الأزهر يدين العدوان الصهيوني على إيران ويطالب بوقف "الانتهاكات الصهيونية "بحق دول المنطقة    نتنياهو: الجيش الإسرائيلي دمر أكبر منشأة لتخصيب اليورانيوم في إيران    «المفاوضات حصلت من زمان».. كوكا يكشف حقيقة توقيعه ل الأهلي    عمار معاذ: توقعت حصول الزمالك على كأس مصر بسبب "الرمادي"    أمن القاهرة يضبط سائق الميكروباص صاحب فيديو القيادة الاستعراضية في المقطم    طوارئ نووية محتملة.. السعودية توضح: لا مواد مشعة في مياه المملكة    بورصة الذهب تتجه لتحقيق مكاسب أسبوعية تتجاوز ال 100 دولار    موناكو يعرض على بوجبا عقدًا لمدة عامين بعد عودته من الإيقاف    توتنهام يستهدف ضم مهاجم برينتفورد    ماسكيرانو يعترف بقوة الأهلى ويعلن غياب ألبا عن افتتاح كأس العالم للأندية    هدى زاهر تكشف تفاصيل الأزمة الصحية لابنتها ملك أحمد زاهر    الحرس الثوري يحذر إسرائيل من استهداف المراكز الاقتصادية والبنى التحتية للطاقة    مسلسل فات الميعاد الحلقة الأولى.. أحمد مجدى يسرق نقود زوجته لإنقاذ أخيه    لماذا فشل انتقال ثيو هيرنانديز إلى أتلتيكو مدريد؟    إصابة 5 فلسطينيين عقب سقوط صاروخ في سعير شمال الخليل    النيابة توجه تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار لتاجر ذهب بالبحيرة    عادل إمام نصحها بالعمل في الفن.. أبرز معلومات عن منة عدلي القيعي بعد زواجها    «لازم كوباية الشاي».. 5 أبراج مدمنة شاي هل أنت منهم؟    الصحة: نجاح جراحة دقيقة ونادرة لطفلة عمرها 3 أيام تعاني من ناسور مريئي    تسلا تعتزم فتح فرعا لها بالمغرب    السكة الحديد: تشغيل قطار روسي فاخر على خط الصعيد كخدمة جديدة    إسرائيل تعلن بدء الهجوم الإيراني وتحذر مواطنيها    وزارة الصحة: نجاح فريق طبى بمستشفى الخانكة في إجراء جراحة نادرة لطفلة رضيعة    غرفة عمليات مركزية بالدقهلية للتعامل مع حريق بمنطقة خالية داخل مركز إرسال بطره    إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والمدارس في مصر رسميًا (الموعد والتفاصيل)    نائب رئيس جامعة القاهرة يتفقد امتحانات الفرقة الأولى بطب قصر العيني (صور)    الأحد.. قصور الثقافة تطلق برنامج مصر جميلة المجاني لاكتشاف المواهب بأسوان    رسالة ماجستير فى كينيا تناقش مفهوم الخطايا عند المسلمين والمسيحيين.. بعض الخطايا لا نتغاضى عن الاعتراف بها.. ويحب على الجميع مواجهتها    تفاصيل مران الأهلي.. وفاة نجم المصري.. كابوس يقلق فيفا.. الزمالك يفاوض نجم الأردن| نشرة الرياضة ½ اليوم    هل زيارة المريض واجبة أم مستحبة؟.. عالم أزهرى يجيب "فيديو"    علامات إذا ظهرت على طفلك يجب الانتباه لها    ميناء الإسكندرية يستقبل أولى رحلات "WAN HAI" وسفينة "MAERSK HONG KONG" في إنجاز مزدوج    يوفنتوس يجدد عقد مدربه إيجور تيودور حتى 2027    وداع قاسٍ من الربيع.. إنذار جوي بشأن حالة الطقس الأسبوع المقبل ب القاهرة والمحافظات    "حلال فيك" ل تامر حسني تتخطي ال 7 مليون مشاهدة فى أقل من أسبوع    100% لثلاثة طلاب.. ننشر أسماء أوائل الإعدادية الأزهرية في أسيوط    دموع على الكوشة انتهت بتعهد.. النيابة تُخلي سبيل والدي عروسين الشرقية    مطار شرم الشيخ يستقبل رحلات محوّلة من الأردن بعد إغلاق مجالات جوية مجاورة    خطيب المسجد النبوي: الرحمة صفة تختص بالله يرحم بها البر والفاجر والمؤمن والكافر    طعنوه وذبحوه داخل الحظيرة.. العثور على جثة مزارع