رئيس جامعة حلوان يتفقد كلية التربية الرياضية بالهرم    وزيرة الهجرة تستقبل أحد أبناء الجالية المصرية في كندا    لجنة القيد تحت التمرين.. بداية مشوار النجومية في عالم الصحافة    سعر اليوان الصيني مقابل الجنيه اليوم الأربعاء 29-5-2024    تداول 60 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    الحكومة توضح موعد وقف خطة تخفيف الأحمال نهائيًا    بنمو 83.1%.. بنك التعمير والإسكان يحقق 2.4 مليار جنيه صافي ربح بالربع الأول من 2024    مصر تشارك في اجتماعات مجموعة بنك التنمية الإفريقي لعام 2024 بكينيا    مصر للطيران تسير اليوم أولى رحلات الجسر الجوى لنقل حجاج بيت الله الحرام    أستاذ اقتصاد: هناك طفرة اقتصادية في العلاقات بين مصر والصين في عهد السيسي    متحدث الرئاسة: قمة مصرية صينية ببكين اليوم    الاتحاد الأوروبى يبحث الخسائر البشرية فى حرب غزة    جوتيريش يدين الغارات الإسرائيلية على مخيمات النازحين فى رفح الفلسطينية    القوات الروسية تدمر أحد أكبر مخازن استلام الأسلحة الغربية فى أوكرانيا    نجم الأهلي يصدم الزمالك في الميركاتو الصيفي بسبب مارسيل كولر (خاص)    مواعيد مباريات الأربعاء 29 مايو - كأس مصر.. ونهائي دوري المؤتمر الأوروبي    دوري المحترفين، القناة يجدد الثقة في أحمد العجوز للموسم الجديد    كأس مصر، موعد مباراة الجيش وبورفؤاد والقناة الناقلة    كريم فؤاد: موسيماني جعلني أمر بفترة سيئة.. ومستوى إمام عاشور بعيد عن أي لاعب آخر    الأرصاد تحذر المواطنين.. تغيرات في الحرارة تؤثر على الطقس حتى نهاية الأسبوع    مصرع مسنة صدمتها سيارة أثناء عبورها الطريق فى البلينا بسوهاج    «تعليم بني سويف» يحذر الطلاب من اصطحاب التليفونات في امتحانات الدبلومات الفنية    تفاصيل إحالة عاطل متهم بسرقة هواتف المواطنين فى الوايلى للمحاكمة    ضبط سلع غذائية منتهية الصلاحية بالفيوم    فرقة aespa ترد على رسائل شركة HYPE للتخلص منها    «السبكي» يستقبل رئيس «صحة النواب» في زيارة تفقدية لمستشفى شرم الشيخ الدولي    جامعة القاهرة: قرار بتعيين وكيل جديد لطب القاهرة والتأكيد على ضرورة زيادة القوافل الطبية    وزير الصحة يبحث مع نظيره السعودي سبل التعاون بين البلدين بالقطاع الصحي    الصحة تناقش مع وزير الصحة السعودى الموقف التنفيذى لمشروعات التعاون المشترك    حظك اليوم وتوقعات الأبراج 29 مايو 2024: تحذير ل«الأسد» ومكاسب ل«الجدي»    بعد ترميمه.. "الأعلى للآثار" يفتتح مسجد الطنبغا الماريداني بالدرب الأحمر    عاجل| إعلام فلسطيني: مروحيات إسرائيلية تنقل جنودا مصابين جراء معارك غزة لمستشفى ببئر السبع    الري تتابع الموقف التنفيذي لمشروع تحديث أنظمة وأجهزة التشغيل والتحكم في قناطر إسنا الجديدة    توريد 223 ألف طن قمح لشون وصوامع البحيرة    بعد مجزرة المخيم.. بايدن: عملية إسرائيل في رفح الفلسطينية لم تتخط الخطوط الحمراء    وزارة الصحة تكشف نصائح لمساعدة مريض الصرع على أداء مناسك الحج بأمان    لهذا السبب.. مي نور الشريف تتصدر تريند "جوجل" في السعودية    متظاهرون مؤيدون لفلسطين يحاولون اقتحام سفارة إسرائيل في المكسيك (فيديو)    3 دول أوروبية تعترف رسميا بدولة فلسطين.. ماذا قال الاحتلال الإسرائيلي؟    