انهيار صخرة 2019 يجدد ماضى كارثة 2008 الحكومة تتحرك لإنقاذ المتضررين بتسكينهم ب«الأسمرات» ومتضررون: «ناس تاخد وناس متاخدش.. ده ظلم» والحى يرد: «السكان رافضين المغادرة متمسكين بالموت وإحنا متمسكين بالإخلاء» 6 سبتمبر 2008، تاريخ يتذكره أهالي "الدويقة"، ففي ذلك اليوم، سقطت كمية من الصخور على منازلهم إثر انهيار جزء من الجبل، ما أدى إلى سقوط 31 قتيلاً و46 مصابًا. بعد سنوات من هذا الحادث الأليم، والذي لم يبرح أذهان سكان المنطقة، التي تصنف على أنها واحدة من أكثر البؤر العشوائية في مصر، لا زالت الحلول، والخطورة متكررة، فقد شهدت المنطقة مؤخرًا انهيار صخري أدى إلى الإضرار بعشرات المنازل. فيما يتمسك سكان المنطقة على الرغم من المخاطر المحيطة بهم بالبقاء فيها، لا يرهبون خطرًا أو خوفًا، بينما تم نقل عشرات الأسر المضارة إلى منطقة "الأسمرات" للإقامة فيها. "المصريون" عاينت الأوضاع عن قرب من خلال جولة بشارع المدارس بمنطقة الدويقة، الذى كان شاهدًا على الانهيار الصخري الأخير، لرصد أوضاع الأهالي ونقل صورة ما حدث بشكل تفصيلي. عبدالرحمن علي، أحد سكان المنطقة، يستعيد تفاصيل الحادث الأخير، قائلاً: "فى تمام الساعة 2 عصر يوم الإثنين 28 يناير، وقعت بعض الصخور أمام المنازل، دون أن يصاب أحد، وعلى الفور قام أحد السكان بإبلاغ الشرطة، حيث حضر مسئولون بحى "منشية ناصر" ومحافظة القاهرة وأعضاء بمجلس النواب". يتابع: "حضر مهندسو الحى وأكدوا أنهم سيقومون بتهذيب الجبل، ولن يتم إزالة منازل، لكن فوجئنا فى اليوم الثانى بحضور مسئولين من الحى يطالبون السكان بإخلاء العقارات المواجهة للجبل لإزالتها، وتم عمل حصر سريع للأسر، بينما الشقق التى كانت خالية لم تحسب؛ من أجل الحصول على وحدة جديدة". يشكو "عبدالرحمن" من أنه على الرغم من أنه يملك منزلًا مواجهًا للصخرة، مهدد بفعل أي انهيار في أي لحظة، إلا أنه لم يكن من بين الذين حصلوا على وحدات جديدة ب"الأسمرات"، لأنه أثناء الحصر الذى تم عن طريق الحى والمحافظة كان فى عمله؛ "لذلك لم آخذ شقة لاعتباري غير مالك". يستطرد قائلاً: "أرغب فى التواصل مع الجهات المسئولة، لأن هناك أسرًا ظُلمت؛ لعدم إدراجها ضمن الحاصلين على وحدات؛ لأنهم كانوا غير متواجدين، حيث كان معظمهم فى أعمالهم، وقد حصلت 83 أسرة على وحدات جديدة بالأسمرات، بينما ما يقرب من 8 أسر لم يتم حسبانها". وتقول "سامية"، التي تقطن بمنطقة الرزاز، إنها عاشت مع والدتها لمدة 15 عامًا، ومنذ عام ونصف حصلت على وحدة فى 6أكتوبر، بعد أن حصر الحى المنازل بالمنطقة آنذاك، ونُقل عدد من الأسر المتضررة. وتشير إلى أن "منزل والدتها مجاور لأحد المنازل المهددة بالإزالة فى الحادث الأخير، وإذا نُفذ القرار ستكون حياتها عرضة للخطر بسبب التصدعات المتوقعة، حيث إن والدتي تسكن حتى الآن المنزل برفقة أشقائي؛ نظرًا لارتباط أشغالهم بالمكان". ويتطلع "أحمد فتحى"، ألا يترك مسكنه الذى يملكه، إلا فى حال أن يطالبه الحى بذلك، وتساءل: "لماذا أُجبر على ترك بيت ملكى لأسكن فى شقق إيجار؟ بيتى الذى سيرثه أبنائى، بينما الوحدات الجديدة ليست ملك بل إيجارًا". وأضاف: "المستفيدون من الحصول على الوحدات السكنية الجديدة هم مؤجرو الغرف والشقق فى مساكن الدويقة، لكن الملاك وأصحاب العقارات غير مستفيدين تمامًا"، موضحًا أن ساكنًا من بين 5سكان كانوا يقطنون أحد المنازل هو وحده الذي حصل على وحدة بديلة، بينما تجاهل الحى بقية الأسر لأسباب غير معروفة. ويؤكد "أحمد"، أنه منذ وقوع الحادث لم يتمكن من مغادرة المكان والذهاب إلى عمله، "حياتي متوقفة تمامًا حتى يقرر الحى مصيري؛ خاصةً أن بيتي يحتوي على مخزن به بضاعة "ملابس" هى رأس مالي". وطالب بتشكيل لجنة فنية من