غارقة في الدماء ببني سويف    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو لهو طفل بمنتصف أحد المحاور بالمقطم    هجوم إسرائيلي يستهدف "مطار مهرآباد" في طهران    رحلة تعريفية لوفد من المدونين والمؤثرين الأمريكيين بالمقصد المصري    إزالة 8 حالات تعدي على الأراضي الزراعية بالشرقية    الطيران المدني: المجال الجوي آمن.. ورفع درجة الاستعداد القصوى    أسعار اللحوم اليوم الجمعة الموافق 13 يونيو 2025    خطباء المساجد بشمال سيناء يدعون للوقوف صفا واحدا خلف القيادة السياسية    إنفوجراف| إسرائيل تدمر «عقول إيران» النووية.. من هم؟    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 137 مخالفة لمحلات لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    ضبط صاحب مخبز بالمحلة الكبرى استولى على 16 جوال دقيق مدعم وباعها بالسوق السوداء    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر    بعثة حج الجمعيات الأهلية تنظم زيارات الروضة الشريفة    قفزة في الاستثمارات العامة بالمنوفية ب2.8 مليار جنيه في موازنة 2024/2025    كأس العالم للأندية - الأهلي يواصل تحضيراته لمواجهة إنتر ميامي    الدولار الأمريكي يرتفع متأثرا بالضربة الإسرائيلية على إيران    أبو العينين: طارق أبو العينين ابتعد عن سيراميكا كليوباترا بعد انضمامه لاتحاد الكرة    رئيس الوزراء: نتابع الموقف أولا بأول وتنسيق بين البنك المركزي والمالية لزيادة مخزون السلع    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025.. عطلة رسمية للقطاعين العام والخاص    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغش التجاري بين التجريم والمواجهة
نشر في المصريون يوم 17 - 04 - 2019

إرتبطت الجريمة منذ فجر التاريخ بوجود الإنسان على الأرض بل وتطورت أوصافها وأشكالها بتطور حياة البشر حتى أنه يمكن القول أن تطور المجتمع وما يصاحبه من تطور علمى وتكنولوجى ينعكس أثره على تطور الجريمة، فالجريمة بإعتبارها إحدى صور إفرازات المجتمع يصلها ما يصل المجتمع من تطور،
ومرجع ذلك أن مرتكب الجريمة وضحيتها عضوان فى المجتمع، ويتأثران بحياته وثقافته وتطوره، فأقصى ما يصل إليه المجرم من براعة ودراية نتيجة لهذه الثقافة والتعلم، يحاول إستخدامها فى جريمته، فالجريمة هى محصلة كل ذلك، وقد أدى التطور التكنولوجى فى كافة مناحى الحياة المختلفة – خاصة الإقتصادية منها - إلى تطور مقابل ممتد الأثر فى البناء الإجتماعى وفى بعض المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية.
وكان التطور سريعاً ، فصاحبته ظواهر سلبية متعددة ، حيث أدى الإعلان عن الحد من دور الدولة فى المجال الاقتصادى وتشجيعها للقطاع الخاص لكى يأخذ المبادأة فى المجالات الصناعية والتجارية ، إلى أن سارعت بعض الفئات الطفيلية إلى إستغلال مناخ الحرية الاقتصادية الذى اتيح وقبل أن يحاط بالتنظيم الدقيق والضمانات الكفيلة بحماية المجتمع من هذه الأنشطة، فضلاً عن تصاعد نشاط الفئات الطفيلية فى إستغلال مناخ الحرية لتحقيق الكسب السريع ،
ونهج الكثيرون أساليب الإحتيال والغش دون تقدير لما يصاحبها من أضرار بلغت جسامتها حد تهديد حياة الأفراد ، ووقع المستهلك ضحية لهذه الأنشطة فى كل أوجه التعامل اليومى، وأصبح غير قادر على تجنب المخاطر التى تهدده ، وصارت الأجهزة الحكومية المعنية بالرقابة تنوء بما يواجهها من أوجه التحايل والغش والفساد.