محمد فاضل: «تجربة الضاحك الباكي لن تتكرر»    أفضل دعاء الرزق وقضاء الديون.. اللهم ارزقني حلالًا طيبًا    تنسيق الشهادة الإعدادية 2024.. شروط المدارس الثانوية العسكرية والأوراق المطلوبة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-5-2024    صلاة الفجر من مسجد الكبير المتعال فى بورسعيد.. فيديو وصور    رابط نتيجة الصف الثالث الإعدادي برقم الجلوس 2024.. موعد إعلانها وطريقة الاستعلام    وظائف السعودية 2024.. أمانة مكة تعلن حاجتها لعمالة في 3 تخصصات (التفاصيل والشروط)    حج 2024| ما الفرق بين نيابة الرجل ونيابة المرأة في الحج؟    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29 مايو في محافظات مصر    حج 2024| هل يجوز حلق المحرِم لنفسه أو لغيره بعد انتهاء المناسك؟    نصف شهر.. تعرف على الأجازات الرسمية خلال يونيو المقبل    «كان زمانه أسطورة».. نجم الزمالك السابق: لو كنت مكان رمضان صبحي ما رحلت عن الأهلي    جوزيف بلاتر: أشكر القائمين على منظومة كرة القدم الإفريقية.. وسعيد لما وصلت إليه إفريقيا    رئيس رابطة الأنديةل قصواء: استكمال دوري كورونا تسبب في عدم انتظام مواعيد الدوري المصري حتى الآن    أسماء جلال تكشف عن شخصيتها في «اللعب مع العيال» بطولة محمد إمام (تفاصيل)    إبراهيم عيسى يكشف موقف تغيير الحكومة والمحافظين    رسائل تهنئة بمناسبة عيد الأضحى 2024    أحمد دياب: فوز الأهلى والزمالك بالبطولات الأفريقية سيعود بالخير على المنتخب    اليوم.. محاكمة المضيفة المتهمة بقتل ابنتها في التجمع الخامس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فوضى وإسفاف التعبير عن الرأى تهدد هيبة صاحبة الجلالة
نشر في المصريون يوم 27 - 08 - 2012

من البديهى أن لكل مهنة أخلاقيات، وهى عبارة عن مجموعة من القواعد والآداب الجماعية والواجبات المكملة أو المعوضة للتشريعات التى تتعلق بالسلوك المهنى للأعضاء، وهى ما ينبغى مراعاتها عند ممارسة المهنة، واحترامها والسهر على تطبيقها، وهذه الأدبيات المهنية لا ترتبط وجودًا وعدمًا بممارسة المهنة فحسب، وإنما تنبع من الأهداف السامية للكلمة، ومن هنا تبرز أهمية الصحافة فى أداء رسالتها التنويرية فى تنمية وعى الإنسان والحفاظ على فكره، وتشكيل الرأى العام، فمن المعروف أن للكلمة سحرها ولابد لها من الخصائص التى تتناسب مع دورها الرفيع، من ثم فأخلاقيات الصحافة تتمثل فى التزامات أساسية يجب أن يتحلى بها الصحفى، والتى تكمن ضرورتها فى العمل من أجل الوصول إلى تغطية عادلة وشاملة ودقيقة وواضحة وصحيحة من أجل تحقيق الصالح العام، مع احترام القانون، وحقوق الحياة الخاصة للأشخاص، من أجل أن ينتج عملاً بنّاء من شأنه أن يؤدى الأهداف السامية للكلمة، وينال به استحسان الرأى العام.
