبالغ فيها جدًا، مقارنة بالكومبارس الذي يحصل على أجر يتراوح من 300 إلى 400 جنيه. وأشار إلى أن "الصامتين لهم أجر والمتكلمين لهم أجر حسب الجملة، والأجر قد يصل إلى 1000 وأحيانًا 2000 جنيه"، ولفت إلى أن "هناك متخصصين ومتدربين للقيام بدور الدوبلير". لكنه أكد أن "المشكلة تكمن إذا أصيب فقد يعالجه المنتج أو قد يتخلى عنه، وهناك منتجون يقولون: "وأنا مالى مالوش عندى تأمين".