ولم تقتصر هذه الأنشطة على مجال بعينه ، بل تتردد كل يوم أنباء عن ظهور أوجه جديده من الغش والاستغلال فى كافة المعاملات ، الأمر الذى إرتقى بأفعال الغش التجارى لتصبح ظاهرة عالمية واسعة الإنتشار ، تستحق الإهتمام من كافة الأجهزة المعنية بمواجهتها.
لقد تزايدت فى الآونة الأخيرة ظاهرة الغش والخداع فى التعامل، نتيجة التقدم المذهل والمطرد فى مجال العلوم الطبيعية والكيميائية والبيولوجية، التى يسرت إمداد مرتكبى الغش بإمكانيات واسعة لارتكاب هذه الجرائم ، ومهارة علمية فائقة لإخفاء آثار جرائمهم ، وخداع المستهلكين ، الأمر الذى أدى إلى اهتمام دول العالم جميعاً بمقاومة هذه الظاهرة تشريعياً واجتماعياً وأمنياً ، وتبدو أهمية موضوع البحث فى أنه من الصعوبة بمكان – من الناحية العملية – تحديد المتهم الحقيقي فى جرائم الغش ، وهل هو الصانع أم المنتج أم مدير المصنع الفنى أم التاجر ، وهل هو تاجر الجملة أم الوسيط أم تاجر التجزئة أم الشخص المعنوى، وهل الجريمة وقعت عمداً أم نتيجة إهمال ، كما ترجع الفلسفة القانونية لتجريم صور الغش، إلى سعى المجتمعات نحو ضمان سلامة المعاملات الصناعية والتجارية أو الاقتصادية عموماً،
وذلك بالضرب على أيدى من يلجأ إلى الغش فى سبيل تحقيق كسب غير مشروع، فالمستهلك عادة ليست لديه القدرة على التمييز بين من يخدعه ومن يرضيه ، أو الشيء الذى يضره من عدمه، والسعى نحو تجنب ما ينجم عن هذا الغش من أضرار بالصحة العامة للمستهلك، سواء فى ذلك استعمال أو تداول أو اس تهلاك المواد المغشوشة أو الفاسدة ، ولهذا حرمت الشرائع المختلفة سلوك الغش فى ذاته أو فى البيع ، وحتى مجرد طرح أو عرض المواد المغشوشة أو الفاسدة للبيع ، وكذلك المواد التى تستعمل فى الغش.
وتمثل حماية المستهلك أيضاً فى مواجهة أفعال الغش مطلباً أمنياً فى غاية الأهمية ، حيث إن دور الأمن فى مصر هو حماية المواطن المصرى مما قد يتعرض له من أخطار، سواء بالنسبة لحياته أو ماله أو صحته ،
وعلى ذلك فإن دور الأجهزة الأمنية فى حماية المستهلك يهدف إلى حماية المواطن المصرى من السلع المغشوشة أو الفاسدة أو المنتهية الصلاحية أو غير المطابقة للمواصفات ، ومواجهة منابع الفساد والقضاء على مافيا الغش التجارى لضمان صحة وحياة وأمن المواطن ، وذلك للمحافظة على استقرار الشارع المصرى وتنمية الإحساس لدى المواطن بأن الدولة ترعاه وتهدف إلى حماية مصالحه.
إن ظاهرة الغش التجارى من الظواهر القديمة قدم الإنسان ذاته، إلا أنها أصبحت من أخطر الظواهر الإجرامية المعاصرة . موضوع حماية المستهلك من الغش التجارى يُعد من الموضوعات المهمة التى أسفر عنها التطبيق العملى لكافة المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية المحيطة ، فى العالم بصفة عامة ، وفى الدول النامية بصفة خاصة .
لجرائم الغش التجارى آثار ضارة بصحة الإنسان والحيوان والنبات، وأمن واستقرار المجتمع وجودة المنتجات الوطنية فى الداخل والخارج، وإهدار لموارد الدولة المالية ، فهذه الجرائم تؤثر من ناحية على الاقتصاد القومى للبلاد بإحداث خلل فيه، وعدم التوازن بين المراكز القانونية المختلفة بأثراء طائفة من التجار المخادعين الغشاشين على حساب طائفة أخرى من التجار الشرفاء التى تراعى حدود الأمانة فى معاملاتها التجارية، ومن ناحية أخرى فلها تأثير سلبي على أفراد المجتمع – جمهور المستهلكين – بإصابتهم بأضرار بالغة فى صحة أبدانهم وذمتهم المالية .