ومن الجدير بالذكر أن قواعد السلوك المهنى قد تختلف من بلد إلى آخر طبقًا للمقومات الأساسية للمجتمع، فتوجد فى بعض البلدان قواعد متباينة لتنظيم العمل فى الصحافة، وكل وسائل الإعلام، على حين أن هذه القواعد قد يضعها المهنيون من تلقاء أنفسهم، وقد تفرض عليهم من خلال تشريعات، وتعود فى النهاية إلى مجموعة من المفاهيم التى لاقت قبولاً على الصعيد العالمى، وإن اتخذت صورًا وغايات متنوعة من حيث الصياغات وتفسير الأحكام، لكنها تشير إلى مجموعة من قواعد السلوك توضح للصحفى ماله من حقوق، وما عليه من واجبات بهدف تحقيق المصلحة العليا للوطن.
كان لافتا للنظر أن تأتى باكورة استخدام الرئيس مرسى لحقه التشريعى، بعد إلغاء الإعلان الدستورى المكمل، وانتقال السلطة التشريعية إليه بقرار بقانون يلغى عقوبة الحبس الاحتياطى فى جرائم النشر التى تقع بواسطة الصحف، لينهى دوامة الحبس الاحتياطى التى نصت عليها المادة (179) من قانون العقوبات، والتى استثنت الحبس للجرائم الخاصة بإهانة رئيس الجمهورية، ليؤكد بداية على حسن استخدامه للسلطة التشريعية، وفى أضيق الحدود كما وعد سيادته بذلك، حيث حقق مطلبًا ملحًا من مطالب الصحفيين منذ ما يزيد على ثلاثين عامًا، لتكون بداية الخطوات على الطريق الصحيح نحو استقلال الصحافة، وإلغاء ترسانة القوانين السالبة للحريات، والتى تمثل قيدًا على حرية الصحافة، والصحفيين.
صحيح أنه ينبغى للصحافة أنه تؤدى رسالتها بحرية واستقلال، وتستهدف تهيئة المناخ الحر لنمو المجتمع وارتقائه بالمعرفة المستنيرة وبالإسهام فى الاهتداء إلى الحلول الأفضل فى كل ما يتعلق بمصالح الوطن وصالح المواطنين، كما نص قانون 96 لسنة 1996 الخاص بتنظيم الصحافة فى مادته الثالثة، واعتبر فرض الرقابة على الصحف محظور، وكذلك تعطيلها أو إلغاؤها بالطريق الإدارى.
كما نص الفصل الثانى - الذى تحدث عن حقوق الصحفيين - من ذات الباب الأول الذى تحدث عن حرية الصحافة، على مباشرة الصحفيين لعملهم، وممارستهم لحريتهم فى التعبير عن الرأى والفكر، أيًا كانت اتجاهاتهم وانتماءاتهم السياسية أو الحزبية أو الفكرية بدافع من إرادتهم فى نطاق المقومات الأساسية للمجتمع، والحفاظ على الحريات والحقوق والواجبات العامة واحترام حرمة الحياة الخاصة، كذلك لا يجوز محاسبة الصحفى على رأى يبديه، أو معلومات صحيحة ينشرها، كما لا يجوز محاسبته بسبب عمله، إلا إذا ثبت إخلاله بواجباته المهنية، أو عدم سلامة مقصده على النحو المبين بالقانون، أو بإحكام ميثاق الشرف الصحفى، أو اللائحة، كما لا يجوز المساس بأمن الصحفى فى مباشرة عمله.
