مصاب بالمرض يهاجر من أسوان إلى القاهرة بسبب نظرات الناس: شعرت وكأننى "ارتكبت ذنبًا عظيمًا" مدير قسم الأورام السابق بمستشفى «بهية»: نسبة إصابة الرجال بسرطان الثدي 1%.. واكتشافه أسهل من النساء أخصائية نفسية: «الرجال يموتون قهرًا من سرطان الثدى» .. عالم أزهرى: ليس هناك أمام المريض سوى الصبر أصبح سرطان الثدي، "الكابوس" الذي تخشاه كل النساء، خاصة بعد ارتفاع نسب الإصابة بين صفوفهن، لكن لم يعد الرجال بمنأى عن الإصابة بهذا المرض، مع تزايد حالات الإصابة بسرطان الثدي بينهم. وعلى العكس من كثير من النساء اللاتي أصبن بالمرض واستطعن أن يقهرنه بلا حرج، تقف شخصية الرجل الشرقي حائلًا أمام الاعتراف بالمرض والخضوع للعلاج اللازم، وهو ما يجعل البعض يموت قهرًا بالمرض الخبيث. وتشير إحصائية حديثة للمعهد القومي للأورام إلى أن 65% من الرجال لا يعرفون إمكانية إصابتهم بمرض سرطان الثدي، أما ال35% الباقون لا يتخذون الإجراءات اللازمة للوقاية من المرض، وفقًا للمؤسسة المصرية لمكافحة سرطان الثدي. وتأتي ندرة المرض عند الرجال بسبب قلة الغدد اللبنية في الثدي التي يولد بها الرجل، كما يؤكد طارق خيري مدير مستشفيات معاهد الأورام، فالمرض يصيب إما الغدد اللبنية، أو القنوات اللبنية التي تمثل حوالي 90% من نسب الإصابة للرجال. ويشكل سرطان الثدي عند الرجال 1% من أمراض سرطان الثدي في العالم، بمعدل رجل لكل مئة امرأة، لكن تزداد النسبة في أفريقيا؛ ففي شمال القارة تصل النسبة ل2.7% وفي أعلى بلدان جنوب الصحراء 4.9%، وفي أفريقيا الوسطى والشرقية تصل معدلات سرطان الثدي إلى 6%. وأظهرت دراسة وبائية زيادة معدل الإصابة بسرطان الثدي لدى الذكور بنسبة 1? سنويًا، وفق دراستي "سرطان الثدي للذكور: دراسة إكلينيكية مرضية لسكان مصريين" و"دراسة سرطان الثدي للذكور خبرة 10 سنوات في مستشفى جامعة المنصورة في مصر التي نشرت في مارس 2012" مع اختلاف النسب. أما عن عدد حالات الإصابة بسرطان الثدي لدى الرجال في مصر، فلا يوجد إحصائية دقيقة عن جميع الحالات الموجودة، لكن إحصاء أعدته الباحثة نيلي علاء الدين عام 2013 على الموقع الرسمي لمعهد الأورام، يكشف عن أن "عدد الرجال المصابين بسرطان الثدي الذين زاروا المعهد في الفترة من 2002 إلى 2010، بلغ 342 رجلاً، في مقابل 15988 امرأة، وبلغت نسبة الرجال 2% من الحالات المصابة المسجلة لدى المعهد القومي للأورام خلال تلك الفترة". ويتراوح متوسط عمر الرجال الأكثر عرضة للإصابة من 55 ل 59 سنة، في حين يكون متوسط عمر السيدات من 50 ل54 سنة. وتكمن خطورة المرض عند الرجال في حجم الثدي الذي يكون بمثابة حاجز عند النساء من انتشار المرض في الأعضاء القريبة من الثدي وأولها الرئة والكبد والعظام والمخ تباعًا، كما أوضحت الدراسات. وتشير دراسة بحثية بعنوان: "سرطان الثدي للرجال المصريين" بجامعة القاهرة إلى أن "نسبة إصابة الرجال بالمراحل المتأخرة من سرطان الثدي أكثر من النساء بنسبة 39.8% للرجال و17.8% للنساء". لكن يتأخر عمر تشخيص سرطان الثدي عند الرجال بسبع سنوات منه في النساء في أفريقيا، وفق دراسة "سرطان الثدي للذكور.. دراسة إكلينيكية مرضية لسكان مصريين". «وصمة عار» فى الصعيد "أنت طلعت ست ولا إيه"، هذه العبارة نزلت كالصاعقة على عم "أ.