نواب: مشروع قانون يحظر الإفتاء على غير المختصين.. عز: تهنئة «الطيب» و«السيسى» أقوى رد على فتوى السلفيين.. و«كريمة»: لابد من ملاحقتهم قضائيًا لا يتوقف الجدل حول الفتاوى التي يصدرها السلفيون، وتتركز بشكل خاص حول آرائهم بشأن تهنئة المسلمين للأقباط في أعيادهم، كما حصل مؤخرًا، بعد أن صدرت أكثر من فتوى تحرم ذلك، وأبرزها فتوى الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس "الدعوة السلفية" التي قوبلت بانتقادات واسعة النطاق، وتتناقض مع ما أفتى به الأزهر ودار الإفتاء حول جواز ذلك. وكتب برهامي عبر صفحته تحت عنوان: "هل تهنئة النصارى بأعيادهم تدخل فى البِرِ والإقساط إليهم؟"، قائلاً: "أعياد المشركين تتضمن تعظيمًا لعقائدهم الكفرية: كميلاد الرب وموته وصلبه -والعياذ بالله- فتهنئتهم بها شر مِن التهنئة على الزنا وشرب الخمر، وأقل أحوالها التشبه بهم". وقبل سنوات قليلة كانت الفتاوى التي يصدرها السلفيون بحرمة تهنئة المسلمين للمسيحيين في أعيادهم الدينية، تلقى هوى لدى بعض المصريين الذين يسيطر عليهم المزاج السلفي، وكان هذا الميل يبدو جليا في نقاشاتهم العامة، لكن الوضع الآن بات مختلفًا، الأمر الذي دفع أعضاء مجلس النواب للمطالبة بمنع السلفيين من الإفتاء، ومنعهم من اعتلاء المنابر، بسبب آرائهم "المتشددة". وقال الدكتور عمرو حمروش، أمين سر اللجنة الدينية بمجلس النواب، إن "مشروع قانون تنظيم الفتوى الجديد يحظر فتاوى السلفيين والجماعات الإسلامية ويعاقب مروجيها". وأضاف، أن مشروع القانون يقصر الفتوى على أربع جهات هى هيئة كبار العلماء بالأزهر ودار الإفتاء ومجمع البحوث الإسلامية والإدارة العامة للفتوى بالأوقاف". وأوضح أن "من لديه الرغبة في الإفتاء وغير منضم لإحدى الجهات التي حصرت عليها الفتوى، عليه أن يتقدم لإحداها للحصول على ترخيص بالفتوى". النائب عبدالكريم زكريا، عضو اللجنة الدينية بمجلس النواب، أكد أن "الطلب المقدم بالمجلس بحظر الفتاوى لغير المؤهلين للإفتاء يأتي استجابة لأوامر الرئيس عبدالفتاح السيسي والدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وجميع العلماء الذين يتبنون المطالب بتجديد الخطاب الدينى والفتوى، وهذا ليس معناه التغيير في النظم والقواعد الشرعية". وأضاف ل"المصريون": لا يحل لأحد أن يأتي بأي نصوص شرعية ما لم يكن من الجهات الرسمية التي تم تحديدها، وتجديد الخطاب الديني معناه أن القرآن والسنة النبوية صالح لكل زمان ومكان، وكل كلمة موجودة فيهما يتم تطبيقها على أرض الواقع من خلال الفتاوى المطروحة". وتابع: "لم يرد في القرآن أو السنة نص يحرم تهنئة الأقباط بعيدهم لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعيد على الأقباط واليهود، والقرآن أمر بالإحسان، ومن أفتى بهذه الفتوى فهو خاطئ". الشيخ محمد عز، وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة، يرى أن "تهنئة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر والرئيس عبدالفتاح السيسى هي أكبر رد على فتاوى السلفيين التي من شأنها إثارة الرأي العام، بينما الوقت الراهن يحتاج إلى تضافر الجهود لتجنب الفتن القائمة". وأضاف ل"المصريون": "أنا شخصيًا ذهبت إلى الكنيسة وهنأت الأقباط بمناسبة عيد الميلاد"، موضحًا أن "تحديد جهات رسمية تختص بالرد على كل من يطلب أى فتوى هو أمر مهم للغاية لإغلاق الباب في وجه من يتربصون بالوطن". وأضاف: "يجب أن تقتصر الفتوى على أهل الفقه المختصين الرسميين، ليس مهمًا أن تكون من الأزهر أو الأوقاف أو غيرهما، لكن لا بد أن تكون منتميًا إلى جهة رسمية، ومن يتصدى لذلك يكون من أهل الفقه والتخصص في الأمر". الدكتور أحمد محمود كريمة، أستاذ الفقه المقارن بكلية الدراسات الإسلامية والعربية جامعة الأزهر، يرى أنه "ليست فتوى السلفيين نموذج للفتاوى الخاطئة، إذ أن الفتوى يجب أن تكون من أهل الفتوى بما نص عليه التشريع الإسلامي بأن يسأل أهل الذكر وهم الفقهاء لقوله تعالى: "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون"، وقال صلى الله عليه وسلم: "أجرأكم على الفتوى أجرأكم على النار". وأضاف ل"المصريون": "المعروف أنه لا يقبل على الفتوى إلا أهل الفقه، أما ما يفتي به السلفيون فهو أمر مرفوض، ولا يمكن الحديث عنه لأن هناك جهات أمنية وقضائية من حقها اتخاذ إجراءات ضد من يصدرون مثل هذه الفتاوى التي من شأنها أن تثير بلبلة". وأضاف: "ليس كل من في الأوقاف متخصص في الفقه، وليس كل من تخرج من الأزهر فقهي، للفتوى أهلها فلا يصلح كل من في الأوقاف أو الأزهر مع احترامي لهم للإفتاء، بل أهل الفتوى هم أهل الفقه، وهم وحدهم مختصون بشئون الفتوى، لكونهم مؤهلين ودارسين للفقه وأصوله". عمرو عبدالمنعم، الباحث في الحركات الإسلامية، والحاصل على الماجستير في "الفتوى وقضايا المجتمع المصري في النصف الأول من القرن العشرين"، يرى أن "موضوع الفتاوى مطروح منذ فترة وليس الأمر متعلقًا فقط بفتوى السلفيين حول حرمة تهنئة الأقباط بأعياد الميلاد، وقد تم تحديد الجهات الرسمية المعنية بالإفتاء المحصورة في الأزهر ودار الإفتاء". وأضاف ل"المصريون": "أقرت الجهات الرسمية بعدم إصدار أي فتاوى إلا من خلالها، وتم طرح هذا الأمر من خلال التوصيات النهائية في المؤتمرات الثلاثة الأخيرة للإفتاء، إضافة إلى التنويه بالقضية في مؤتمرات الأزهر". ورأى أن "فتاوى السلفيين الغرض منها البلبلة، لكنها لا تؤثر على الرأي العام، وذلك لعدم انضباطهم في مسألة الفتوى"، لافتًا إلى أن "الفتوى الخاصة بأعياد الميلاد متجددة، يقومون بإثارتها كل عام ليس هذا العام فقط، ما يجعلها قضية قابلة للنقاش في البرلمان للوقوف بشكل جزئي حول المساءلة القانونية للمخالفين". واستطرد قائلاً: "القوانين التي يتم إقرارها تحت قبة البرلمان لن تتمكن من حسم الجدل حول فتاوى السلفيين، لا بد من مشروع قومي لإنهاء هذا الأمر".