ولا ينبغى أن ننسى أن لكل من لهم حقوق، ينبغى عليهم الالتزام بواجباتهم، فإذا ما عرجنا على الفصل الثالث من ذات الباب الأول الذى يتحدث عن واجبات الصحفيين وجدناه يبدأ بالمادة (12) التى تنص على أن "يلتزم جميع العاملين بالصحف بقانون تنظيم الصحافة، وبلائحته التنفيذية، وبقرارات المجلس، وبأن يراعوا فى سلوكهم المهنى مبادئ الشرف والأمانة وآداب المهنة، وأعرافها وتقاليدها"، هذا ويؤدى الصحفى اليمين الواردة فى المادة (74) من القانون رقم (76) لسنة 1970 الخاص بإنشاء نقابة الصحفيين: "أقسم بالله العظيم، أن أصون مصلحة الوطن، وأؤدى رسالتى بالشرف والأمانة والنزاهة، وأن أحافظ على سر المهنة، وأن أحترم آدابها، وأرعى تقاليدها".
وفى هذا الصدد، فرق إسماعيل الوشاحى صاحب الدعوى المقدمة ضد إسلام عفيفى رئيس تحرير جريدة الدستور بين حرية التعبير، وإبداء الرأى المنبثقة من حرية الصحافة، وبين السب والقذف والتشهير والإهانة، وإشاعة الأخبار الكاذبة التى من شأنها أن تكدر السلم العام، ولفت محامى حزب الحرية والعدالة إلى أن الحزب لا علاقة له بالدعوى التى أقامها الوشاحى ضد رئيس تحرير جريدة الدستور، وإنما كان الدافع لذلك الإحساس بالمسئولية تجاه المجتمع كمواطن عادى يهمه الصالح العام.
* د.سمير صبرى: استثناء الصحفى من جرائم السب والقذف والتشهير وفبركة الأخبار غير دستورى لأنه يتضمن تفرقة على أساس المهنة
الدكتور سمير صبرى المحامى بالنقض، تقدم بثلاثة بلاغات ضد جريدة الدستور للنائب العام، حيث اعتبر قرار الرئيس مرسى بإلغاء الحبس الاحتياطى فى جرائم النشر، وحظر حبس الصحفيين احتياطيًا بداية لما انتهى إليه عصر مبارك، ولم يأت بجديد، لافتًا إلى أنه كان يتعين أن يتضمن هذا القرار الحبس الاحتياطى فيما ينشأ عن الرأى والتعبير والإبداع، وكشف الفساد، معتبرًا هذه الأشياء تدخل ضمن حرية الصحافة، ومن ثم لا ينبغى للصحفى أن يتعرض لعقوبة الحبس حال تناوله لها.
وأوضح المحامى بالنقض أنه إذا تجاوز الصحفى حد إبداء الرأى أو النقد وصولاً إلى درجات السب والقذف والإهانة، فلابد أن يتم تطبيق القانون على هذه الوقائع تطبيقًا صارمًا، رافضًا التعرض لحياة الأشخاص الخاصة وأعراضهم وسبهم، واصفًا هذه الوقائع بأنها تشكل جرائم فى قانون العقوبات، ولا تدخل على الإطلاق فى نطاق حرية الصحافة، موضحًا أنه كان يتعين أن يكون هناك استثناء فى الحبس الاحتياطى فيما يتعلق بالعمل الصحفى الذى لا يتجاوز هذه الحدود إلى درجة السب والقذف، وخاصة إذا كان هذا التجاوز متعلقًا بسب وقذف رئيس الجمهورية، فإنه يتعين أن تكون العقوبة مشددة، لأن كل وسائل الإعلام على مستوى العالم تتناقل أخبار الرؤساء، وخصوصًا أن العالم أصبح كالقرية الصغيرة، مشيرًا إلى أنه فوجئ بالحملة التى تقوم بها جريدة الدستور بوجه خاص، واتخاذها اتجاه الفزع وإدخال الرعب، وتهديد الأمن والمواطن بوقائع لا تصادف صحيح الواقع، ولا القانون، وهو ما جعل صبرى - على حد قوله - يتقدم بثلاثة بلاغات ضدها، مستدركًا أن ذلك بدر منه ليس بقصد التضامن مع جماعة الإخوان المسلمين، ولا مع أى فكر أو اتجاه، بل كان السبب أنه مواطن شهد هذا الترويع بهذا الشكل الفج على صدر صفحة الجريدة الأولى، مما أدى إلى انهيار تام فى الاستثمار، وانهيار فى المجال السياحى لم يتكرر منذ أحداث الأقصر المؤسفة حتى يومنا هذا، وفزع كبير فى الاقتصاد أدى إلى هروب أموال الأقباط للخارج، دون مبرر لذلك.
