عقب العدوان، الذى وقع على موقع الحدود المصرى فى كرم أبوسالم، تم التخطيط له بواسطة أجهزة الموساد، وتم تنفيذه بواسطة إحدى وحدات المستعربين فى الجيش الإسرائيلى، التى ربما تكون قد استعانت ببعض العملاء سواء من سيناء أو غزة، وبعد إتمام القضاء على القوة المصرية، انسحبت هذه الوحدة بعد ما وضعت العملاء فى المدرعة المصرية المختطفة، وبمجرد اجتياز المدرعة لخط الحدود كان فى انتظارها فى الجو إحدى طائرات الأباتشى الإسرائيلية فقصفتها بصاروخين أديا إلى احتراقها وتفحم جثث الخمسة الموجودين بها، التى سلمتها إسرائيل لمصر. سارت الحسابات الإسرائيلية كالآتى: • لا يوجد أى دليل ملموس يشير إلى مسئولية إسرائيل عن العملية • سوف يثور الشعب المصرى ويطلب القصاص.. وإذا فشلت الحكومة فى تقديم المتسبب فإنه سيطلب القصاص من حكومة الرئيس مرسى نفسه • مصر لن تحاول أن توجه ردها العسكرى فى اتجاه إسرائيل • مصر لن تحاول أن توجه ردها العسكرى فى اتجاه غزة واستبعادها نتيجة إدراكها لعدم استفادة غزة من العملية. • لا يوجد سوى الطرف الضعيف، الذى ليس له ذنب لتصب عليه مصر جام غضبها استجابة للضغط الشعبى. وفعلا قررت مصر أن توجه ضربة عسكرية إلى بعض مناطق سيناء فقامت بتحريك عدد من الوحدات المدرعة من الجيش الثانى الميدانى إلى داخل سيناء وتم حشدهم فى المنطقة ج المتاخمة للحدود الإسرائيلية، ومع أن ذلك مخالف لاتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، إلا أن إسرائيل لم تعترض مما يثير الشك فى نواياها.. قامت القوات المصرية فى اليوم التالى بما فى ذلك طائرات القوات الجوية باستهداف بعض مناطق سيناء خاصة جبل الحلال، مما ترتب عليه سقوط 30 قتيلا مدنيًا، ولعل الشعب المصرى قد اعتبر ذلك ردًا لكرامته، وبالتالى لم يتحرك ضد الرئيس مرسى، فهل انتهى الموضوع عند ذلك الحد؟ طبعًا لم ينته الموضوع.. وإنما بدأ النصف الثانى من السيناريو البديل، الذى خططته إسرائيل، فقد تحولت العملية العسكرية المحدودة إلى شكل من حرب العصابات بين بدو سيناء ووحدات الجيش المصرى القائمة بالضربة لاستنزافها.. وتصاعدت وتيرتها يومًا بعد يوم ومازالت.. وهنا تبرز ثلاثة أسئلة إستراتيجية مهمة: السؤال الأول هل وضعت قيادة العمليات العسكرية فى مصر هذا الاحتمال فى حسبانها، وهو أن تتحول الضربة العسكرية المحدودة إلى حرب عصابات تستنزف الجيش المصرى. السؤال الثانى هل وضعت قيادة العمليات العسكرية فى مصر فى حسابها طول خطوط الإمداد بالذخيرة وقطع الغيار بالنسبة إلى الجانب المصرى والتى تصل إلى أكثر من ثلاثمائة كيلومتر فى أرض مكشوفة. السؤال الثالث هل وضعت قيادة العمليات العسكرية فى مصر فى حسابها - خاصة بعد أن أعلنت إسرائيل أمس عن اعتراضها على وجود القوات المصرية والمعدات الثقيلة فى المنطقة ج من سيناء، وأن هذا يخالف بنود اتفاقية السلام – أقول.. هل وضعت قيادة العمليات العسكرية فى مصر فى حسابها أن تقوم القوات الإسرائيلية بتطويق القوات المصرية الموجودة فى سيناء، ومن ثم حصارها ومنع وصول الإمدادات إليها. وسوف يترتب على هذا الاحتمال أمرين سيحدثان متزامنين فى نفس الوقت: • أولا– سوف تدفع مصر بالمزيد من القوات لفك الحصار عن القوات الموجودة فى سيناء، وسوف تكون هذه فرصة العمر لإسرائيل للدخول فى معركة جديدة مع الجيش المصرى، الذى بنى عقيدته العسكرية وإمكانياته القتالية وتسليحه على أن حرب أكتوبر 73 كانت آخر الحروب، مما يمكن إسرائيل من إعادة احتلال سيناء مرة أخرى. • أيضًا سيترتب على ذلك تلقائيًا سقوط نظام حكم الثورة والرئيس مرسى فى مصر لثورة الشعب عليه والعودة ثلاثين عامًا إلى الوراء، وهو ما كانت إسرائيل تسعى إليه منذ بداية عملية قتل الجنود المصريين فى معبر كرم أبوسالم. والآن هل تذكرون قولى لكم.. لا يوجد أمن قومى مصرى.. دون برنامج نووى مصرى