مواقيت الصلاة بالتوقيت الصيفي .. في القاهرة والإسكندرية وباقي محافظات مصر    عيار 21 يسجل هذا الرقم.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 26 أبريل بالصاغة بعد آخر انخفاض    عاجل - بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024 فعليًا.. انتبه هذه المواعيد يطرأ عليها التغيير    توقعات برفع سعر الفائدة خلال اجتماع البنك المركزي المقبل    "حزب الله" يعلن ضرب قافلة إسرائيلية في كمين مركب    فلسطين.. المدفعية الإسرائيلية تقصف الشجاعية والزيتون شرقي غزة    الزمالك: هناك مكافآت للاعبين حال الفوز على دريمز.. ومجلس الإدارة يستطيع حل أزمة القيد    هاني حتحوت يكشف تشكيل الأهلي المتوقع أمام مازيمبي    هاني حتحوت يكشف كواليس أزمة خالد بوطيب وإيقاف قيد الزمالك    إعلامي يفجر مفاجأة بشأن رحيل نجم الزمالك    مصر تسيطر على نهائي بطولة الجونة الدولية للاسكواش البلاتينية (PSA 2024) للرجال والسيدات    «عودة قوية للشتاء» .. بيان مهم بشأن الطقس اليوم الجمعة وخريطة سقوط الأمطار    عاجل - تطورات جديدة في بلاغ اتهام بيكا وشاكوش بالتحريض على الفسق والفجور (فيديو)    فيلم «النداء الأخير- Last C all» يختتم حفل افتتاح مهرجان الإسكندرية القصير الدورة 10    عاجل - محمد موسى يهاجم "الموسيقيين" بسبب بيكا وشاكوش (فيديو)    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميا    ارتفاع سعر الفراخ البيضاء وتراجع كرتونة البيض (أحمر وأبيض) بالأسواق الجمعة 26 أبريل 2024    هل المقاطعة هي الحل؟ رئيس شعبة الأسماك في بورسعيد يرد    كل سنة وكل مصري بخير.. حمدي رزق يهنئ المصريين بمناسبة عيد تحرير سيناء    أحمد أبو مسلم: كولر تفكيره غريب وهذا تشكيل الأهلي المتوقع أمام مازيمبي    مصدر نهر النيل.. أمطار أعلى من معدلاتها على بحيرة فيكتوريا    بقيمة 6 مليارات .. حزمة أسلحة أمريكية جديدة لأوكرانيا    بعد تطبيق التوقيت الصيفي.. تعرف على جدول مواعيد عمل محاكم مجلس الدولة    عبقرينو اتحبس | استولى على 23 حساب فيس بوك.. تفاصيل    حركة "غير ملتزم" تنضم إلى المحتجين على حرب غزة في جامعة ميشيجان    حلقات ذكر وإطعام، المئات من أتباع الطرق الصوفية يحتفلون برجبية السيد البدوي بطنطا (فيديو)    القومي للأجور: قرار الحد الأدنى سيطبق على 95% من المنشآت في مصر    أنغام تبدأ حفل عيد تحرير سيناء بأغنية «بلدي التاريخ»    هل العمل في بيع مستحضرات التجميل والميك آب حرام؟.. الإفتاء تحسم الجدل    خالد جادالله: الأهلي سيتخطى عقبة مازيمبي واستبعاد طاهر منطقي.. وكريستو هو المسؤول عن استبعاده الدائم    السعودية توجه نداء عاجلا للراغبين في أداء فريضة الحج.. ماذا قالت؟    الدفاع المدني في غزة: الاحتلال دفن جرحى أحياء في المقابر الجماعية في مستشفى ناصر بخان يونس    فيديو جراف| 42 عامًا على تحرير سيناء.. ملحمة العبور والتنمية على أرض الفيروز    أنغام باحتفالية مجلس القبائل: كل سنة وأحنا احرار بفضل القيادة العظيمة الرئيس السيسى    سرقة أعضاء Live مقابل 5 ملايين جنيه.. تفاصيل مرعبة في جريمة قتل «طفل شبرا الخيمة»    مسجل خطر يطلق النار على 4 أشخاص في جلسة صلح على قطعة أرض ب أسيوط    استشاري: رش المخدرات بالكتامين يتلف خلايا المخ والأعصاب    حكايات..