وأشار صبرى إلى أن إدخال الرعب فى قلب المواطن يدخل ضمن أعمال البلطجة الفكرية، نافيًا أن يدخل ذلك ضمن نطاق العمل الصحفى، مطالبًا بتوقيع أقصى عقوبة على جرائم السب والقذف.
وأشار المحامى بالنقض إلى أنه لا يستثنى من هذا الصحفى وغير الصحفى؛ لأنه إذا كان هذا القرار الجمهورى تضمن كل وقائع الصحفيين أيًا كان نوعية النشر، أصبح هذا النص غير دستورى؛ لأن المواطن العادى غير الصحفى يعاقب على السب والقذف، والصحفى لا يعاقب، ومن ثم توجد تفرقة بين المواطنين على أساس المهنة الصحفية، مؤكدًا أن هذا القرار إذا طعن عليه سوف يقضى بعدم دستوريته فى الشق الخاص بالسب والقذف فى جرائم النشر.
* خالد ميرى: إلغاء عقوبة السجن فى جرائم النشر واستبدالها بالغرامة والتعويض مطلب أساسى للنقابة
من جانبه، أوضح خالد ميرى عضو مجلس نقابة الصحفيين أنه سبق للنقابة أنها نجحت فى إلغاء عقوبة الحبس الاحتياطى فى جميع الجرائم باستثناء جريمتين فقط، وهما: إهانة الرئيس، وإهانة رئيس دولة أجنبية أثناء وجوده فى مصر، واصفًا قرار الرئيس مرسى فى إلغاء الحبس الاحتياطى فى هاتين الجريمتين بالخطوة الإيجابية على طريق ما تطالب به النقابة، مستدركًا أنه فى النهاية يظل لدينا حوالى أربعين مادة فى قانون العقوبات تتيح حبس الصحفيين فى جرائم النشر، لأنه لم يتم إلغاء عقوبة الحبس إلا فى جرائم السب والقذف فقط، لافتًا إلى أنه ما زال الزميل إسلام عفيفى معرضًا لأن يصدر ضده حكمًا بالحبس.
وأشار عضو مجلس نقابة الصحفيين إلى أنه مطلب أساسى للنقابة على مدار السنوات الطويلة، ومطلب أساسى للجماعة الصحفية بأكملها، أن يتم إلغاء هذه المواد، لأنه لا وجود لها فى أى دولة حرة متقدمة، لافتًا إلى أنه ينبغى أن يتم استبدالها بعقوبات الغرامة والتعويض، مع قيام النقابة بدورها فى تطبيق قانون النقابة، وتفعيل ميثاق الشرف الصحفى، حال محاسبة الصحفى المتجاوز بقصد الإساءة إلى الآخرين تأديبيًا، لافتًا إلى أن هذه العقوبات ليست هينة، فهى تصل إلى حد شطب الصحفى من جدول النقابة، ومنعه من ممارسة العمل الصحفى، موضحًا أنه إذا تحدثنا فى إطار عملى متكامل من الممكن تفعيل هذا الدور للنقابة، مع تفعيل دور المحاكم المدنية فى محاسبة المخطئ، على أن يتم إلغاء عقوبات الحبس فى كل جرائم النشر، منبهًا أن هذه حزمة متكاملة يجب أن تعمل فى إطار منظومة واحدة.
* صلاح عيسى: لابد من تطوير ميثاق الشرف فنحن نريد النقابة لا النيابة
الكاتب الكبير صلاح عيسى رئيس تحرير جريدة القاهرة يقول: بالنسبة للقرار بقانون الذى أصدره الرئيس مرسى مساء الخميس الماضى ألغى آخر ما تبقى من الحبس الاحتياطى الذى ألغى فى عام 1996 ولم يبق منه سوى الحالة التى ألغاها الرئيس، موضحًا أن المادة (41) من القانون 96 لسنة 1996 الخاص بتنظيم الصحافة كانت تنص على أنه لا يجوز الحبس الاحتياطى فى الجرائم التى ترتكب بواسطة الصحف إلا إذا كان ذلك متعلقًا بالمادة (179) من قانون العقوبات، وهى المادة الخاصة بإهانة رئيس الجمهورية.
ولفت الكاتب الصحفى إلى أن المشكلة الأساسية لا تعلق فقط بإلغاء هذا الجانب من عقوبة الحبس الاحتياطى، وإنما فى الحبس نفسه كعقوبة، وهذا ما زال قائمًا فى ترسانة هائلة من قانون العقوبات، وعدة مواد أخرى فى عدد من القوانين الأخرى.
وطالب رئيس تحرير جريدة القاهرة بإلغاء جميع العقوبات السالبة للحريات فى جميع جرائم النشر، موضحًا أن هذا يعنى إلغاء عقوبة الحبس، واستبدالها بالغرامة والتعويض المدنى للمتضررين، فمن حق المتضرر أن يرفع قضية مباشرة للمطالبة بالتعويض المدنى، والقانون ينظم هذه العقوبة، لافتًا إلى أن هذا النهج معمول به فى كل دول العالم الديمقراطية المتقدمة، فلا توجد عقوبات بدنية فى جرائم النشر، سواء ارتكبت بواسطة الصحف أو بأى وسيلة أخرى من وسائل العلانية وتشمل التليفزيون والإذاعة والخطابة فى المساجد والهتافات فى المظاهرات ومواقع التواصل الاجتماعى وكل وسائل الاتصال الحديثة.
وحول آليات تنظيم قواعد المهنة، أشار الكاتب الصحفى إلى أن هناك تنظيماً بالفعل يتعلق على الأقل بالصحف، فهناك ميثاق شرف صحفى بمقتضى هذا الميثاق الذى وضعته الجمعية العمومية للصحفيين منذ عام 1996، وهذا الميثاق يتضمن عقوبات تقع على الصحفى تبدأ بلفت النظر، ثم تنتقل إلى الإنذار والغرامة، ثم المنع من مزاولة المهنة لمدة شهر، ثم ثلاثة أشهر، ثم لمدة سنة، ثم الفصل النهائى والشطب من جدول قيد النقابة، مستنكرًا على مجلس النقابة إهمال هذه الأمور، وعدم اتخاذ إجراءات التحقيق حينما يقدم الصحفى له، مع تقديم كل الضمانات له للدفاع عن نفسه وتبرير موقفه، كما أن هناك لجنة تأديب ابتدائية، وأخرى استئنافية، وبهما عناصر قضائية وأخرى مهنية، وكان دستور 1971 ينوط بالنقابة دون غيرها وضع ميثاق الشرف الصحفى، ومحاسبة أعضائها، لكن النقابات المهنية مجالس إدارتها منتخبة، فأعضاء المجلس ينطلقون من نظرية ترى أنه على النقابة أن تنصر الصحفى ظالمًا أو مظلومًا، وبالتالى لا تحرك القضايا التأديبية فى مخالفات ميثاق الشرف الصحفى، مطالبًا بتطوير ميثاق الشرف نفسه بحيث يكون لدينا ميثاق عام ومواثيق نوعية، داعمًا لشعار النقابة وليس النيابة.