سن المشرع الجنائى القانون رقم 48 لسنة 41 بشأن قمع التدليس والغش، وبذلك ألغى الأحكام التى جاءت فى قانون العقوبات المتعلقة بالغش والخداع وهى المواد 26 ، 347 ، 383 من قانون العقوبات، لعدم كفاية هذه النصوص لمواجهة ظواهر الغش والخداع من ناحية، وظهور وسائل جديدة للغش لم يتطرق إليها قانون العقوبات من ناحية أخرى، فقد أغفلت هذه النصوص تناول صور كثيرة من الغش والخداع تدعو المصلحة إلى توقيع العقاب عليها، وأشارت المذكرة الإيضاحية لقانون قمع التدليس والغش رقم 48 لسنة 41 ، مدى الأهمية والحاجة الماسة لتجريم أفعال الغش والتدليس وخطورتها فى الحياة العملية، وقد تناول هذا القانون الأخير صوراً شتى من الخداع والغش، وأحاطها بالتجريم كأفعال الخداع والشروع فيه والغش والشروع فيه، وجرائم طرح أو عرض أو بيع شيء من أغذية الإنسان أو الحيوان أو المواد التى تستعمل فى الغش، كما جرم حيازة المواد التى تستخدم فى الغش بسبب غير مشروع أو استيرادها، كما فرض حداً أدنى يجب مراعاته عند تركيب العقاقير الطبية أو المواد المستعملة فى غذاء الإنسان أو الحيوان، بالإضافة إلى استعمال أوان أو أوعية معقمة فى تحضير المواد السابقة، وفى فرنسا كان قانون العق وبات يتضمن نصوصاً تتعلق بضمان سلامة المنتجات والمشروبات وتجريم الغش والخداع فيها، ثم صدر قانون أول أغسطس سنة 1905 والذى جرم أفعال الغش والخداع فى البضاعة، وأخيراً صدر قانون 10 يناير سنة 1978 متضمناً حماية وإعلام المستهلك حيث مد المشرع الفرنسى من خلاله نطاق التجريم إلى المنتجات والخدمات التى تخص المستهلك .
إن اتساع مجال التفويض التشريعي فى قوانين غش الأغذية بمنح السلطة التنفيذية الحق فى إصدار اللوائح التى لها صفة الاستعجال، لمواجهة الظواهر الإجرامية المستحدثة ولدواعى الملاءمة أمر لابد منه، نظراً لما تتميز به جرائم غش الأغذية من تطور، فكان لزاماً أن تكون قوانينها أكثر مرونة وأكثر سرعة وأكثر قرباً من واقع الأحداث التى تم فيها الغش والخداع، حتى لا يفلت مرتكبو جرائم الغش والخداع من العقاب، ولما تحققه من حماية فورية للمستهلك من الغش والتدليس .. ولكن يحظر أن يؤخذ ذلك تكئة للخروج عن مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، وأنه يجب أن تراعى ضرورة الحظر عند تقرير هذه القواعد التجريمية لمساسها بحريات وحقوق أفراد المجتمع .
فى الآونة الأخيرة تزايد الخداع والغش فى مجال المواد والمنتجات الغذائية والطبية بصفة عامة، كما ظهرت مجالات للغش والخداع جديدة لم يواجهها المشرع فى القانون رقم 48 لسنة 41،تضر بصحة وأبدان المستهلكين وذمتهم المالية ، وكل ذلك دعا المشرع إلى مواجهة الظواهر الإجرامية فى مجالات الغش والخداع المستحدثة، وإضافة جرائم جديدة لم تكن مجرمة فى ذلك القانون، وذلك بإصداره للقانون رقم 281 لسنة 94 الذى جرم من خلاله جلب المواد الفاسدة أو المغشوشة داخل البلاد ، كما مد نطاق التجريم إلى أمور لم تكن مجرمة فى القانون القديم رقم 48 لسنة 41، كما وسع من دائرة حماية المستهلك بإضافة أوصاف ومنتجات جديدة حماية للمستهلك من الخداع والغش .
ومما يحسب للمشرع الجنائى فى قانون قمع التدليس والغش الجديد رقم 281 لسنة 94، إلغاؤه لقرينة افتراض العلم والتى كان منصوصاً عليها فى م2/1 من القانون القديم رقم 48 لسنة 41 ، والمضافة بالقانون رقم 522 لسنة 1955، وذلك ترديداً وتمشياً مع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 2/2/92 بإلغاء قرينة افتراض العلم بالواقع لمجافاتها ومخالفتها لمبدأ راسخ من مبادئ الدستور المصرى "قرينة البراءة" ، والتى فحواها "أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته فى محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه" م67 من الدستور المصرى، فيجب أن تثبت المحكمة وتتيقن بعلم الجانى مرتكب هذه الجرائم بغش الأغذية والمواد التى يتعامل فيها، وذلك بصورة يقينية وحقيقية قبل أن تقيم الدليل على جرمه، وذلك من واقع الأدلة المطروحة على بساط بحثها .
تفتق ذهن المشرع المصرى ولأول مرة عن إقرار المسئولية الجنائية للأشخاص الاعتبارية أو المعنوية فى جرائم غش الأغذية، بالنص عليها صراحة فى نص م6 مكرر من قانون قمع التدليس والغش المعدل رقم 281 لسنة 94 ، وما فعله المشرع المصرى مؤخراً بإقرار تلك المسئولية مرده انتشار وذيوع تلك الكيانات والمؤسسات القانونية الممنوح لها الشخصية المعنوية، والتى قد تمس بأفعالها أمن وصحة وسلامة المستهلك بإنتاجها أو طرحها أو عرضها للسلع الغذائية الفاسدة أو المغشوشة أو التى انتهى تاريخ صلاحيتها ، وهذا يمثل حماية كبيرة للمستهلك وردعاً كبيراً لهؤلاء الأشخاص المعنوية من اقتراف جرائم الغش والتدليس، وإنتاجها أو عرضها أو توزيعها لسلع مغشوشة أو فاسدة أو منتهية الصلاحية أو غير مطابقة للمواصفات القياسية .
جاء قانون قمع التدليس والغش المعدل رقم 281 لسنة 94 مشددا لكافة العقوبات الواردة فى القانون القديم رقم 48 لسنة 41، لعدم جدوى العقوبات الواردة فى القانون الأخير فضلاً عن انتشار- وبصورة كبيرة - جرائم الغش والخداع، إلى حد أنها أصبحت ظاهرة تستحق الاهتمام لاتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للضرب على أيدى التجار المخادعين الغشاشين الذين تنعدم لديهم الأمانة فى التعامل، وضماناً لحماية المستهلك من الغش والتدليس ، وقد استند المشرع فى سياسته لتشديد العقوبات الواردة فى قانون قمع التدليس والغش إلى مدى الأضرار التي تسببها السلع المغشوشة أو الفاسدة أو المنتهى تاريخ صلاحيتها على الإنسان أو الحيوان.
استحدث المشرع الجنائي فى قانون قمع التدليس والغش المعدل رقم 281 لسنة 94 عقوبات لم يكن منصوصاً عليها فى القانون القديم رقم 48 لسنة 41، أفرزها الواقع العملى وكان لابد من مواجهتها، كعقوبة غلق المنشأة المخالفة فى نطاق جرائم الغش والتدليس كأثر من آثار إقراره للمسئولية الجنائية للأشخاص المعنوية، وذلك بإيقاف نشاط المنشأة المخالفة لفترة معينة وهى عقوبة تكميلية،
وقد استحدث المشرع عقوبات جوازية وليست وجوبية للمحكمة أن تقضى بها أو لاً ولا توجد إلا بحكم قضائى، وأن قوانين التأمينات يمكن أن تكفل للعاملين بالمنشأة التى تم غلقها كافة الحقوق التأمينية اللازمة وتعويضهم التعويض الملائم ، كما أضاف المشرع فى القانون المعدل عقوبة إلغاء ترخيص المنشأة فى حالة العود، أو وقف النشاط لمدة لا تزيد على خمس سنوات، أو بإلغاء الترخيص بمزاولة النشاط، وقد جعل المشرع عقوبة إيقاف النشاط لمدة لا تتجاوز خمس سنوات جوازية للقاضى ، فإذا رأى أن إيقاف النشاط لهذه المدة غير كاف فله أن يحكم بعقوبة إلغاء الترخيص بمعنى ألا يكون من حق المنشأة مزاولة نشاطها بشكل نهائى .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.