مهندسين للكشف عن العقارات المواجهة للجبل؛ للتفرقة بين المبنى الجيد وغير المتصدع، والآخر الذى يتطلب الإزالة. ويقول "صبحى"، أحد السكان، إن "حى منشية ناصر، على الرغم من إبلاغه بأن هناك أسرًا تستحق وحدات ومشردة فى الشارع إلا أنه لم يرد، كما أن المحافظة أرسلت لجنة أفادت بوجود خطورة على بعض المنازل، لكن الحى حتى الآن لم يحرك ساكنًا". وتقول "أم عبده" التي تقيم بالمنطقة، إنها تعرضت للتشرد بعد إصدار أمر بإزالة منزلها من قبل الحي، مشيرة إلى أنها حاولت مرارًا وتكرارًا التواصل مع المسئولين لإيجاد حل مناسب لها ولأبنائها، إلا أنه "لا رد ولا استجابة". وأكدت أنها أخلت المنزل؛ تنفيذًا للقرار ولكن لن يتم تعويضها، بينما تم تسليم مالك المنزل وآخرين 5 شقق. وشكت "أم عبده" من أنه "على الرغم من تقديمها تظلمًا إلا أنه وُضع بالأدراج دون أن يُبت فيه"، معلقة: "ناس تاخد وناس متخدش ده ظلم"، متابعة: "إحنا عاوزين كل واحد ياخد حقه أنا امتلك عقود وإيصالات ملك رسمية تفيد بأنى ضمن السكان منذ 20 سنة، اروح بأولادى التلاتة فين وكلهم مقبلين على زواج". وحول تواصل نواب المنطقة معهم، تقول: "هانى مرجان هو الأكثر تفاعلًا مع السكان، ويحل مشكلات دائمًا، أما منى جاب الله فلا تذهب لأحد". حى المنشية اللواء محمد عبد الجليل، رئيس حى منشية ناصر، يقول: "المكان خطر ولابد من إخلائه، وهذه أولى الخطوات التى سنتبعها بخطوات أخرى خلال الأيام القادمة". أضاف فى تصريحات إلى "المصريون": "اللجنة الفنية عند المعاينة طالبت في إجراء احترازى إخلاء جميع العقارات المواجهة للصخرة المتصدعة على بعد 10 أمتار منها، وتم إخلاء 83 أسرة كانوا يقطنون ب13 عقارًا تم تسكينهم بحى الأسمرات بوحدات جديدة". وتابع: "فى يوم الحادث حضر المحافظ اللواء خالد عبد العال، ونائب رئيس منطقة القاهرة الجنوبية، واللواء هشام أبو النصر بإدارة مرافق القاهرة". وحول رد فعل الأهالى، قال: "السكان يرفضون ترك منازلهم لأنهم مرتبطون بمساكنهم نفسيًا ومعيشيًا، وعند سؤالهم يردون برغبتهم فى الموت داخلها، وكل المتضررين تسلموا، ولا صحة لمن يدّعون أنهم متضررون ولم يحصلوا على وحدات بديلة، وذلك تحت رعاية مديرية أمن القاهرة ورئاسة الحى والمحافظة، ومن يدعى غير ذلك كاذب، كل متضرر يستحق شقة". واستدرك: "أما من يدعى أنه لن يأخذ شقة ظلمًا، هؤلاء جاءوا من محافظات أخرى للتعدى على حقوق آخرين، ولم يكونوا متواجدين وقت الحصر، الذي بإشراف المباحث والمحافظة على مدار 4 أيام". واستطرد: "الآن عملية الإخلاء مستمرة وهناك خطة مستقبلية لإخلاء المنطقة بالكامل بعد الكشف عنها جيولوجيًا؛ من أجل تهذيب الجبل، ولن نرضى بوجود أحد في الشارع، ولا صحة لوجود محسوبية في تسليم الوحدات بالأسمرات، فالسكان المتواجدون تسلموا بالفعل". العشوائيات وأكد خالد صديق، مدير صندوق تطوير العشوائيات، أن الحكومة أصبحت تدفع ضربات استباقية، ولولا الاستعدادات القوية لتكررت مأساة "الدويقة 2008"؛ بعد انهيار الصخرة الأخير. وتابع: "لذلك دائمًا نحمى المواطنين المعرضة حياتهم للخطر مثل ما حدث مع أهالى هذه المنطقة؛ فتم إرسال لجنة علمية جديدة، وخلصت إلى أن هناك احتمالية سقوط صخور أخرى من تلك المنطقة، مع وجود صرف صحي واستخدامات المياه بطريقة غير طبيعية، ومع طبيعة تلك المنطقة الجبلية قد تحدث انهيارات". وأشار إلى أن "هذه الإجراءات الاحترازية بدأت منذ نحو عام بعد إرسال لجنة علمية جيولوجية تدرس منطقة "الدويقة" وطبيعتها وأكدت أنها منطقة خطرة، ومؤخرًا تم نقل 82 أسرة من منطقة الدويقة كونهم قد يتعرضون للخطر، وتم نقل 53 أسرة إلى حي الأسمرات إقامة دائمة، وحصلوا على وحدات سكنية، وسيتم نقل باقي السكان تباعًا في أسرع وقت".