فيما بدا وكأنه "صفقة غير متكافئة" تراجعت الجبهة الوطنية للتغيير عن طلب فرض مراقبة دولية على انتخابات مجلس الشعب المقبلة، وفى المقابل أعلن "المجلس القومى لحقوق الإنسان" إن مراقبة الانتخابات حق أصيل لمنظمات المجتمع المدنى، ما يشير إلى السماح للمنظمات المصرية لا الدولية بالمراقبة. الصفقة جاءت بعد الأزمة التى أوشكت أن تتفجر بين المعارضة والحكومة، حيث رفضت لجنة الإشراف على الانتخابات البرلمانية أي طلبات للمراقبة الدولية للانتخابات، فيما اتخذت موقفا يوحى بأنها توافق على تقديم جميع التيسيرات لمنظمات المجتمع المدني المصرية لمراقبة الانتخابات داخل اللجان وخارجها والتنسيق مع المجلس القومي لحقوق الإنسان في هذا الشأن. أما أمين عام المجلس القومى لحقوق الإنسان "السفير مخلص قطب" فاستخدم تعبيرات مرنة مثل أن المجلس "يتفهم" مطالب منظمات المجتمع المدنى، وأن الأصل فى مراقبة الانتخابات هو الإباحة، وهى تعبيرات تخلو من التعهد أو الإلزام، ليبقى خطر تزوير الانتخابات ماثلا فى ظل عدم وجود رقابة دولية، ووجود رقابة داخلية محدودة أو غير مضمونة حتى الآن بشكل واضح وإنما وعود عامة وغامضة وغير محددة ، ما يجعل الأمر "صفقة غير متكافئة" حيث تنازلت جبهة التغيير عن كامل مطلبها، ولم تلتزم الحكومة بالبديل. وبرر عدد من القانونيين في مقدمتهم المستشار محمد جويلي وإبراهيم الجوجري تراجع جبهة التغيير باقتناعها بأن طلب المراقبة الدولية لا يتم إلا عن طريق الدولة نفسها وهو ما لم تطلبه وأشاروا إلى أن هناك رقابة داخلية ستقوم بها منظمات المجتمع المدني وبالتعاون والتنسيق مع المجلس القومي لحقوق الإنسان. وهي مؤسسات مدنية غير حكومية تتسم بالنزاهة والحيدة الكاملة إضافة إلى أن الإشراق القضائي تعامل من خلال 11 ألف قاض وعضو هيئة قضائية يمثل أكبر ضمانة لحيدة الانتخابات ونزاهتها حيث يتمتع القضاء بالاستقلالية الكاملة وقد اثبت ذلك في الانتخابات الرئاسية الأخيرة. وكان جورج إسحاق المنسق العام لحركة كفاية والذي كلفته الجبهة بدعوة أطراف دولية لمراقبة الانتخابات قد قال إن الشارع المصري لن تضيره المراقبة الدولية بل ستكون بالنسبة له زيادة في الثقة في العملية الانتخابية. وقد رحبت الأوساط السياسية والبرلمانية بإعلان إسحاق عن عدم توجيه الدعوة رسميا إلى منظمات دولية للمراقبة وتأكيده أن موافقة وزارة الخارجية كممثل للدولة يأتي في المقدمة وفقا لشروط الاتصال بهذه المنظمات والحصول على موافقتها وأن كان جميع أعضاء الجبهة الوطنية والتي تضم أحزاب الوفد والتجمع والناصري إضافة إلى حركة كفاية والكرامة والتجمع الديمقراطي وحزب العمل المجمد نشاطه قد وقعوا على وثيقة بالموافقة على دعوة المراقبة الدولية دون تحفظ من أي طرف من تحالف المعارضة. وأكد أن الجبهة الوطنية تقدر وتحترم المراقبة الداخلية وتحترم نزاهة القضاء حيث يعتبر إشرافه على الانتخابات أمرا مكملا للشفافية والتي لابد أن تحظى بها هذه الانتخابات البرلمانية الجديدة. وذكر جورج إسحاق أن مجتمع المعارضة لم يطالب بمراقبة أجنبية بل بدعوة أطراف دولية لمراقبة الانتخابات وتتركز الدعوة إلى منظمات الأممالمتحدة ومنظمات دولية مثل (صحفيون بلا حدود والفيدرالية الأوروبية الدولية ومنظمة هيومان رايتس واتش لحقوق الإنسان) موضحا أنها منظمات تتمتع بشفافية عالية على المستوى الدولي. فى المقابل أعلن السفير مخلص قطب الأمين العام للمجلس القومى لحقوق الانسان أن اللجنة العليا للانتخابات العامة تتفهم مقترحات منظمات المجتمع المدنى والمنظمات الأهلية فى متابعة ومراقبة الانتخابات القادمة. وقال إن الأصل هو الاباحة وليس منع هذه المنظمات من متابعة ومراقبة العملية الانتخابية وذلك وفقا للمعايير المتعارف عليها دون عوائق أو تدخل فى عمل القضاة, وانما يكون دورها محايدا ويتمثل فى رصد مايحدث ثم إخطار الجهات المعنية بعد ذلك دون أن تؤثر عملية الرصد على العملية الانتخابية برمتها. وقد أعلن السفير قطب عقب لقائه مع المستشار انتصار نسيم الأمين العام للجنة العليا للانتخابات العامة ان من حق المنظمات الأهلية زيارة أى من اللجان الانتخابية بعد تحديد الدائرة الانتخابية التى تدخل فى نطاقها هذه اللجان بحيث يكون للمنظمات حق دخول اى من اللجان الانتخابية فى دوائر محددة بعينها. وأشار السفير قطب إلى أن هناك تفهما كاملا من قبل اللجنة العليا لوجهات نظر المنظمات الأهلية والتى جاءت فى خطاب بعثه الدكتور أحمد كمال ابوالمجد نائب رئيس المجلس بعد اجتماعه مع ممثلى المنظمات الاهلية يوم الخميس الماضى . وأوضح أن من بين هذه الاقترحات التنسيق مع المجلس القومى فى كيفية حصول المنظمات الأهلية على التصاريح اللازمة وتسهيل الاجراءات الادارية من أجل مراقبة الانتخابات وان بعض المنظمات طلبت أن يكون لها الحق فى الاتصال مباشرة باللجنة العليا دون المجلس. وأكد أن المجلس لا يمانع أبدا فى أن تعمل هذه المنظمات سواء بالتنسيق مع المجلس أو باستقلالية كما يتراءى لها وذلك وفقا للمعايير المتعارف عليها .. موضحا أن المجلس قد وضع هذه المقترحات رهن اللجنة العليا, كما تم التأكيد من قبل هذه المنظمات على ضرورة الحصول على كافة المعلومات اللازمة خصوصا فيما يتعلق بأسماء وكشوف الناخبين. وأكد قطب فى ختام تصريحه أن التعاون مستمر وقائم بين المجلس القومى لحقوق الانسان واللجنة العليا للانتخابات وأن هناك اتصالات يومية بين الطرفين من أجل نجاح هذه الانتخابات.