«جوناثان» أقدم سلحفاة في العالم وسر فقدانها حاستي الشم والنظر    عاجل - "التنمية المحلية" تعلن موعد البت في طلبات التصالح على مخالفات البناء    رئيس الشيوخ العربية: السيسي نجح في تغيير جذري لسيناء بالتنمية الشاملة وانتهاء العزلة    قيادي بفتح: عدد شهداء العدوان على غزة يتراوح بين 50 إلى 60 ألفا    المحكمة العليا الأمريكية قد تمدد تعليق محاكمة ترامب    حظك اليوم.. توقعات برج الميزان 26 ابريل 2024    ليلى أحمد زاهر: مسلسل أعلى نسبة مشاهدة نقطة تحوّل في بداية مشواري.. وتلقيت رسائل تهديد    لوحة مفقودة منذ 100 عام تباع ب 30 مليون يورو في مزاد بفيينا    مخرج «السرب»: «أحمد السقا قعد مع ضباط علشان يتعلم مسكة السلاح»    "الأهلي ضد مازيمبي ودوريات أوروبية".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    «اللهم بشرى تشبه الغيث وسعادة تملأ القلب».. أفضل دعاء يوم الجمعة    سفير تركيا بالقاهرة يهنئ مصر بذكرى تحرير سيناء    خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف مكتوبة 26-4-2024 (نص كامل)    طريقة عمل الكبسة السعودي بالدجاج.. طريقة سهلة واقتصادية    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    يقتل طفلًا كل دقيقتين.. «الصحة» تُحذر من مرض خطير    مجلس جامعة الوادي الجديد يعتمد تعديل بعض اللوائح ويدرس الاستعداد لامتحانات الكليات    بالفيديو.. ما الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    عالم أزهري: حب الوطن من الإيمان.. والشهداء أحياء    قبل تطبيق التوقيت الصيفي، وزارة الصحة تنصح بتجنب شرب المنبهات    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المقابر فى مصر.. أموات ومصائب أخرى

دعارة.. تعاطٍ.. تجارة مخدرات.. تجارة أعضاء وجثث.. أعمال وشعوذة.. سكن.. قتل
السيدة عائشة.. مخدرات وسحر أسود.. عين الصيرة.. بيع جثث ودعارة.. مقابر اليهود.. سلاح وبلطجة
سكان المقابر: «مين فينا يقدر يبلغ عن المخالفات.. البلطجية يقتلونا»
«تُربية»: «مش بنخاف من الميتين دول ولا ليهم صوت ولا حس المصيبة فى اللى عايشين»
لم تكن تلك الصورة التي تناولتها السينما المصرية عن المقابر، وما يحدث بداخلها مبالغًا فيها، بل ربما لم تنقل الصورة كاملةً، فالواقع أسوأ بكثير، وأكثر مرارة وغرابة، مأساة يستغرق عرضها ساعتين بحد أقصى على الشاشة، لكن الدراما الواقعية تستمر زمنًا طويلاً دون أن يجد من يبكي أحوال هؤلاء الذين يسكنون مع الأموات، ويشاركونهم في عالمهم الخاص.
دراما المقابر البطل الأول فيها "تُربي" لا يملك ضميرًا، شره للمال، لا يشبع منه أبدًا، لديه رغبة ملحة في تحصيله بأي طريقة كانت، سواء ببيع أعضاء بشرية، أو جثث، أو التكتم على الجرائم الأخلاقية من دعارة أو تعاطي مخدرات وربما الاتجار بها.
