تحولت الدعاية الانتخابية الجديدة من نوعها، التي يتبعها مرشحو جماعة الإخوان المسلمين المصرية، والتي تعتمد على التقنية الحديثة، مثل تدشين عشرات مواقع الإنترنت للمرشحين، وإطلاق إذاعة على الشبكة الدولية، فضلا عن تسيير مسيرات انتخابية بالآلاف لأنصارها، وهم يهتفون بشعارات الإخوان وأناشيدهم، لأول مرة منذ 53 عاما، إلى نموذج بدأ مرشحون حزبيون ومستقلون آخرون يحتذون به في دعايتهم. فقد بدأ مرشحون من الحزب الوطني الحاكم، وآخرون مستقلون، في تسيير مسيرات بالطبل البلدي، والخيول، تضم العشرات من أنصارهم في دوائرهم الانتخابية، فيما سعى آخرون لتدشين مواقع إلكترونية للتعريف بهم وبمشاريعهم، وسعى فريق ثاثل لاقتباس تعبير "الحل الإسلامي" من شعار الإخوان، بهدف جذب الناخبين لهم، على الرغم من صدور قرار من لجنة الإشراف على الانتخابات، يمنع بمقتضاه رفع شعارات دينية، وعلى رأسها شعارات الجماعة. وقد اتبع أحد المرشحين في دائرة شبرا، شمال القاهرة، تقليدا جديدا، مقتبسا فكرته من مسيرات الإخوان، عندما امتطى حصانا، وسار وسط أنصاره، وهم يضربون الطبول، ويهتفون باسمه، ويرفعون لافتات الدعاية له، ردا على قيام مرشح الإخوان بتسيير عدة مسيرات ضخمة، ضمت المئات من أنصاره، وطافت شوارع الدائرة، وهم يهتفون: "صوّت.. صوّت للإخوان". وفي دائرة مدينة المحلة، شمال مصر، لجأ مرشح الحزب الوطني - كضرورة انتخابية - لاستعارة شعار الإخوان (الإسلام هو الحل)، وغيره ليصبح "نؤمن بالحل الإسلامي"، ليستعين به في مواجهة مرشح الإخوان في نفس الدائرة، على الرغم من أنه كان نائبا سابقا في انتخابات 1984، و2000. ويخوض مرشحو الجماعة انتخابات برلمان 2005 لأول مرة، بشعارات ارتبطت بها منذ نشأتها عام 1928، وهو شعار "السيفين والمصحف"، الذي يقول مسؤولون إنها جاءت كتوجيهات من مكتب "الإرشاد" لمرشحيه، باستخدام عبارة (الإخوان المسلمين)، في كافة بياناتهم ولافتاتهم، وترديد اسم الجماعة في مؤتمراتهم الانتخابية، وذلك بعد حظر استمر 53 عاما. ويؤكد مسؤولون كبار في الجماعة، على رأسهم الدكتور محمد حبيب، أن استعمال هذه الشعارات، جاء بهدف الاستفادة من الحراك السياسي، الذي تحقق في مصر مؤخرا، وفي سياق المكاسب، التي حصلت عليها جماعته، بعد تحركها المكثف بالتظاهر في غالبية المحافظات المصرية في آذار (مارس) الماضي، للمطالبة بالإصلاح. وجاء استخدام اسم "الإخوان المسلمون" علنا في الدعاية الانتخابية، وهتافات المرشحين في مسيراتهم، لأول مرة، بديلا عن عبارة "مرشح التيار الإسلامي"، الذي كانت الجماعة تستخدمه في أعوام سابقة، بهدف تمييزها عن غيرها من الجماعات الإسلامية الأخرى، مثل السلفيين، والجهاد، والجماعة الإسلامية، على الرغم من أن الحكومة المصرية لا تزال تعتبر الجماعة "محظورة"، وتعتقل أنصارها بهده التهمة. وإلى جانب هتافات الإخوان، لاحظت وكالة "قدس برس" أن مسيراتهم في الدوائر الانتخابية، التي أصبحت علامة مميزة لمرشحيهم، الذين يتراوح عددهم بين المئات والآلاف، بدأت تشهد هتافات أخرى لم تكن تظهر في السابق مثل "اشهد يا زمان إحنا الإخوان"، و"الإخوان