* د.محمد وهدان: على الصحفيين أن يدركوا أن الحرية المطلقة تؤدى إلى الفوضى والحرية تنتهى حيث تبدأ حريات الآخرين
وفى سياق متصل، أكد الدكتور محمد وهدان أستاذ الإعلام بجامعة الأزهر الشريف أن قرار الدكتور مرسى طال انتظاره، وتحقق هذا الحلم الذى رواد جموع الصحفيين على يد الرئيس المنتخب بعد أن تعرض العديد من الصحفيين للحبس على يد النظام السابق، مشيرًا إلى أن هذا القرار أنصف السلطة الرابعة، مستدركًا أنه بقى على الرئيس مرسى أن يصدر عفوًا عن رئيس تحرير جريدة الدستور.
ولفت أستاذ الإعلام إلى أنه ينبغى أن تكون هناك تشريعات تنظم الصحافة، وتحدد أدبياتها وأخلاقياتها، على أن يحاسب الصحفى نقابة الصحفيين فيما يتعلق بأمور النشر، مضيفًا أن الصحفى لا ينبغى أن يقف فى محكمة أبدًا بسبب رأيه، على أن يقتصر دور المحاكم على ارتكاب جرائم جنائية، منبهًا أنه على الصحفيين أيضًا أن يعرفوا أن الحرية المطلقة تؤدى إلى الفوضى، فالقلم له خطورته، وقد أقسم الله تعالى به، وكذلك الكلمة، فالحرية تنتهى حيث تبدأ حريات الآخرين.
* د.محمود يوسف: نحن نعيش فوضى التعبير عن الرأى وهناك إعلاميون يدعون إلى الفتنة والتحريض كانوا يخدمون ملف التوريث من قبل
وحذر الدكتور محمود يوسف وكيل كلية الإعلام جامعة القاهرة من مغبة تخوين بعضنا بعضًا، وكيْل الاتهامات للبعض بدون أدلة، موضحًا أنه لا توجد حرية فى العالم بغير ضوابط، متعجبًا من كثير من الأقلام، والمتحدثين من الإعلاميين الذين يزعمون أنهم يتحدثون عن الديمقراطية، ويريدون من الديمقراطية أن تأتى بمن يريدونه، ذاكرًا أن منتج الديمقراطية التى عشناها أتى بالرئيس مرسى، ومن هنا ينبغ أن تلتزم الأقلية حتى ولو كانت 49% باحترام رأى الأغلبية، منبهًا أن الكثير من الأقلام والإعلاميين متربصون لتصيد ما يظنون أنه أخطاء، ولا يلتفتون إلى الإيجابيات إطلاقًا، والتى يتصدرها إنهاء حكم العسكر، مشيرًا إلى أنه مع حرية الرأى والتعبير، مستنكرًا أنه لم يجد أحدًا من الصحفيين كتب عن الشائعات الكاذبة التى تناولتها الصحف، والكثير من وسائل الإعلام عن عمد وسوء نية، ولم يتحدث أحد عن البذاءات والإسفاف والتدنى بلغة الخطاب العام التى قدمتها بعض وسائل الإعلام، ولم يتحدث أحد عن أن حرية الرأى لم تكن تعنى الخوض فى الخصوصيات، فلم تكن أبدًا بغير ضوابط، موضحًا أن هناك ضوابط فى تشريعات الإعلام المصرية مثل حق الخصوصية، وما يتعلق بالقيم الدينية، ومصلحة المجتمع، متسائلاً كيف يقال عن رئيس أنه زعيم عصابة، ولديه ميليشيات؟، فكل ما كتب بهذا الصدد تطاول يعاقب عليه القانون، وليس مصادرة حق التعبير، وإنما هى فوضى التعبير عن الرأى، حيث لا مهنية الإعلام، ولا تشريعاته تقضى بهذا الذى يحدث، ونحن مع حرية التعبير المنضبطة، منبهًا أن الصحفيين يحاكمون الرئيس على أشياء لم يقم بها بعد، ويقارنون بينه وبين مبارك، ولا مجال للمقارنة بين أستاذ الجامعة الذى جاء رئيسًا منتخبًا وبين ثلاثين سنة من الفساد، واصفًا المظاهرات التى خرجت لمعارضة الرئيس قبل أن يكمل شهرين فى منصبه بالمأجورة التى تدار بالأموال المنهوبة من الشعب، بهدف إشاعة الفوضى من جديد.