أما السكان الحقيقيون، فلا يسمعهم أحد في عالمهم البرزخي، ولا يملكون من أمرهم شيئًا، يغادرهم ذووهم بعد زيارات تكون من الموسم إلى الموسم، ويتركونهم مع هؤلاء الذين لا يراعون حرمة لموتى، ولا يملكون ضميرًا يوخزهم، أو رادعًا يمنعهم عن ممارساتهم.
هنا هو المكان المفضل لمرتادي الإجرام، الذين يقبلون على فعل جميع أنواع الجرائم دون خوف من رادع أو محاسب.
ولا تختلف المقابر باختلاف أماكنها، بل تتفق في كثير من صفاتها فالمكان هادئ مهجور، وبعض المقابر غرف دون أبواب، يستتر بها الميت بطبقة من الأسمنت قد لا تحميه من ما يحدث فوقه، وأحيانًا تتناثر عليها بعض بقايا الليالي الماجنة من زجاجات لمشروبات محرمة أو بعض السرنجات الفارغة.
وأحيانًا كثيرة تكون المقابر عبارة عن ممرات طويلة تمتلئ بالأحواش، البعض مغلق والآخر مفتوح على مصراعيه، ناهيك عن الكلاب الضالة التى تنتشر بينها، تصرفات وكلمات المتجولين البذيئة بالمنطقة.
والمار من هناك يسرع الخطى خوفًا من التواجد في ذلك المكان إذا كان عابر سبيل، أما إذا كان من سكانها، فإن كان واحد منهم لن يسيئه شيء، فهو يأنس بوجود هؤلاء، وإما إن كان متضررًا فيلزم البيت ويغلق أبوابه.
وفق إحصائية الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، فقد بلغ عدد سكان المقابر 5 ملايين مواطن يعيشون مع أسرهم بين الأموات، داخل 25 محافظة، ويبلغ عدد سكان المقابر في إقليم القاهرة الكبرى وحده 1.6 مليون مواطن.
المقابر فى السينما
العديد من الأعمال تناولت الحياة داخل المقابر، والسكن فيها، منها: "أنا لا أكذب ولكني أتجمل" للفنان أحمد زكي، والذي قدم دور شاب فقير يسكن بالمقابر، يساعد والده أحيانًا في دفن الموتى، وينكر عمله عن زملائه بالجامعة؛ لرفض المجتمع وجود أمثاله بينهم.
أيضًا، هناك "الشقة من حق الزوجة"، و"كراكون في الشارع" الذي يتحدث عن أزمة ارتفاع أسعار الشقق، ولجوء بعض الأشخاص وأسرهم إلى السكن في المقابر، أو دفن الذهب والمخدرات بدلًا من الأموات مثل "ابن القنصل" و"العار"، وهناك بعض الأعمال التي تناولت سرقة أعضاء الموتى وجثثهم، كما في "تراب الماس".
بيع الجثث والأعضاء البشرية
يعد بيع الجثث والأعضاء البشرية من التجارة المربحة لخفراء المقابر، والإقبال على شرائها يكون من طلبة الطب الذين يقومون بالتعلم على جثث وأعضاء الموتى، والحصول عليها ليس بالصعوبة التي يمكن أن نتخيلها.
فالتُربي يستطيع في أي وقت أن يستخرج ما يشاء، ولا أحد يقف أمامه، فهو يمتلك مفاتيح الأحواش، ووقت الليل، حيث يخشى الجميع الاقتراب منها المقابر، هو الوقت الأنسب لبيع ونقل الجثث، فلا شيء يزعجه، حين يقوم بانتهاك لحرمة الموتى أو يخون الأمانة التي وضعت بين يديه، بعد أن مات ضميره وشبع موتًا.
السحر الأسود والشعوذة
فضلاً عن الاتجار في جثث الموتى، يعد السحر الأسود أحد أهم أسباب اختفائها أو بعض أجزائها أو استخدامها، وهو ما كشفت عنه دراسة أجريت في يناير 2016، أظهرت أن آلاف المصريين يلجأون للدجالين والمشعوذين لعمل الأعمال السفلية، والدجال يقوم بالعديد من الأعمال مثل فك العمل أو وضعه بمبالغ كبيرة قد تصل إلى 5 آلاف جنيه أحيانًا، حيث يتم يضع العمل السفلي في مقبرة تحت رأس ميت، أو بين أحد أعضائه أو داخل المقابر عن طريق التربي، مقابل مبالغ مالية تبدأ من 500 جنيه، وقد تصل إلى 2000 جنيه، وتختلف التسعيرة من دجال لآخر.
حلم الإنجاب
ليس هذا فحسب، فالسيدات الباحثات عن حلم الإنجاب، يلجأن إلى المقابر من أجل ذلك. وبحسب بعض الإحصاءات لعينة عشوائية في أسيوط كشفت عن وجود 9 سيدات من 20 سيدة يقمن باستخراج عظام الجثث من المقابر كي يخطون فوقها 7 مرات؛ رغبةً في علاج العقم وإنجاب أبناء.
وقالت "س.ع": "لي قريبة في أسيوط كانت تريد الإنجاب؛ خوفًا من الطلاق، فلم يكن أمامها أن تخطو فوق جثة كما أخبرتها حماتها، وبالفعل ذهبت هي وزوجها وحماتها إلى مقبرة، وقاموا بإخراج عظام ميت، وقامت بالمرور عليه 7 مرات، ولم تكن خائفة بل كانت فرحانة علشان هخلف، وبعد ما عدت على الجثة دعت ربنا والحمد لله دلوقتي عندها 4 أولاد".
السكن بالمقابر
يفرض الواقع المرير نفسه علينا أحيانًا كثيرة، ويجعلنا نتقبل ما لا يقبله أحد، والسكن بالمقابر بسبب الفقر الشديد وضيق الحال هو أحد الحلول التي يلجأ إليها من لا يملكون سكنًا، أو القدرة على توفير شقة للسكنى.
وتعتبر مصاريف السكن بالمقابر أقل بكثير من السكن خارجه، فالعيش بين الأموات أرخص وإن كانت مساوئه كثيرة من مخالطة الخارجين عن القانون ومدمني المخدرات، إلا أنه لا حل أمام هؤلاء غير ذلك.
هناك يتزوجون ويتوارث المكان الأبناء والأحفاد ليصبح بعد ذلك إرثًا عائليًا للرجال، أما النساء بالمقابر فإما عوانس أو إما مطلقات، واعتاد سكان المقابر العيش مع الموتى وحضور الجنازات، وفي المساء يتبادلون الأحاديث ساردين أحداثهم اليومية، متناقلين أخبار المدافن من مكان لآخر.
تجارة المخدرات
أثناء التجول بين المقابر، تجد عشرات السرنجات الفارغة منتشرة في الطرقات، وللحصول على المزاج بعيدًا عن الأعين، فالمدافن هي المكان الأمثل، وغالبية متعاطي تلك المواد المخدرة مسجلون أو هاربون من أحكام، ولذلك بالنسبة لهم فالمقابر مخبأ و"مزاج"، كما قال أحد سكان منطقة السيدة عائشة.
وتتحول مقاهي "السيدة عيشة" و"السيدة نفيسة" من مقاهي بالنهار إلى مرتع لمدمني المخدرات في المساء، كما أشار إلى ذلك أحد سكان ميدان السيدة عائشة، قائلًا: "السيدة عائشة فيها مقابر كتير وبقت استراحة لمدمنى الخمور والمخدرات وتجارتها اللي بييجوا الأضرحة والمقابر بالليل، ويستغلوا إن ما فيش حد ومحدش هيعرف يدخل وراهم، وحتى اللي هيدخل هيعمل إيه ممكن يقتلوه".
المكان الأمثل للقتل وإخفاء الجثث
كما تعد المقابر المكان الأفضل للجريمة الكاملة من وجهة نظر المجرمين، وفي أخميم بسوهاج، حدثت جريمة قتل بمقابرها منذ عدة أشهر، وكانت الطعنات المتفرقة بجسم الجثة هي الدليل الوحيد على ارتكاب جريمة، والجثة كانت لرجل بكامل ملابسه؛ مما زاد غموض الجريمة، إلا أن فرق البحث تمكنت من كشف الجاني الذي قال في اعترافه: "قمت باستدراجه إلى منطقة، وسددت له عدة طعنات متفرقة بالجسم حتى لفظ أنفاسه الأخيرة عندها؛ قمت بإخفاء الجثة جانبًا، وغادرت المكان فى عجلة، ولم يلمحني أحد".
وهناك واقعة أخرى لجريمة قتل بشعة، حيث قتل رجل من محافظة سوهاج، ثلاثة رجال؛ انتقامًا لشرفه؛ لوجود علاقة بين اثنين منهم وشقيقته، فبعد أن اختبأ في مقبرة اعتادوا لقاء شقيقته بها، عندما اقتربوا ناداهم مقلدًا صوتها، وبمجرد اقترابهم أمطرهم بالرصاص.
دعارة واغتصاب
تعتبر الدعارة من الأعمال المنافية للآداب التي تحدث داخل المقابر؛ في غياب الرقابة، ويتم استغلال النقاب للتستر في القيام بذلك، والأماكن متاحة طالما هناك موافقة من الطرفين.
كما تشهد المقابر جرائم اغتصاب، فمهما استغاثت الضحية لن يلتفت إليها أو ينقذها إنسان، بل إن صريخها الذي يشق الأرجاء لن يستجيب له إلا قلوب قاسية تستمر في فعلها الماجن.
ومنذ عدة أشهر قام 3 أشخاص بخطف فتاة أثناء عودتها إلى منزلها داخل "توك توك"، وتوجهوا بها إلى مقابر الإمام التونسي، وهناك فُوجئتْ بشخصين آخرين في انتظارهم، وقاموا بتقييدها وتناوبوا اغتصابها، وتم تحرير محضر بالواقعة، وأخطرت النيابة التي تولت التحقيق.
شهادات أهل المقابر
تعتبر منطقة السيدة عائشة من المناطق التي تضج بالمدافن والمقابر التي تجمع الفقير والغني، والأمير والخفير، فأسفل التراب يتساوى الجميع.
وهذه المنطقة تضم مقابر للأسرة الملكية والأمراء وكثيرًا من الفنانين مثل الراحل عبد الحليم حافظ، وأم كلثوم، وأنور وجدي، وفريد الأطرش، وأسمهان، والشيخ عبد الباسط عبد الصمد، والشيخ الكحلاوي وغيرهم.
كما يسكنها آلاف الأسر المصرية البسيطة، التي تقف عاجزة عن مواجهة ما يرفضه الضمير والأخلاق.
وتقول "سميرة"، خفيرة مقابر في منطقة التونسي بالسيدة عائشة: "إحنا شايفين المرار هنا من البلطجية والمدمنين ولولا أننا بنقفل الباب على نفسنا بالليل بالجنزير والقفل ما كناش هنعرف نعيش أنا وعيالي، بس لو عارفين إني في خناقة هتحصل بالليل ما بنباتش فيها بروح عند أخويا في البساتين وأبات عنده أنا وأولادي".
وتضيف ل"المصريون": "الخناقات بالليل ساعات بتكون علشان المخدرات بيتخانقوا علي سعرها، أو هيوزعوها إزاي وبكون سامعة بودني الكلام، ولا بنقدر نتكلم ولا نقدر نبلغ عنهم، هيعرفوا إننا اللي بلغنا عليهم، ومش هيسيبوني أنا واولادي، وكتير بيحصل هيجان بالليل وساعات ضرب نار، ولا حد فينا بيتحرك من مكانه، وبندعي ربنا النهار يطلع ونخلص منهم".
