على خلاف ما روجت له إسرائيل ووسائل إعلامها خلال السنوات الأخيرة حول، خلصت دراسة إسرائيلية أجراها ضابط احتياطى بالجيش الإسرائيلى عن قضية "الجاسوس" المصرى أشرف مروان إلى أنه كان أكبر عملية خداع قام بها الرئيس المصرى الأسبق أنور السادات لإسرائيل، وأن إسرائيل ابتلعت الطعم وانطليت عليها الخدعة. وقالت القناة السابعة الإسرائيلية "عاروتس شيباع" إن شمعون مندس والذى كان أحد مسئولى الرقابة العسكرية خلال حرب أكتوبر 1973 سيقوم بعرض نتائج دراسته حول شخصية أشرف مروان، الذى لقى مصرعه في 27 يونيو 2007 إثر إسقاطه من شرفة منزله بلندن، وذلك خلال مؤتمر "منتدى الأبحاث العسكرية والحربية". وقال مندس: "لاشك أن مروان كان يعمل لصالح مصر، وليس عميلاً مزدوجًا مثلما يحاول البعض تصويره، لقد كان أشرف الفخ المحكم جدًا الذى نصبه الرئيس السادات لإسرائيل". وأوضح أن "الرئيس المصرى الأسبق أراد إعادة سيناء لبلاده، لكنه كان يعلم أنه ضعيف عسكري أمامنا"، وتابع "كان السادات عنيدًا، ولكى يحارب تل أبيب قام بدراسة متعمقة للحرب العالمية الثانية وسياسة تشرشل رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، وعملية غزو نورماندى سلسة من المعارك قامت عام 1944 بين ألمانيا النازية وقوات الحلفاء وأهمية هذه المعركة هى نزول قوات الحلفاء إلى أوروبا ونقل المعركة مباشرة ضد الألمان". وقال إن السادات رأى فيما سبق أمرًا مشابهًا لما يحتاجه، "كى يقوم السادات بإخفاء الاستعدادات للحرب كان يحتاج إلى أداة لتخدير المخابرات الإسرائيلية، وإذا كان خبراء الخداع الاستخباريين يتحدثون عن نوعين من الخداع الأول هو التضليل والتعمية والثانى هو الإرباك والتشويش، فقد اخترع الرئيس المصرى الأسبق وقام بتطوير النوع الثالث؛ ألا وهو التخدير. وأشار إلى أنه من أجل هذا اختار أشرف مروان، صهر الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، و"لأن السادات كان من الزوار المعتادين لمنزل عبد الناصر وكأنه أحد أفراد عائلته، فقد كان الأمر كما لو كان السادات نفسه والد زوجة مروان، فى ظل هذه الحقيقة كان لابد أن تقرع تل أبيب أجراس الخطر، فوفقًا للثقافة المصرية لا يخون الشخص عائلته القريبة، وكان على المخابرات الإسرائيلية أن تفهم وتدرك أنه لا يمكن أن يخون صهر عبد الناصر والذى يشعر أيضًا أنه صهر السادات، يخون ويبيع الأسرار للمخابرات الإسرائيلية". وذكر أن جولدا مائير رئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة سألت قادة الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيليين أسئلة من هذا القبيل، أكثر من مرة، لكن لم يجب عنها أحد منهم برد مناسب. وأضاف أن الدافع للتجسس كما عرضه مروان على الإسرائيليين، هو شعوره بالإحباط وخيبة الأمل من موقف السادات منه، ورغبته فى كسب أموال كثيرة، لافتًا إلى أن هذا الدافع ليس كافيًا ليجعل مصريًا يخون عائلته المقربة. وتابع: العملية الاستخبارية التى قام بها مروان تشبه شخصًا يقوم بفتح خزينة حديدية على مسمع ومرأى الجميع، ليثبت عدم وجود أوراق مالية كثيرة بها، "لقد أظهر لنا مروان كل شىء لكن كان يخفى نواياه الحقيقية، لقد كنا سعداء لدرجة أن تسيبى زامير رئيس الموساد الأسبق قال إنه شعر كما لو كان فى غرفة العمليات المصرية". وأشار إلى أن مروان قام بخداع مشغليه الإسرائيليين عندما عرض أمامهم مراسلات مصرية تشهد على طلب مصر الحصول على ذخيرة روسية ورفض موسكو للأمر، لافتًا إلى أنه زعم أكثر من مرة أن السادات لن ينوى شن حرب لشعوره بأنه أقل شأنًا أمام سلاح الجو الإسرائيلى. وأضاف أنه فى ظل المراسلات مع موسكو بدت الأمور وكأنها موثوقًا منها "لقد خضع مروان لجهاز كشف الكذب مرتين، لكن هذا الجهاز لا يمكنه أن ينال من رجل مثل هذا، وعلاوة على ذلك فإن مروان لم يكذب؛ بل قدم معلومات حقيقية لكنه أخفى النية من وراء تقديمها"، مؤكدًا أن "كل من يحاولون أن يصوروا مروان كعميل مزدوج لا يفعلون هذا إلا ليبرروا فشلهم، بدلاً من تعلم الدروس والتسليم بالحقائق". وفيما يتعلق بوفاة مروان الغامضة، وسقوطه من شرفة أحد الفنادق بلندن، قال "إننى مقتنع أن المصريين هم الذين قاموا بتصفيته؛ خاصة أن مروان قال إنه يكتب مذكراته فى العاصمة البريطانية، وعندما قال هذا، ختم مصيره بنفسه" لافتا إلى أن الدولة تعطى أهمية كبرى للحفاظ على أسرارها حتى ولو بعد سنوات من حدوث الوقائع الخاصة بتلك الأسرار، وذلك لإخفاء طرق العمل الخاصة بهذه الدول". وذكر إنه "عندما يكتب مروان مذكراته بلندن فإن ما سيكتبه لن يخضع للرقابة المصرية، ولهذا السبب كان الحل الوحيد هو تصفيته"، مستشهدًا فى النهاية بتصريحات صحفى مصرى بارز لم يذكر اسمه عن أن نفس الحى الذى تم تصفية مروان به، شهد وفاة جنرال مصرى وممثلة سينمائية مصرية بنفس الطريقة، ما يجعل الأمر ليس مصادفة.