وشدد وكيل كلية الإعلام على إعادة نظر للمنظومة الإعلامية بحيث نبحث عن الكلمة المنضبطة، فالمهنية مراعاة تشريعات الإعلام.
* د.كمال القاضى: حرية الإعلام مكفولة تحت قيدين اثنين لا ثالث لهما.. القواعد القانونية والقيم الأخلاقية
وعلى صعيد آخر، أشار الدكتور محمد كمال القاضى أستاذ التشريعات الإعلامية بجامعة حلوان إلى أن البداية تكون من الدستور، موضحًا أنه فى الدول الديمقراطية الحديثة التى تعتمد على استراتيجيات ثابتة هذا النص لابد أن يكون فى الدستور، وليس للصحفيين وحدهم، لكن لكل من يمتهن الوظيفة الإعلامية سواء كانت تليفزيونية أو إذاعية أو صحفية، أو إلكترونية، لافتًا إلى أنه كان من الأولى أن يعلن أمام الرأى العام أن اللجنة التأسيسية للدستور وافقت بالإجماع على مبدأ الحرية الإعلامية، لكن ما تواتر إلينا يدل على أن الاتجاه فى التأسيسية رافض لهذا المبدأ، مشددًا على أن هذا المبدأ أساس من الأسس القوية للبناء الديمقراطى فى أى دولة، فحرية الإعلام ليس هناك مجال للاختلاف حولها، منبهًا أنها مكفولة تحت قيدين اثنين لا ثالث لهما وهما: القواعد القانونية، والقيم الأخلاقية السائدة فى المجتمع، وهى تختلف من دولة إلى أخرى.
ونبه أستاذ التشريعات الإعلامية أن الأمر لا يحتاج إلى مزايدة، أو خلاف فى التأسيسية كما تواتر إلى الرأى العام حول مفهوم الحرية الإعلامية.
وأشار القاضى إلى أنه إذا كانت النيات حسنة والمقاصد سليمة فلا يوجد خلاف حول سطر واحد ألا وهو "الدولة تكفل حرية الإعلام بشرط عدم مخالفته للقواعد القانونية، والقيم الأخلاقية"، واصفًا صدور قرار بقانون يعد فى ظاهره منحة للصحفيين، حيث كان من المفروض أن يعلن أمام الرأى العام أن هذا المبدأ سوف يكون فى الدستور الجديد، لافتًا إلى أن هذا يكون أكثر ضمانة لمهنة الصحافة بوجه خاص، وللمهنة الإعلامية بوجه عام.
كما طالب القاضى الموقف النقابى بأن يكون أكثر قوة من الموقف الحالى، مستنكرًا أن يكون ميثاق الشرف الصحفى مجرد حبر على ورق، لم يفعّل، مرجعًا ذلك إلى أمرين: إما نصوصه بعيدة تمامًا عن أرض الواقع، أو أن من بيده تفعيله لا يقدر على ذلك، منبهًا أن المنظومة الإعلامية ينبغى أن تعاد صياغتها من جديد وفقًا للأسس والقواعد الديمقراطية المتعارف عليها فى العالم، إذا كنا جادين فى تطبيق الحرية والديمقراطية فى مصر، فحرية الإعلام هى ضابط الإيقاع لجميع أنواع الحريات الأخرى.
ونبه أستاذ التشريعات الإعلامية أننا فى هذه المرحلة نحتاج إلى تشريعات إعلامية لضبط قواعد السلوك المهنى بشرط أن تكون ديمقراطية، ثم يترك الأمر فى المرحلة القادمة بعد التقدم فى طريق الديمقراطية أن نستغنى عن التشريعات بمواثيق الشرف الإعلامية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.