أمل الأمة" ،و"صوّت.. وصوّت للإخوان". وتقول مصادر سياسية مصرية إن تركيز الجامعة على شعارات أخرى، دفعها للتقليل من شعار "الإسلام هو الحل"، الذي يلقى هجوما من سياسيين ومثقفين ليبراليين وحكوميين وأقباط، في محاولة منهم للالتفاف على الشعار المثير للجدل، خاصة بعد أن نجحت هذه الحملة ضد الشعار في لفت أنظار لجنة الانتخابات، التي قالت إنها سوف تمنعها، في حين قرر محافظ القاهرة نزع لافتات هذا الشعار. وكان صفوت الشريف، الأمين العام للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، قد حذر مما أسماه "الضغط على الناخبين باستخدام الدين، أو التشكيك في الانتماء الديني، لمن لا يعطي صوته لشعار الإسلام هو الحل"، في إشارة لمرشحي الإخوان. وأضاف في تصريحات نشرتها صحيفة /الأهرام/ الحكومية في (25/10) "أن ذلك يمثل مخالفة صارخة لقانون الانتخابات البرلمانية". وبالتزامن مع تلك التصريحات قررت اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية، التي يرأسها وزير العدل، اعتبار شعار الإخوان مخالفا للقانون. وبالإضافة إلى عشرات المواقع الإلكترونية التي دشنها مرشحو الجماعة على الشبكة العنكبوتية، بأسماء المرشحين وأماكنهم، وتوزيع برنامجهم الانتخابي على أوسع نطاق، ولأول مرة، بهدف الرد على خصومهم، بأنهم ليس لديهم برنامج سياسي، أعلن الإخوان المسلمون بالإسكندرية إطلاق إذاعة "سما" على الإنترنت. وتقوم الإذاعة بعرض برامج الإخوان للانتخابات، وعمل لقاءات مع مرشحيهم، كما تضمنت أيضًا إجراء حوارات مع الجمهور، لاستطلاع رأيهم حول طموحاتهم وآمالهم، في عضو مجلس الشعب عام 2005!!. وقد بدأ مستخدمو الإنترنت في الاستماع للإذاعة بشكلٍ متصلٍ، للتعرف على برنامج الجماعة، كما أعلن موقع الإذاعة أن "سما" ستقوم بعرض مسلسل، هو عبارة عن حلقات كوميدية، تدور أحداثه حول مواطن يرغب في انتخاب عضو مجلس الشعب، ويمر ببعض الصعوبات، حتى يستطيع في النهاية الإدلاء بصوته. والطريف أن مسيرات مرشحي الإخوان في المحافظات المختلفة، تبدو أكثر عائلية، ويشارك فيها الرجال والشباب والنساء والأطفال، وهم يرفعون شعارات المرشحين ويهتفون باسمه، وينشدون الأناشيد المختلفة، حتى إن بعض السيدات المحجبات والمتنقبات، وخاصة في دائرة مرشحة الجماعة الوحيدة الدكتور مكارم الديري، بشرق القاهرة، كن يحملن الأطفال في أيديهن في المسيرة. ويقول أنصار الجماعة إنهم يحرصون على عدم تعطيل المرور، وتنظيم المسيرة بشكل صارم، ويهتفون هتافات معتدلة، ولكنهم يركزون على شعاراتهم، وترديد اسم جماعتهم، مثل: "إحنا مين.. إحنا مين.. إحنا الإخوان المسلمين". كما يؤكد أنصارهم على أنهم حريصون في مسيراتهم، خاصة في الأحياء ذات الكثافة السكانية القبطية، على ترديد شعارات صريحة تطمئن الأقباط، بهدف نفي ما يثار حول شعار "الإسلام هو الحل"، ونفي استبعادهم من العملية السياسية، خاصة عقب المظاهرات التي اندلعت مؤخرا. ويشدد الإخوان خلال المظاهرة على العهد الإسلامي التاريخي بحماية "أهل الذمّة"، ويرددون شعار: "نصون العهد.. ونرعى الذمة.. للأقباط أبناء الأمة".