عقب العدوان الذى وقع على موقع الحدود المصرى فى كرم أبوسالم كتبت وجهة نظرى، مرجحا أن هذا العمل قد تم التخطيط له بواسطة أجهزة الموساد، وتم تنفيذه بواسطة إحدى وحدات المستعربين فى الجيش الإسرائيلى التى ربما تكون قد استعانت ببعض العملاء سواء من سيناء أو غزة، وبعد إتمام القضاء على القوة المصرية انسحبت هذه الوحدة بعد ما وضعت العملاء فى المدرعة المصرية المختطفة يقودها الجندى المصرى الأسير وأمرتهم بالتوجه إلى الحدود الإسرائيلية لتهريبهم طبقا لما تم الاتفاق عليه، وبمجرد اجتياز المدرعة لخط الحدود كان فى انتظارها فى الجو إحدى طائرات الأباتشى الإسرائيلية فقصفتها - طبقا للخطة الموضوعة - بصاروخين أديا إلى احتراقها وتفحم جثث الخمسة الموجودين بها، مما تعذر معه الاستدلال على البصمات أو الحمض النووى لأى من الأشلاء الممزقة المتفحمة التى سلمتها إسرائيل لمصر. سارت الحسابات الإسرائيلية كالآتى: لا يوجد أى دليل ملموس يشير إلى مسئولية إسرائيل عن العملية. سوف يثور الشعب المصرى ويطلب القصاص من المتسبب أيا كان.. وإذا فشلت الحكومة فى تقديم المتسبب فإنه سيطلب القصاص من حكومة الرئيس مرسى نفسه. مصر لن تحاول أن توجه ردها العسكرى فى اتجاه إسرائيل لاختلال ميزان القوى لصالح إسرائيل. مصر لن تحاول أن توجه ردها العسكرى فى اتجاه غزة واستبعادها نتيجة إدراكها لعدم استفادة غزة من العملية، ولأن غزة ليست جزءا من الدولة المصرية. لا يوجد سوى الطرف الضعيف الذى ليس له ذنب لتصب عليه مصر جام غضبها استجابة للضغط الشعبى. وفعلا قررت مصر أن توجه ضربة عسكرية إلى بعض مناطق سيناء فقامت بتحريك عدد من الوحدات المدرعة من الجيش الثانى الميدانى يصاحبهم بعض قوات الشرطة إلى داخل سيناء وتم حشدهم فى المنطقة ج المتاخمة للحدود الإسرائيلية، ومع أن ذلك مخالف مخالفة صريحة لإتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، إلا أن إسرائيل لم تعترض ولم تستنكر مما يثير الشك فى نواياها. قامت القوات المصرية فى اليوم التالى بما فى ذلك طائرات القوات الجوية باستهداف بعض مناطق سيناء خاصة جبل الحلال، مما ترتب عليه سقوط 30 قتيلا مدنيا عشرون فى اليوم الأول وعشرة فى اليوم الثانى، ولعل الشعب المصرى قد اعتبر ذلك ردا لكرامته، وبالتالى لم يتحرك ضد الرئيس مرسى، فهل انتهى الموضوع عند ذلك الحد؟ طبعا لم ينته.. وإنما بدأ النصف الثانى من السيناريو البديل الذى خططته إسرائيل فقد تحولت العملية العسكرية المحدودة إلى شكل من حرب العصابات بين بدو سيناء ووحدات الجيش المصرى القائمة بالضربة لاستنزافها، وتصاعدت وتيرتها يوما بعد يوم ومازالت .. وهنا تبرز ثلاث أسئلة إستراتيجية مهمة: السؤال الأول هل وضعت قيادة العمليات العسكرية فى مصر هذا الاحتمال فى حسبانها وهو أن تتحول الضربة العسكرية المحدودة إلى حرب عصابات تستنزف الجيش المصرى، وتتطلب تحريك المزيد من القوات والتجهيزات إلى سيناء كل يوم، كما تتطلب أنوعا مختلفة من القوات والتجهيزات. السؤال الثانى هل وضعت قيادة العمليات العسكرية فى مصر فى حسابها طول خطوط الإمداد بالذخيرة وقطع الغيار بالنسبة إلى الجانب المصرى والتى تصل إلى أكثر من ثلاثمائة كيلومتر فى أرض مكشوفة، وقصرها أو انعدامها بالنسبة لبدو سيناء أو بالنسبة للإسرائيليين وما قد يترتب على ذلك بالنسبة للعمليات المحتملة. السؤال الثالث هل وضعت قيادة العمليات العسكرية فى مصر فى حسابها - خاصة بعد أن أعلنت إسرائيل أمس عن اعترضها على وجود القوات المصرية والمعدات الثقيلة فى المنطقة ج من سيناء الملاصقة لحدودها، وأن هذا يخالف بنود اتفاقية السلام – أقول.. هل وضعت قيادة العمليات العسكرية فى مصر فى حسابها أن تقوم القوات الإسرائيلية بتطويق القوات المصرية الموجودة فى سيناء ومن ثم حصارها ومنع وصول الإمدادات إليها - كما حدث مع الجيش الثالث الميدانى فى حرب أكتوبر - بدعوى أنها تهدد أمنها القومى.. وأنه لم يتم استشارتها أو أخذ موافقتها عند إدخالها. وسوف يترتب على هذا الاحتمال أمران سيحدثان متزامنين فى نفس الوقت: أولا – سوف تدفع مصر بالمزيد من القوات لفك الحصار عن القوات الموجودة فى سيناء، وسوف تكون هذه فرصة العمر لإسرائيل للدخول فى معركة جديدة مع الجيش المصرى الذى بنى عقيدته العسكرية وإمكانياته القتالية وتسليحه على أن حرب أكتوبر 73 كانت آخر الحروب، مما يمكن إسرائيل من إعادة احتلال سيناء مرة أخرى، تمهيدا لتحقيق حلم إسرائيل الكبرى. أيضا سيترتب على ذلك تلقائيا سقوط نظام حكم الثورة والرئيس مرسى فى مصر لثورة الشعب عليه والعودة ثلاثون عاما إلى الوراء، وهو ما كانت إسرائيل تسعى إليه منذ بداية عملية قتل الجنود المصريين فى معبر كرم أبوسالم. والآن هل تذكرون قولى لكم.. وتكراره منذ عام 2009 حتى الآن.. لا يوجد أمن قومى مصرى.. دون برنامج نووى مصرى ألا هل بلغت.. اللهم فاشهد..