اضْطَرنا هنا الرئيس مُرسى للأسف الشديد إلى وَضْعه فى مقارنة مع المخلوع مبارك بعد هذا اللقاء الأخير الذى جمعه بمن أسموهم "المثقفين والمبدعين والفنانين"، الذى مثل سَقطة ونقطة مظلمة فى ميدان أضاءه مُرسى بالانجازات الخارجية والداخلية، بما يستدعى محاسبة فورية لمنظميه والمسئولين عن اختيار أسماء من حضروه. إنها نفس الوجوه ونفس الأسماء، بل أن بعضًا ممن حضروا اجتماع مبارك الأخير مع "المثقفين" قبيْل خلعِه حَضَرَ لقاء الرئيس مُرسى! أهلاً باليساريين والماركسيين فى القصر الرئاسى ومرحبًا، لكن هل ورِثَ العهدُ الجديد أكْذوبة أن الثقافة والإبداع حكْر على اليساريين والعلمانيين من العهد البائد؟ وأين المثقفون والمبدعون المعبرون عن الفكر الإسلامى؟ ومادام الرئيس يريد تقديم نفسه رئيسًا لكل المصريين، فأين أدباؤنا ونقادنا ومفكرونا، أين قميحة والقاعود وحسام عقل ومحمد القدوسى وجمال سلطان وعاصم عبد الماجد – أحد كبار أدباء الحركة الإسلامية – وخلف عبد الرءوف.. الخ ؟ وعندما يستضيف القصر إقبال بركة فما الذى يمنعه من استضافة آمال العشماوى وإيمان القدوسى.. الخ؟ اللافت أن من حضروا اللقاء من رجال فاروق حسنى ومبارك كانوا يستغلون نظام مبارك المستبد فى تهميش المبدعين والمثقفين الإسلاميين وتكميم أفواههم وحرمانهم من الظهور ونشر إنتاجهم، على اعتبار أن وَحْى الإبداع لا يهبط إلا على اليساريين فقط وأن الثقافة والإبداع حالة لا تلتبس إلا بالرفاق وحدهم، وجاء اللقاء الأخير كمؤشر خطير وخطوة أصابتنى بشكل شخصى بالارتباك وفقدان الثقة والحيرة! فالرئيس الذى جاء بعد ثورة على الاستبداد والتهميش والديكتاتورية يطلب للقائه فقط أولئك الذين انسَحبُوا لحُضن الطاغية ودفء قصوره وهباته واشتغلوا بحرب من خالفهم فى الفكر والرُؤى وانشغلوا بجمع العطايا والمزايا "الفاروقحُسنية"! وأغفلَ اللقاءُ أسماءَ من ناضلوا بأقلامهم وفكرهم وقصائدهم وإبداعاتهم الروائية والقصصية ضد الاستبداد والديكتاتورية. الرئيس الثائر المناضل يلتقى بمن خدم بشعره وتنظيراته الحاكم المستبد وينسى الأدباء الثوار فلا يُشركهم حتى فى اللقاء إلى جانب "المناضلين اليساريين"!، وأقرأ الأسماء، فلا أجد مندوبًا عن فن الثورة الذى انطلق من الميدان، ولا أحدَ الأصوات المعبرة عن الفن الملتزم. يقابل الرئيس من لم يرَوا فى الساحة إلا أنفسَهم وبلغ بهم الغرور إلى حد احتكار الكلمة والفضائية والمجلة وقصور الثقافة والقلم، وينسى من كانت قصائدهم: تأبى على أهل الغرور غرورهم وتشد من أزر الضعيف وتمنعُ فهل يا سيادة الرئيس – كما سطر عمر أبو ريشة -: هانتْ الخيل على فُرْسانها وانطوتْ تلك السيوف القطع والبطولاتُ على غربتها فى مغانينا جياع خُشع البطولاتُ جاعتْ على غربتها فى عهد مبارك، وحُرم أدباء ومبدعو الحركة الإسلامية والمبدعون الإسلاميون المستقلون من الوصول إلى الجمهور، ولو وصلوا وقرأ المصريون والعرب إنتاجهم ورددوا أشعارهم ما كان لأمثال عبد المعطى حجازى ذكر، ولهذا تطرفوا فى محاولات الإقصاء والتهميش. نفهم مضمون الرسائل التى يريد الدكتور مرسى توصيلها بهذا اللقاء وقد تلقاها المعنيون بها بالترحاب – وربما التشفى -، إلا أنها حملت معها رسائلَ سلبية للمثقفين والمبدعين الإسلاميين، ومن المدهش والعجيب أن تصلهم من رئيس ثورى، صاحب مرجعية فكرية إسلامية، منتخب بالإرادة الشعبية، ومن المفترض أن يعبر عن كل أطياف المجتمع المصرى.