وتعبر عن الواقع المرير لسكان المقابر: "إحنا مش بنخاف من الميتين دول ولا ليهم صوت ولا حس، المصيبة في اللي عايشين، ربنا يكفينا شرهم".
وتقول جارة لها: "بنسمع كتير عن الناس اللي بتحاول تحضر جن من باطن الأرض علشان الأعمال السفلية اللي عايزة تخلف، واللي عايزة تتجوز، واللي عايزة جوزها ما يتجوزش عليها، وبنشوف بعنينا ناس داخلة وخارجة، أشكال إيه ومستويات إيه، ويندخل الترب بنشوفهم بعنينا بس، ما نقدرش نتكلم جيرانا ونخاف منهم، ولو يعرفوا كل حاجة بإيد ربنا".
«عين الصيرة»
على الرغم من أنك ترى المدافن بمنطقة عين الصيرة من بعيد، شوارع نظيفة طويلة، وتفصل أسوار عالية المدافن عن الطريق، إلا أنك إذا دخلتها ستجدها لا تختلف كثيرًا عن باقي المدافن وأحواش كثيرة بعضها دون أبواب، وأكثرها مغلق بأقفال وهمية لا تمنع محاولة اقتحامها من قبل مرتادي الإجرام.
"الدولايب هنا رسمي".. هكذا عبر أحد سكان منطقة عين الصيرة، رافضًا ذكر اسمه خوفًا من بطش أصحاب النفوذ بالمنطقة، مفسرًا كلمة "دولايب" بأنها "المخدرات المختلفة بأنواعها".
وأضاف ل"المصريون": "أي رجل غريبة بتنزل المنطقة بيتعرف إذا كان بطل ولا زبون"، مفسرًا معنى كلمة بطل بأنه "يعني متعود يشرب وزبون يعني جديد أو اشتغالة من الداخلية، والصح بيتعمل معاه الصح، ولو زبون ومدسوس ما بيخرجش منها، بيدفن في مكانه، ما بيخرجش".
وعن سبب بقائه في المنطقة على الرغم من ما يحدث، تساءل قائلاً: "يعني هنروح فين أنا وعيالي ما لناش مكان تاني وطول عمرنا عايشين هنا، وبعدين نص مصر كده، هتفرق إيه بقي هنا من هناك".
ويقول أحد سكان المنطقة: "هنا في حاجات كتيرة بتتعمل مخدرات.. بيع جثث.. دعارة كل حاجة بتحصل هنا، وبنسمع من بعض، طيب هنا في واحدة ساكنة في عشة بتظهر وتختفي كده براحتها، وعلى الرغم من أن شكلها طيب لكن ليها ولاد كثير الله اعلم ولادها ولا خطفاهم وبتشغلهم، وبابها دايمًا مفتوح لأي حد، وفهماني إنتي بقى، وساعات بيجيلها رجالة لابسين نقاب بنعرفهم من الجزم، ربنا يستر علي ولايانا، وبنلاقي كتير شباب شكلها نضيف يتكلموا مع تُربية بنفهم أنهم جايين يشتروا جثث".
مقابر اليهود
عزبة النصر في البساتين والشهيرة ب"تُرب اليهود" تضم بين جنباتها مقابر ليهود مصر والعديد من الشخصيات العامة اليهودية، أبرزهم "كارمن" رئيس الطائفة السابقة، وأحد أفراد أسرة "موشيه ديان"، وزير الدفاع الإسرائيلي.
وعلى الرغم من أن المقابر قديمًا كانت تعتبر تحفة فنية، إلا أنها الآن تحولت إلى وكر لتجارة السلاح والبلطجة وتناول المخدرات، وأصبح كل شيء متاحًا.
يقول شحاتة محمد حسن، من أهالي عزبة النصر بالبساتين ل"المصريون": "إحنا بنشوف هنا وبنسمع عن بلاوي.. مخدرات وسلاح وبلطجة، ولو بلغنا هتكون مصيبة علينا والبلطجية مش هسيبونا، بيتنا ساكنين فيه عمرنا، وورثينه من أهالينا، هنسيبه ونروح فين هو حد لاقي، ربنا يرحمنا برحمته".