س" الرجل الصعيدي، عند علمه بمرضه بعد إجراء كثير من الفحوصات والتشخيصات الطبية. لكن إقامته في محافظة أسوان، وتحديدًا في مدينة إدفو، منذ نعومة أظافره، كانت بمثابة العائق الأكبر في طريق علاجه وشفائه من هذا المرض الخبيث. وقال ل"المصريون" ساردًا قصة معاناته مع مرض سرطان الثدي: "بعد أشهر من التعب والذهاب إلى أكثر من طبيب في أسوان، طلب مني أحد أصدقائي التوجه إلى طبيب شهير بالقاهرة، لم أكذب خبرًا، وذهبت إليه بصحبة زوجتي، وبعد عدة فحوصات، واجهني بالحقيقة المرة، بأنني مصاب بسرطان الثدي، أخذت اضحك كثيرًا، وأعيد عليه السؤال عدة مرات، "أنت بتكلمني أنا ولا المدام؟"، متابعًا: "كنت في حالة من الذهول ولم أنطق بكلمة واحدة حتى غادرنا العيادة". وتابع: "سافرت مباشرة للصعيد من غير ما أشترى الدواء، كنت مصدومًا وفي حالة غير طبيعية، كنت أخشى من الفضيحة، وكأنني "خاطية"، أو ارتكبت ذنبًا عظيمًا، ساءت حالتي وأصر أبنائي على مواصلة علاجي، وانتشر الأمر بين معارفنا، الأمر الذي دفعني إلى مغادرة البلد واستئجار إيجار شقة بالقاهرة بجانب معهد الأورام؛ لتلقي الجلسات". سرطان الثدى لدى الرجال أكثر ألمًا في دراسة نشرتها صفحة تدعى جمعية "وقاية"، على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، تهتم بأمراض السرطان وطرق الوقاية منها، إن "نسبة إصابة الرجال بسرطان الثدي أقل من 1% من معدل إصابة النساء ولكن عندما تشخص إصابة الرجال بهذا المرض غالبًا ما يكون في مراحل أكثر تقدمًا ويكون أكثر فتكًا. ويعد الرجال أكثر عرضة لأن يكون المرض قد انتشر خارج الثدي في وقت التشخيص، وبالنسبة للعلاج كان عدد الرجال الذين خضعوا لعمليات جراحية وعولجوا بالإشعاع أقل من النساء ولكن معدلات العلاج الكيميائي والعلاج الهرموني كانت متماثلة. وعلى مدى الفترة الزمنية بأكملها كانت فرصة نجاة الرجال من سرطان الثدي 72% في الخمس سنوات التي تلت التشخيص مقارنة بنسبة 78% لدى النساء، حيث يأخذون الرجال الذين يصابون بورم في الثدي وقتًا أطول مقارنة بامرأة تعانى أعراضًا مشابهة" وأوضحت الجمعية، أن "وصف سرطان الثدي ب(مرض المرأة) وعدم توقع الأطباء المعالجين، يجعل الرجال يطلبون المشورة الطبية متأخرًا، الأمر الذي يفسر وجود 50% من المرض عند الرجال في مراحل متأخرة". وتابعت: الجهل بمرض سرطان الثدي للرجال، يؤخر تشخيص الحالة، فضلاً عن الوصم أثناء تلقي العلاج ما يؤثر على حالتهم النفسية، في ظل نقص برامج التوعية من وزارة الصحة ومؤسسات المجتمع المدني. واستطردت "أن وصمة العار بشكل عام، ووصف سرطان الثدي ب(مرض المرأة) على وجه الخصوص، إضافة لعدم وجود برنامج للفحص على عكس المرأة، وعدم التوقع بين الأطباء المعالجين، وعدم معرفة المرضى، وأنسجة الثدي الصغيرة، يجعل الرجال يطلبون المشورة الطبية متأخرًا، الأمر الذي يفسر وجود 50% من المرض عند الرجال في مراحل متأخرة". وهذا ما يؤكده بحث نُشر في سبتمبر 2016 على موقع (المكتبة الوطنية الأمريكية للطب - معاهد الصحة الوطنية)، بعنوان سرطان الثدي للذكور: دراسة إكلينيكية مرضية لسكان مصريين (تجربة الإسكندرية) على مدار 8 سنوات من عام 1998 وحتى عام 2005". وقال الدكتور أحمد حسن عبد العزيز، رئيس قسم الأورام السابق بمستشفى "بهية" لعلاج