لا أدرى ما إذا كان الرئيس مرسى، اطلع على الورقة التى تضمنت أسماء الفنانين و"المثقفين"، قبل لقائه بهم نهاية الأسبوع الماضى؟!.. أم أنه ترك الموضوع لوزير الثقافة د. محمد صابر عرب؟!.. أم اعتمد الاثنان: الرئيس ووزيره على "جهة أمنية" لفرز الأسماء واعتمادها؟! لن أتكلم هنا عن الفنانين.. لصعوبة وجود التصنيف الأيديولوجى داخل المجتمعات المخملية، وإنما عمن وصفوا ب"المثقفين".. إذ إن أى مراجعة سريعة للأسماء التى حضرت اللقاء الرئاسى، تشير على الفور إلى تجربة مبارك، وتقاليده التى استقرت على ضرورة المرور على"الفلاتر" الأمنية، فالأسماء هى ذاتها التى كانت ترفل فى ظلال الرضا الأمنى فى عهد الرئيس السابق.. وعلى ذات المنحى الإقصائى الذى يميل إلى استبعاد الإسلاميين و"تدليع" اليساريين!! لقد أفضى اللقاء إلى أزمة كبيرة، داخل وسط النخبة المحسوبة على تيار الإسلام الثقافى والحضارى.. وخلف "مرارات" كبيرة، وشعورا بالظلم وكأن شيئا لم يحدث فى مصر، وأن فاروق حسنى لا يزال على رأس "الحظيرة".. وأمن الدولة على عهده ووعده الذى قطعه لمبارك من قبل. تكلفة الأزمة، لن يسدد فاتورتها وزير الثقافة ولا الأجهزة الأمنية، على افتراض أنهما تضامنا فى وضع الأسماء التى اختيرت للقاء الرئيس.. وإنما سيسددها للأسف الشديد ظلما د.مرسى ذاته، وربما تُستدعى تجارب سابقة، تؤصل فى الضمير السياسى العام "سوء الظن" فى جماعة الإخوان المسلمين، وهى ظنون متوارثة من خبرات التيار الوطنى معها فى الانتخابات البرلمانية والمهنية.. قبل الثورة. مصر ليست "أبعدية" لليسار المتطرف، ولأصحاب الصوت العالى على فضائيات الفلول، فهى أوسع وأرحب، وغنية بالمواهب الأزكى والأطهر والأكثر عفة وعفافا.. وب"الأقلام المتوضئة" غير المتورطة فى أدبيات "الجسد" و"المراحيض".. واستهداف الهوية الوطنية وعروبة مصر وإسلامها.. حتى أننى صعقت من تجاهل أحد أهم الأدباء والشعراء والنقاد فى العصر الحديث، هو الصديق الكبير الدكتور جابر قميحة، متعه الله بالصحة والعافية وطول العمر.. وهو فى ذات الوقت شاعر الجماعة الأول، قضى عمره كله تقريبا فى خدمتها والذود عنها!! أنا أعرف د.محمد مرسى، وهو على خلق، وشخصية نبيلة ومجاملة بطبيعتها ويخفض جناحه للجميع.. ويحفظ لأهل الفضل فضلهم وينزل الناس منازلها.. ولذا كان اللقاء الأخير بالمثقفين "مؤذيا" لأخلاق الرجل، وعلى غير ما نعرفه عنه من مروءة وبر. فهلا بينت لنا مؤسسة الرئاسة أسباب "توريطه" فى هذا المأزق "غير الإنسانى" على أقل تقدير مع القوى الوطنية التى ناضلت عبر سنوات طويلة من أجل الدفاع عن الهوية الوطنية المصرية، وقوامها الأساسى: العروبة والإسلام؟! [email protected]