ويشير يوسف عبد العال، من أهالي العزبة وصاحب ورشة رخام، إلى الانتهاكات التي تحدث داخل المقابر ل"المصريون"، قائلًا: "هنا في العزبة ينطبق مثل "البقاء للأقوى"، الناس بتضرب ماكس وتشم برشام هنا في المقابر، والدعارة عادي، وبيبيعوا السلاح وبنسمع ضرب نار بالليل، ومين فينا يقدر يخش بالليل الترب علشان يعرف إيه اللي بيحصل في المقابر، الحكومة لما تشوف حد بتجري وراه بس مين منهم يدخل جوه الجبانات بالليل، الجبانة دي لكل ممنوع، اللي عايز يخبي مسروقات، مخازن وتعديات ولا حد بيتحرك، ولما بلغنا لقينا حرب علينا من البلطجية".
الأمن
ويقول اللواء محمد نور الدين، مساعد وزير الداخلية السابق: "المقابر مكان موجس ومخيف، ومرتع للخارجين عن القانون، والتُربي أهم حاجة عنده ياخد فلوس وبس".
ويضيف ل"المصريون"، "كل الموبقات اللي هتجيب فلوس ييعملها التربي، قمار مخدرات دعارة، وكان في لسابق يتم بيع أجزاء من الجثث، لكن أنا أتأكدت من دكتور كبير أنهم في الجامعة دلوقت عملوا بدائل للجثث البشرية بأجزاء صناعية بديلة احترامًا للجثث".
وأشار إلى أن "الشرطة دائمًا تكون لديها مصادر داخل المدافن"، لافتًا: "بيكون في تُربي واتنين وثلاثة كمان لينا جوه ويفتنوا على بعض، ويقولوا إيه أخبار المقابر وإيه اللي بيحصل فيها، ولو في مخالفات للقانون، وهما بيوافقوا لأسباب كتير أهمها يقولك علشان نحافظ علي سمعة المنطقة أو خدمات متبادلة ليه يعني مصلحة قانونية في ترخيص ولا أوراق قانونية عايز يخلصها يعني بتكون حاجة قصاد حاجة".
وتابع: "فيه ناس أحيانًا لما بتشوف حاجة غلط بتبلغ عليها وده بيكون بالصدفة، أو ممكن يبلغك علشان عايز فلوس، وده بيكون بالأجرة يعني بيتعمله حساب في دفتر بدرج رئيس المباحث، واللي بنعرف عليه من مخالفات بنتدخل فيه ونحله ونتعامل معاه".
وتحدث عن العديد من الحوادث الغريبة التي تحدث داخل المقابر من سحر أسود وشعوذة، متذكرًا حادثة غريبة، قائلًا: "فيه تربي اختلف مع معلمه علي الأجرة، جه بلغ عنه، وقال يا باشا ده بيساعد الدجالين ودافن أعمال في المقابر في أجزاء حساسة في الجثة، وعمل تحت ايد جثة، وعمل تاني تحت رجل جثة، وعمل تحت رأس جثة، والمباحث قامت بالحصول على إذن من النيابة وتم القبض عليه لانتهاكه حرمة الأموات".
وأضاف "هناك أيضًا بعض تجار المخدرات الذين يلجأون للمقابر "لتصبير" المخدرات أي دفنها حتى الحاجة إليها، وبنقوم بحملات كتير بناء علي بلاغات، وبنلاقي فعلًا مخدرات بنصادرها ونقبض على أصحابها، لافتًا إلى أنه بالرغم من أن التُربي ممكن يعمل أي حاجة علشان الفلوس إلا أنه مستحيل يدفن ميت من غير ترخيص؛ لأن دي تعتبر بالنسبة له كارثة، ودي جريمة نادرة أن التربي يعملها لأن فيها حبس رسمي "دفن من غير ترخيص".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.