أنا لا أساند أشخاصا ولا أسدد حسابات لأحد.. ليس بيني وبين كائن من كان عداء أو صراع مصالح. كل ما طلبته في المقالين السابقين ألا تقابل الاتهامات التي تمس الذمم وتتعلق بالفساد بالصمت بدعوى أن الذي أطلقها شخص لا يكف عن توجيه تهم الفساد للآخرين! الغاضبون يعتقدون أنني أكره الأهلي فأتعمد ترديد التهم المثارة ضد قياداته وهذا ليس من المنطق ولا الواقع وليس من أخلاقي ولا طبيعتي. أنا لا اتهم أحدا ولا أملك أي دليل يدين أحدا وقلت بالأمس إنني لا أشكك في نزاهة حسن حمدي ومحمود الخطيب. لقد قلت إن هناك ملفات فتحت بشكل جعل الرأي العام يشعر أنه يعيش في مستنقع فساد، اتهامات بأرقام رهيبة من أموال الشعب ممثلة في مؤسسة الأهرام الحكومية، ومن ضمن الذين مستهم هذه الاتهامات شخصيتان رياضيتان مرموقتان هما حمدي والخطيب، وأن من واجبهما أن يردا بقوة لأنهما يتزعمان أكبر ناد جماهيري في مصر، ضارب في جذور التاريخ والعراقة والوطنية. الملفات لست أنا صاحبها فقد ظلت لأسابيع أحاديث الصحافة ومثار بحث وتدقيق من الجهاز المركزي للمحاسبات الذي أكد صحة الأرقام الواردة من حيث المرتبات الخرافية والعمولات التي كان يمكنها أن تساهم في تشغيل الآلاف من خريجي الجامعات الذين يجلسون على المقاهي كمشاريع جاهزة للوقوع في شبكات الارهاب وتجارة المخدرات. في الكرة يقولون إن الهزيمة تجر الهزيمة.. وفي الحياة أيضا فان الفساد يجر الفساد والمال السايب يعلم السرقة! ولأن هذه الاتهامات خطيرة فان رئيس الحكومة اجتمع برؤساء مجالس ادارات الصحف الحكومية، ثم استعمل مع صفوت الشريف التعبير القضائي الذي تعودنا عليه في مصر "يبقى الحال على ما هو عليه.. وعلى هذه المؤسسات أن توفق أوضاعها"! ارجعوا لهذه الملفات في الصحف التي أثارتها لتقرأوا أرقاما رهيبة حول المرتبات التي كان يتقاضاها حسن حمدي والخطيب، وعن 18 مليون جنيه خرجت لتمويل حملتهما الانتخابية في النادي الأهلي! أنا والله لا أصدق هذه الأرقام.. لكنني أريد أن أرتاح وأنام مطمئن البال مثلي مثل ملايين المصريين الذين قرأوا معي هذه المصائب. وبدلا من أن أقابل بردة فعل ايجابية تسعى لابراز الحقيقة، هاجمني المتشنجون وسبني الشتامون وهددني الذين يعتقدون أننا في ميدان صراع للثيران المتوحشة ولسنا باحثين عن الحقيقة والشفافية! كل العالم يهتم بالشفافية واستجلاء الحقيقة ومقاومة الفساد والرشوة إلا نحن. شعارنا الأبدي "ليس في الامكان ابدع مما كان وما هو كائن"! لقد اهتمت منظمة مناهضة الفساد وهي منظمة دولية محترمة بمقال الأمس وما اشتموه فيه من رائحة تهديد من بعض الأشخاص، لكنها قالت بكل وضوح "امض في الكلام والصراخ، هذا واجبك كصاحب عمود يومي، لا تخش شيئا فقد مضى عهد الخوف، والعالم يعيش كقرية صغيرة. إن سبب التدهور الذي تعيشه مصر في كل المجالات هو انتشار الفساد والرشوة"! القارئ العزيز الذي يقول إن محمود الخطيب رد من خلال برنامج تليفزيوني في إحدى القنوات الفضائية على الاتهامات، وأنه رجل نزيه بدليل رده للمبالغ التي كان قد تقاضاها عندما كان مديرا للمنتخب الوطني بعد فشله مع المدرب فاروق جعفر في احراز نتائج طيبة، أرد عليه ومن قال إن الخطيب غير هذا؟.. لقد كان لاعبا خلوقا في الملاعب وفي حياته العامة هو شديد التدين، لكن هل يكفي برنامج تليفزيوني ربما لم يشاهده كثيرون في اجلاء الحقيقة؟! إن الذين أثاروا تلك الملفات تحدوا الأسماء الواردة فيها أن يلجئوا للقضاء.. فلماذا لم يفعل حسن حمدي والخطيب ذلك.. لماذا لم يصدرا بيانا مشتركا يبينان فيه الحقيقة لملايين المصريين ومعظمهم من مشجعي الأهلي؟! قلت أمس إن كرة اللهب تكبر وتكبر في ظل مناخ الصمت.. والاشاعات التي يقابلها المعنيون بها بأذن من طين وأخرى من عجين، سرعان ما تتناقلها الألسنة على أنها حقائق. هذا الصمت يشجع الآخرين على التقول والزيادة في الاتهامات دون خشية من عواقب ذلك ما داموا لا يمتلكون وثائق أو أدلة! هل من السهل على أحدنا أن يسمع المستشار مرتضى منصور يردد في مؤتمر صحفي عالمي بأن حسن حمدي رئيس أكبر ناد في أفريقيا والشرق الأوسط ونادي القرن عرض عليه رشوة من أجل تجديد الزمالك للعقد مع وكالة الاعلان التي يديرها؟! والغريب أن رسالة وردتني تعلل ذلك بأنها "هدايا" تفعلها كل شركات الاعلانات مع زبائنها! البعض لم يفهم للأسف الشديد مغزى هذا الاتهام الذي أطلقه منصور وهو يدرك تماما أن المعني به لن يحرك ساكنا لتبرئة ساحته. هذا البعض اتهمنا نحن بالعبط لأننا نطلب ردا وتوضيحا فالأمر يخص الذمة والشرف ويتعلق بواحد من أكبر الشخصيات العامة في مصر لكونه رئيسا للأهلي! اتهام منصور يعني ببساطة شديدة أن الرياضة في مصر ملوثة بالفساد والرشاوى، وأن هناك شبكة كبيرة متورطة من العاملين في هذا الميدان والناشطين فيه، لم يستثن منه حتى الصحفيين. لقد هدد منصور هؤلاء الصحفيين بكشفهم وتقديمهم للنائب العام إذا لم يصمتوا وفي هذا فصل الخطاب الذي يجب أن نتوقف عنده طويلا! أين رابطة النقاد الرياضيين.. وهل يقابل مجلس نقابة الصحفيين ذلك الاتهام بالصمت دون التحقيق فيه ومناشدة مرتضى منصور التقدم بما يملكه من أدلة ومستندات، بل مطالبته بابلاغ النائب العام حتى نستجلي الحقيقة في مجتمعنا الصحفي ولا نصبح نهبا لاتهامات بالباطل. على نقابة الصحفيين أن تحمي سمعتهم وكرامتهم وتردع الذين يتعرضون لذممهم، فلو تقاعس رئيس نادي الزمالك عن ابلاغ النائب العام والاكتفاء بتهديده في مؤتمره الصحفي، فيجب على النقابة أن تقاضيه وأن تبلغ النائب العام ضده.. فشرف المهنة التي نعمل فيها لا يجب أن يكون نهبا لفقاعات الغضب والاثارة! هذا ما نريده يا سادة.. لن ينصلح حالنا بهذا الاستغباء والتعالي والأبراج العاجية! [email protected]