سرطان الثدي، مدرس علاج الأورام بكلية الطب جامعة عين شمس، إن "سرطان الثدي للرجال يعتبر مرضًا نادرًا حتى وقتنا هذا، فمن بين كل 100 حالة إصابة بسرطان الثدي 99% منهم سيدات، مقابل حالة واحدة للرجال". وأوضح ل"المصريون": "لسنا بحاجة لحملات توعية أو غيرها، فنسبة انتشار المرض بين الرجال لا تستدعي ذلك، بعكس سرطان الثدي للسيدات، حيث أظهرت أحدث الإحصائيات، أنه في كل عام تصاب 20ألف سيدة بمصر بسرطان الثدي". وعن أعراض المرض عند الرجال، أشار استشاري الأورام، إلى أن "أعراض المرض عند الرجال هي نفس أعراض المرض لدى السيدات، فهو عبارة عن ظهور كتلة في الثدي أو تحت الإبط، كما أنه من الممكن أن يحدث إفرازات في حلمة الثدي أو تغير اتجاهًا أو وجود التهابات". وأشار إلى أنه "من السهل اكتشاف المرض عند الرجال مقارنة السيدات، بسبب صغر حجم الثدي لديهم ". وأضاف: "أنه لا يوجد سبب واضح للإصابة، لكن يوجد بعض الأسباب المحفزة له، ومنها تناول بعض الأدوية التي تزيد من بعض الهرمونات الأنثوية عند الرجل، مثل أدوية الإصابة بأورام البروستاتا والتليف الكبدي، والسمنة وزيادة الوزن والتثدي عند الرجال، والجينات الوراثية". وأكد رئيس قسم الأورام السابق في مستشفى بهية، أن "طرق العلاج واحدة في الجنسين، ولكن في حالة الرجال يكون اكتشاف المرض مبكرًا عن السيدات، أما مستشفى بهية فهي مقصورة على السيدات فقط". الدكتورة فاتن عرفة، الأخصائية النفسية، وخبيرة التنمية البشرية، أوضحت أن "المرض عمومًا يؤثر على نفسية الإنسان، أيًا كان نوعه، وخاصة إذا كان مريضًا كالسرطان، وفي مكان حساس للرجل كالثدي أو عضوه الذكري، فيكون في هذه الحالة تأثره النفسي أكثر بنسبة مليون في المائة من المرأة". وأضافت ل"المصريون"، أنه "في حالات إصابة الرجال بسرطان الثدي أو غيره من الأماكن شديدة الحساسية، خاصة في مجتمعنا الشرقي، فكثير من الرجال يموتون قهرًا، وليس من المرض فحسب". وأوضحت أنه من خلال تجاربها في معالجة مثل هذه الحالات، "فإن الرجال يموتون أسرع من النساء بكثير، حيث إن المرأة لديها قوة تحمل أكبر من الرجل بمراحل في هذه الحالات". وبشأن التعامل مع مرض سرطان الثدي من الرجال، أكدت الخبيرة النفسية، أنه "أولاً يجب التركيز على قوة الإيمان والتحمل، فالمرض عبارة عن هدية من الله، يجب الشكر عليها وتقبلها، حتى لو لم تكن هذه الهدية على هوانا، كما يقال، لذا ينبغي التوجه إلى الله بالحمد والشكر والصبر على الابتلاء". وأضافت: "ثانيًا يأتي دور الأخصائي النفسي في دعم مرضاه وتعديل أي سلوكيات خاطئة إذا وجد"، معتبرة أن "هذه أفضل بكثير من تلقي النصيحة من صديق أو الشخص الخطأ". واستطردت: "أخيرًا يجب التعايش مع المرض وتقبله، بل جعله صديقًا لنا حتى نستطيع التغلب عليه والشفاء منه". الدكتور عصام الروبي، أحد علماء الأزهر يؤكد أن "كل بلاء يقع على الإنسان يدعو الخالق إلى الصبر عليه، ومن ابتلي بمرض عضال أو أحد الأمراض المستعصية عليه أن يفوض أمره لله، وأن يصبر ويحمد الله ويشكره، لأن الله سبحان وتعالي ابتلاه من بين جميع البشر، وذلك حتى يرقيه إلى مكانه عالية في الجنة، فالمرض يغفر للمبتلي كل ذنوبه". واستشهد بقول الله تعالي: "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ".